info@daheshism.com
أسرار المادة والجماد

 

-                          من هالك إلى مالك

 عندما ختم القضاء التحقيق في هذه القضيّة استدعت النيابة (بول) وسلّمته الدينار .

فتمنّيت للمرّة الثانية لو استطعت تمزيق كفّ هذا الشرّير الذي هاجم منزل لوسي الراحلة بمساعدة  ثلاثة من رجال الشرطة كأنهم يقتحمون حصن إحدى العصابات التي تعيث في البلاد فساداً أو ترتكب أخطر الجرائم الهائلة .

ولكن كيف يمكنني تنفيذ فكرتي وأنا لا أملك الوسائل التي تكفل لي تنفيذ ما أتمنّاه ؟...

وحملني هذا البدين وسار بي وهو يكاد يطير فرحاً . وجعل يقف بين الحين والآخر أمام كل حجر يصادفه في طريقه ويمتحن رنيني بإلقائي عليه كي يتأكّد سلامتي من الزيف ...

وكان يطرب عند سماعه رنين ذهبي الصحيح المنبعث من اصطدامي بجسم الحجر الصلد . فيرفعني أمام عينيه ويتملّى جيداً بمشاهدة وجهي المشرق دون أن يشبع نهمه المتدفّق .

ومررنا بقرب حانون لبيع الورود المختلفة الأنواع فتمنّيت لو يبتاع بي وروداً يانعة ينمّقها بشكل إكليل جميل ويضعه على جدث لوسي المضطجعة ضجعة الأبد .

ولكنه تجاوز الحانون دون أن يلقي عليه بنظرة أو رنوة فازدادت حسرتي واشتدّت حفيظتي عليه .

فعيني بصيرة ويدي قصيرة . فهي لا تستطيع تأديبه والاقتصاص من بخله .

ومرّ به صديق فاستوقفه وطارحه السلام . وقبل أن يمدّ اليد التي يحملني بها . كي يصافحه أدخلها في جيبه بحركة آليّة (ميكانيكيّة) والقاني في داخلها . ثم صافحه وجعل يتجاذب معه أطراف الحديث . وحانت مني التفاتة فإذا بي أمام ثقب ضيق الفتحة . فجعلت ألقي بثقلي عليه بكلّ ما أوتيت من قوّة .

وبعد ما بذلت مجهوداً جباراً نجحت في الخروج .

وصادف سقوطي على قشرة برتقال منعت صوت اصطدامي من البلوغ إلى أذنيه .

ومرّ حمّار يسوق أمامه حماره .

فانتحى الصديقان جانباً ليفسحا الطريق للحيوان الذي كان يلتهم ما يصادفه في طريقه من نفايات الخضار والقشور .

وبعد لحظات كنت أقطن في جوفه الكبير ...