info@daheshism.com
أسرار الزمن والأعوام

 

 

أيتها الصحراءُ الممتدّة

                                 

أيتها الصحراء الموغلة في الاتساع الرهيب!

يا من أوجدكِ الموجد منذ انبثقتْ كرتُنا الأرضية!

أيتها الجاثمة في فضاء دنيانا العجيبة الغريبة!

أيتها الموشحة بالشمس، المتلفعة بالهواء، والمتوجة بالكواكب!

أيتها الحانية على الرمال التي تملأ صفحتكِ!

أيتها الضامة الصخور القابعة في منبسطك!

حدثيني أيتها الصحراء القاحلة حدثيني،

وأنبئيني أيتها الجبارة عن القوافل التي ارتادتكِ؟.

كم منها قد طوته كثبانُكِ العجيبة!

وكم منها قد ابتلعته رمالُكِ الغريبة!

وكم من المرات قد بدوتِ كبحيرات عذبة المياه

تراءت لعيون القاطعين لفلواتك الرهيبة،

فهرعوا إلى مصدر الماء ليرتووا بعد أيام عطشٍ عسيرة،

وإذا ما يرونه سرابٌ في سراب وترابٌ في تراب...

وما لبثوا حتى لفظا أنفاسهم فاضطجعوا على التراب!

نعم حدثيني أيتها الصحراء الأبدية عن صخوركِ الرصاصية،

كيف شوتها نيرانُ الشمس طوال آباد وقرون.

وحدثيني عن رمالكِ الكثيفة وهي تغلي من الحرارة في النهار.

وكيف تتجمد في الليل من تأثير البرودة الشديدة!

حدثيني، حدثيني عن أسرار النجوم التي تراقبينها منذ ملايين السنين،

وعن الغيوم البيضاء التي تجوب مسافاتكِ الأبدية.

ثم حدثيني عما تساقط عليكِ من أمطار في الليل والنهار.

وحدثيني عن وحدتكِ القاسية الرهيبة أيتها الصحراء.

تُرى، هل هذا جزاء لكِ على ما ارتكبته في عوالم مجهولة؟

إنها معميات! إنها ألغاز! إنها أحاجي! إنها غوامض!

إنها مجهولات! إنها أسرار أيتها الصحراء!

                           كتبتُها في الطائرة المحلقة فوق صحراء الجزائر

                           الذاهبة إلى روما، في الساعة الثانية والنصف

                                         بعد ظهر 5/ 2/1971