info@daheshism.com
ثامنًا: نذيرُ الفناء

ومادت بهم دنياهم

 

كان يوماً أهواله مزلزلة،

فرياحه عاصفة ورعوده قاصفة،

وصواعقه مبيدة وناسفة!

وكان عويل العاصفة المدمرة

ترتج منه الأجواء فترجّع الاودية صداه المفجع!

أما أمطاره المنصبة فهولها صاعق!

وومضت البروق فأضاءت شاسع الفضاء،

ثم تساقطت الثلوج بعنفوان صارم بتار!

وسمع عواء حزين ومقبض للنفس.

وكانت العاصفة المجنونة تزمجر؛

فاقتلعت برهبةتها جبابرة الأشجار وطرحتها أرضاً؛

فإذاها جثث ممدة لا حراك بها!

ونعب بوم الخرائب بذعر فائق،

واندفعت الخفافيش تختبئ متوارية في الشقوق

كي تقي نفسها من هول غضب عناصر الطبيعة الثائرة!

ويا لها من ليلة رهيبة ليلاء!

فهي دامسة حالكة الدجنات وكدراء؛

فالمخاوف فيها مرعبة، فيا للداهية الدهياء!

وفجأة زلزلت الأرض زلزالها،

وأخرجت من أعمق أعماقها أرهب أثقالها،

وإذا بالأبنية تنهار، والصروح تندكّ دكاً،

ومعالم الحضارة تدمر وتتردم!

لقد مادت الأرض بما فيها،

بشوامخ جبالها ومترامي فيافيها!

لقد قضي على سكان الكرة الأرضية بقضهم وقضيضهم،

جزاء على ما اقترفوه من آثام جسام،

وما اجترحوه من فسق ودناسة في حندس الظلام.

لقد بطشت بهم عدالة السماء التي تمهل ولا تهمل.

وكانت نهايتهم المرعبة حافلة بالأهوال البطاشة،

ملأى بالمخاوف الطاغية التي تصبها صواعق السماء صباً حميماً!

وهكذا أبيدت كرة الفسق والدنس القذرين ومن فيها،

مثلما سبق وأبيدت سادوم وعامورة الرجستان!

وهكذا فالبشر دوماً وأبداً لا يتعظون مهما وعظوا.

فلتذهب بهم الأبالسة لجهنم النار المتقدة،

إذ بأسحق أعماقها سيخلّدون.

 

                           كتبتها في السيارة الذاهبة إلى متحف"رويال أنتاريو" بمدينة تورنتو

                           في الساعة 11إلا ربعاً من صباح

                                  4/3/1978

 

Back To  مبادىء داهشيَّة