info@daheshism.com
ثامنًا: نذيرُ الفناء

حذار ثم حذار

 

الساعة الآن التاسعة والثلث،

وأنا جالس بجانبي في فندق بيفرلي هلز، بضاحية بيفرلي هلز،في أميركا،أفكر بهذه المدينة التي وصلت إليها ليل أمس،

وأفكر بما مثّل فيها من أفراح و أتراح،

أفراح السخفاء من أبناء البشر الغارقين بالأضاليل والتوافه.

فعندما يغرقون أنفسهم بالملذات القذرة،

يظنون أن أفراحهم قد بلغت غايتها،

وحقيقة الأمر أنهم يكونون غارقين حتى أعناقهم بمباذل

سوف تكون عاقبتها وخيمة عليهم.

إن هذه المدينة حافلة بضروب الملاهي المتعددة؛

ومن لم يكن مثقلاً بالدولارات،فلا نصيب له فيها.

فالدولار أصبح رباً ومعبوداً، فهو السيد المطاع دون سواه،

وقد غرق الجميع،من قمة رؤوسهم حتى أخامصهم،

بالتهتك والموبقات الدنيئة،

فهم قد مزقوا برقع الحياة عن وجوههم،

وخاضوا في لجج المباهج الزائلة والبهارج الفانية،

متناسين زلزال عام 1906،يوم 18 نيسان منه،

ذلك الزلزال الذي دمّر مدينة سان فرنسيسكو.

وما يدريهم أن الكرّة ستعاد عليهم، إن لم يرعووا عن غيّهم،

ويندموا على تهتكم المعيب،

واندفاعهم في ارتكاب ملذات حقيرة

لن تكسبهم سوى الموت والعار.

فالحكيم  الحكيم من اعتبر واتعظ،

فيعود ويتمسك بالفضيلة

لأن الفضيلة هي الخالدة،

والرذيلة لن يكتب لها إلا الفشل التام.

إن الحرب النووية على وشك الإندلاع.

وإذ ذاك ستدكّ الأرض دكاً وستدمر تدميراً تاماً،

فيفنى أبناء آدم!

ومن كان متمسكاً منهم بالفضيلة،ولم تغرّه الشهوات الساقطة،

فإنه يجد عالماً سعيداً،وفردوساً مذهلاً بفتنته،وأبدياً بسعادته،

ينتظره ليخلد فيه متنعماً بمباهجه الإلهية اللانهائية.

وبعكسه،من ارتكب الموبقات الآثمة،وغرق في لجج الآفات المدنسة فإنه يلقى عذاباً رهيباً وشقاء سرمدياً،

فحذار،ثم حذار،ثم حذار.

 

                           ضاحية بيفرلي هلز

                           الساعة التاسعة والثلث صباحاً

                           تاريخ 19/1/1977

 

Back To  مبادىء داهشيَّة