info@daheshism.com
ثامنًا: نذيرُ الفناء

تخيلات نووية

 

المدينة العظيمة

صامته كصمت القبور،

لا حركة تشعر بوجودها،

حتى ولا نأمة.

السكينة تظللها،

والسكون الأبدي يهيمن عليها،

والصمت المطبق يسود ربوعها المضمحلة،

فأنت لا ترى سائراً ما في دروبها؛

حتى الطيور اختفت آثارها بقدرة قادر،

فلم يبق حتى عصفور واحد مغرد.

والضجيج اليومي،العامرة به مدينة الملاهي،خمدت أنفاسه،

والصخب الهائل المشهورة به طوال ليلها ونهارها،أبيدت أخباره،

لا سيارة ترى في شوارعها الممتدة،

ولا طائرة تخترق الأجواء محلقة في الفضاء،

ولا قطار يسير في خطه الحديدي،

إذ لم يعد لهذه الخطوط من وجود،

لقد اختفت آثار الحياة في هذه المدينة العظيمة،

إذ أبيدت متاجرها، واضمحلت أبنيتها وفنيت غاباتها،

والمئتا مليون من قاطني أمريكا اختفت آثارهم وعفت أخبارهم،

لأن القنابل النووية دمرت ديارهم، وأبادت آثارهم؛

فأصبح الصمت الأبدي هو السائد في هذه الربوع التعيسة.

إن هذه المسافات اللانهائية

التي كانت عامرة وتموج بملايين الخلائق،

قد دمرها الوحش النووي،وإذا بعاليها قد أصبح سافلها!

ولن تقوم لها قائمة بعد اليوم على الإطلاق؛

فقد أصبحت بلقعاً خراباً،وقفراً يباباً!

هل عرفت ما اسم هذه المدينة التعيسة التي نكبها الله نكبة هائلة تفوق نكبة مدينتي سادوم وعامورة؟

إذا كنت تجهل اسمها العظيم قبل أن تدمّر وتضمحلّ، فقد كان اسمها الشهير

نيويورك...

فواأسفاه عليها...

 

                     ضاحية دوغلاستون-نيويورك

                     الساعة العاشرة من صباح

21آب 1976

 

Back To  مبادىء داهشيَّة