info@daheshism.com
ثامنًا: نذيرُ الفناء

نيويورك و ناطحات سحابها

 

نيويورك،

أيتها المدينة الصاخبة!

أيتها المدينة التي لا تعرف ما هو النوم!

أيتها المدينة العجيبة الغريبة!

أيتها المفاخرة جميع عواصم الكرة الأرضية

بناطحات سحابها المشمخرة!

أيتها الفاجرة-المتاجرة بفتيات كثيرات

ممن تضمينهم إلى صدرك الكبير!

أيتها المضمخة بالطيوب،

المعطرة شوارعك برائحة البترول المحترق من ملايين السيارات

التي ترود دروبك الممتدة وشعابك المتشابكة!

أيتها الصبية اللعوب،والعجوز المتصابية!

والهرمة التي تنظر لحدها بصبر غريب!

أيتها السابحة بكنوزك!

القابضة بيمناك على بورصات الدنيا بأسرها!

يا من تضمين اثني عشر مليوناً من الخلائق بين جنباتك الواسعة!

أيتها المدينة التي لا يغمض لها جفن في الليل،

ولا تتعب في آناء النهار!

أيتها المدينة الغنية بمتاحفها الرائعة،

السحرية بأبنيتها العجيبة الشامخة!

أيتها الرانية نحو بروج السماء العلوية!

يا أضخم العواصم، وربة المدن، وسيدة ولايتها التسع والأربعين!

لقد جبت ربوعك يا نيويورك الضخمة الفخمة،

جبتها في خلال الأيام السبعة التي قضيتها في ربوعك الممتدة،

وشاهدت ما لم أكن لأحلم أن أشاهده في عالم التخيلات والأوهام:

إن الرذيلة قد تفشت في بعض أحيائك،

وعشش الفسق في مواخيرك القذرة!

والسائرات في دروبك ترينهنّ وقد طلقن الحياء وودعن الفضيلة،

بعدما دسن الشرف،

إذ تريهنّ وقد كشفن عن صدورهنّ ونحو رهن،

وارتدين أثواباً تكاد أن تظهر عوارتهن!

أي مدينة نيويورك الضخمة باتساعها وارتفاع ناطحات سحابها!

ألا فاعلمي بأنني حزين لما شاهدته في ربوعك؛

تعيس لأنني شاهدت المادة قد داست القيم الروحية فهشمتها!

وما كان للروح أن تغلب أو تداس!

وسيأتي يوم،يا نيويورك المتغطرسة،

وإذا عاليك سيصبح سافلك!

هذا إذذا لم ترعوي عن غيّك وفجورك،

وتعودي إلى حظيرة الروح؛

فالعودة إليها تقيك الغوائل،

يا أيتها المدينة الضالة في هذا القرن التعيس،

القرن العشرين ربيب إبليس!

 

                           نيويورك،في 18 أيلول 1969

والساعة الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً

 

Back To  مبادىء داهشيَّة