info@daheshism.com
سابعًا: لبنان وحصاد الاضطهاد

وأخيرا أسقط الطاغية وطرد المرتكب الباغية

 

هذه القنبلة المدمّرة ألقيت على ضريح زنبقة الرسالة ماجدا حدّاد                                                                                   

حيث تثوي أيضا والدة مؤسّس الداهشيّة

 

يا روحي أمّي وماجدا العزيزتين عليّ !

هي بشرى أزفّها الى روحيكما ،

فاسمعاها من عالمكما الروحاني الطاهر :

لقد طرد الشعب ذلك المرتكب الجاني شرّ طردة ، وأهانه شرّ اهانة .

فهرول الضخم الجسم والصغير العقل

يتعثّر بأذيال الخيبة ويرتطم بالذلّ والمهانة .

طرده بعدما باع للشيطان روحه ، وسلّمه ضميره ، ووهبه وجدانه .

طرده عندما امتدّت يده الملوّثة الى صندوق الأمّة .

يغترف أموالها لينفقها على ملذّاته الآثمة .

طرده عندما تاجر بالنفوذ ، وحكّم الأغبياء من آله في رقاب اللبنانيين ،

يسومونهم الذلّ ، ويسخّرونهم لقضاء مآربهم الوضيعة .

طرده عندما أفسد ضمير قدس من أقداس العدالة .

مما لم يرتكب بعضه حتى نيرون طاغية زمانه ،

طرده عندما عرف أنه حمّل زوجته

الملايين المسلوبة من الفقير والمسكين ،

فطارت بها وأودعتها في مصارف أوروبا .

طرده عندما أصبحت البلاد تعيش على شريعة الغاب ،

فالوحوش الأكثر ضراوة هو الفائز في الميدان .

طرده عندما شاهده يزجّ بالأبرياء من خصومه في السجون ،

ويطلق سراح اعوانه المعتدين .

طرده عندما رآه يدوس على بنود الدستور الذي أقسم أن يحافظ عليه ،

فكان كاذبا لئيما ، ومجرما أثيما .

طرده عندما سخّر القوانين لمصلحته ومصلحة ذويه

ممن تكدّست في خزائنهم الأموال على ظهر الشعب الكادح .

طرده عندما ضجّت شياطين جهنّم الحمراء نفسها بابنه

وتهريبه للحشيش ومتاجرته به .

طرده عندما جعل لبنان ( مزرعة ) له ولآله ،

وبقرة حلوبا تدرّ عليهم الخير الوفير ، وليمت الشعب رغم أنفه .

طرده عندما سوّد سمعة البلاد اذ شهّرها تشهيرا مرعبا ،

وهبط بسمعتها الى الدرك الأسفل ، لعنه الله .

طرده عندما لم يتورّع وهو حامي الدستور – يا للمهزلة –

من ارتكاب جريمة التزوير الدنيئة ليبقى متربّعا على عرشه ،

ناشرا لسموم افكه ، موزّعا بين الأنام مكره ، وباسطا عليهم شرّه .

طرده عندما أصبحت البلاد لا تنام الاّ على أنباء الاغتيالات ،

يقوم بها الانصار في وضح النهار ،

ولا تستيقظ الاّ على هجوم عصابات المقرّبين

على الذين لم يرضخوا لأوامر هذا المعتدي على الحقّ ،

والدائس على أشلاء الفضيلة .

لقد أصبح لبنان في عهد المجرم يئنّ أنين المختصرين

تحت ضغط هذا الكابوس العنيف المخيف .

وظنّ الجميع أنّ ليلهم الثقيل الفاحم الدجنات سيستمرّ لأعوام طويلة .

فهلعت قلوبهم ، واضطربت نفوسهم ، وخارت عزائمهم ،

وحارت أرواحهم المتألّمة من هذا الطاغية المرتكب ...

واذا بصوت من عالم الغيب يدوّي في آذان الزمان وهو يقول :

لقد دنت ساعة المجرم ، ودقّت نواقيس نهايته ،

وحلّت دقيقة خلعه وطرده .

فطرب الشعب ، وثارت حماسته ، وتأجّجت حميّته ، فثار ثورته العنيفة ، وقام قومة رجل واحد مطالبا برأس المجرم المعتدي على حقوق الشعب قاطبة .

وذهل ( الوصوليّ ) ، واصطكّت فرائضه رعبا وهولا . وانقضّت عليه أخبار الثورة الحماسة انقضاض الصواعق ترشقها السماء رشقا مزلزلا .

وجحظت عيناه من هول الموقف ، وطلب النجاة بعدما شاهد أنّ سفينته التي كان يقودها قد تحطّمت بسبب سوء قيادته لها . ولم يعد بالامكان انقاذها ، فرضخ ذليلا وأنفه راغم . وتفجّرت من عينيه دموع الغيظ والقنوط الهائلين لمصيره الأسود الذي سداه الذلّ ، ولحمته العار ، هذان الأقنومان اللذان لحقا به نتيجة لتصرّفاته المجرمة طوال أيام حكمه البغيض .

وهكذا انتهى هذا العهد الملوّث يا أمّاه ، ويا ماجداه !

انتهى على أشنع صور الاذلال المخجل لمثل هذا الوصولي المرتكب . قاتله الله وقتله !

حالما تنفّست البلاد الصعداء ، بعدما طرد سارق الجنسيّات في ظلمات الليالي الحندسيّة ، تذكّرت يا ماجدا العزيزة يوم تراءيت لي في الحلم منذ عام ، وبشّرتني بسقوط هذا المجرم قريبا ، فتأكّد لي أنها كانت رؤيا حقيقيّة ، وأنك زرتني يومذاك بروحك حقّا ، وبشّرتني بما تمّ الآن . فيا لعالم الروح الذي لا تخفاه خافية !

انّ المجرم الأكبر سرق حنسيّتي في شهر أيلول ، وفي شهر أيلول سرق سلطانه ، وتحطّم صولجانه ، وكشف زوره وبهتانه ، وتلجلج فيه من الخوف لسانه . فيا لعدالة السماء ما أعظمها !

وبسقوط الباغية الطاغية انفضّ عنه أنصاره وأتباعه ، وابتعد عن دائرته أشياعه ، وفرّ منه أعوانه ، وهوى سلطانه ...فاذا هو وحيد فريد الاّ من أشباح الجرائم الهائلة التي ارتكبها ، هي تحوم حواليه ، وتبعث الذعر في روحه الآثمة .

وساعتذاك عرف أنّ جميع من كان يظنّهم مخلصين له انما كانوا عبيد مصالحهم الماديّة ، وقد ربطتهم به أواصر الغايات الدنيويّة دون سواها .

فتألّمت روحه ، وناحت نفسه اذ عرف أيّ احترام شخصيّ كانوا يضمرونه له ، بدليل خذلانهم ايّاه بعدما طرده الشعب ذلك الطّرد الموجع الشنيع .

فيا أمّاه ، ويا ماجداه !

لقد تأكّد بالبرهان أنّ الطاغية كان يستمدّ قوّته من منصبه . عندما تحطّم عرشه ، وثلّ صولجانه ، انفضّ عنه أعوانه ، فاذا به يندب جهله !

أمّا الداهشيّون فانما يستمدّون قوّتهم  العظمى من ايمانهم الجبّار الذي يدكّ الجبال دكّا ؛

هذا الايمان الوطيد الأركان الذي هزأ ويهزأ وسيهزأ بكلّ طاغية سفّاك ، وباغية أفّاك .

فالايمان الصحيح هو الذي يثلّ العروش ، ويحطّم المناصب ، ويقوّض أرائك الحكّام ، ويلقّن الطغاة دروسا رهيبة على مدار الأيّام والأعوام .

واعلمي يا أمّاه أنّ السفينة الداهشيّة الجبّارة ستبقى ماخرة عباب الأوقيانوسات المهتاجة الثائرة ، تجتاز هوج أمواجها المزمجرة الغضوبة دون أن يعتريها أيّ ضعف أو وهن ، وستهاجم العواصف المحيطة بها من جميع نواحيها ، وستذلّل العقبات الكأداء ، وستسحق كلّ من يعترض سيرها الجبّار ، حتى تنال باذن الله كامل الانتصار .

أمّا الطاغية المطرودة سارق الجنسيّات فانني أؤكّد لك أنه سيحاسب من الداهشيّة . وسيكون حسابه عسيرا ، وسيكون انتقاما مريرا . فمرتكب الاثم لن ينجو من العقاب ، وطابخ السمّ آكله .

والان أودّعكما أيّها الروحان الخالدان الراتعان في احضان الخلود ، هناك في جنّات النعيم ذات المجد والبهاء الفائقين .

 

                                                          داهش

                                                   18 أيلول 1952

 

 

Back To  مبادىء داهشيَّة