info@daheshism.com
سادسًا: داهش المُؤَدِّبُ الإلهيّ

المنبوذ

 

من ضفة الأبدية التي تفصل عالمنا عن عالمكم،

نرسل إليك بهذه الكلمات لترشدك،

إن كان لا يزال هناك فائدة من تكرار الإرشاد،

بعد أن حدثت أعجوبة الدهر،

فهبطت عليك نعمة النور المقدس،

وغمرتك بلهيبك المطهّر!..

ويلك أيها الخاطئ الإعمى!...والشرير الساقط!..

أبعد تلك التضحية التي لا تعوّض إلا بعد آلاف السنين،بآلام لا تفهم أنواع عذابهم العميق...

تضحيته نفسه لأجل آثامك وشرورك

التي ما زلت تأتيها إلى الآن يا أشقى خلق الله!...

ويلك!...

أتنصاع لإرشاد روح الشر الساقطة الكامنة في داخلك؟

أتدعها تغلبك على أمرك،

بعد أن كشفت لك الحقيقة الناصعة؟

وماذا كان ينتظر أن تقوم به، بعد إصلاحك أيها الجاحد،

غير رجوعك إلى حظيرة الأبالسة

التي تنتظر انتهاء أجلك بفارغ الصبر!

ليكن جزاؤك مضاعفاً مئات المرات

عمن هم في الدرجة التي ستحلّ بها على الرحب والسعة!

إذ تكون المحاسبة على قدر المعرفة!..

ومعرفتك تفوق معرفة الآخرين!...

ليت أمك لم تحمل بك!..

وليت عينيك لم تفتحا للنور!...

فهذا كان أفضل لك وأسعد!

ولكنها إرادتك،وهي التي احبت لك هذا!..

ومعرفتك دفعتك لخوض هذا العباب!

فيا لهول العذاب!...

إنه ينتظرك!...

إنك تعلم بأن أعمالك التي تأتيها تطيل مدة رقيّك الروحي، وتزيده عذاباً على عذاب،وآلاماً على آلام، ومحناً جساماً لا تستطيع إيفاءها حقها أقدر الأقلام!...

ولكنه ثابت الجنان،

يراقب حوادث الزمان،

قبل عودته إلى الجنان.

فالويل ثم الويل لك!

يا مدنس اسم سليمان!...

إن سقر تتلهف شوقاً إليك،

فاضرع إلى الله أن يقبل إرجاعك

إلى الحظيرة المقدسة قبل فوات الأوان!

وقبل أن تعضّ البنان!...

فتعيش،إن قبلت،ماحييت باطمئنان!...

              ***

"يا أورشليم! يا أورشليم!....

يا قاتلة الأنبياء! وراجمة المرسلين!...

كم من مرة أردت أن أجمعك إليّ

كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها!

فلم تقبلي!...

والآن!...

أحصدي ما زرعته بمحض اختيارك!..."

              ***

تذكر أيها المنبوذ هذه الحكمة الفلسفية الإلهية

التي نطق بها السيد المسيح،قبل ألفي سنة،

للذين يدينون بتعاليمه،

ومن ثم انقلبوا عليها!...

وها هم الآن يكفرون به،

وستمرّ آلاف السنين حتى يتطهّروا،

إن قدر لهم هذا التطهر!...

فلتسحق الندامة كبدك!

وليتغلب الحزن المرير على نفسك!...

ولتنح روحك ندماً على ما جنيته أيها المسكين!

لأن اللعنة ترفرف فوق رأسك،

تريد الإستقرار لتحل عليك إلى الأبد!...

ولكن قوة غير منظورة تردعها،

لعلك ترجع!...

وإلا،

فتترك لها الحرية،

لتهوي كما شاءت إرادتك،

فتغمرك بويلاتها الجسام!

وعند ذاك،

لا رجاء لك ولا آمال!...

إذ يكون كل شيء قد انتهى عهده!

فأسرع!

قبل الفوات!

إذ لا أمل لك بالرجوع،

بعد نبذك الأبدي!

                     القدس،1933

 

 

Back To  مبادىء داهشيَّة