info@daheshism.com
مُقدِّمة إلى "جَبَل المسرَّات"

جَبَل المسرَّات

 

زينا المزدانة بفضائلها

 

يا زنبقة المروج النديَّة،

إن أنتِ إلا طاهرة مطهَّرة.

فسيرتُكِ حافلةُ بالجهادِ المُقدس،

جهادك لأجل عقيدة سامية.

إستللت سيف الحقيقة،

وبطشت به ظُلم الباطل،

فتجندل أمام قدميكِ.

إن الله ينصر من يسير في طريق الفضيلة،

وأنتِ من حملتِ مشعلها لتُنيري الطريق السويّ

لِكلِّ من اعتنق مبادئ الفضيلة.

فسيري على هذه الطريق القويمة،

واعلمي أن حياة المرء قصيرة الأمد.

وعندما تدقُّ ساعة انطلاقكِ من عالمِ الأرض

الحافل بالشرور،

تجدين روحكِ قد بلغت عالم النور،

هناك حيث تغمركِ البهجة

ويحفُّ بكِ السرور!

 

                                                    بيروت

                                        الساعة 12 إلا الثلاث قبل الظهر في 3/1/1979

 

 

حُوريَّة الفردوس

 

شاهدتُها فصعقني جمالها الخارق،

وذَهلت من أنوثتها الشهية،

وسرعان ما شعرت بدوارٍ في رأسي.

لقد غبتُ عن نفسي فإذاني تائه في البوادي،

وحلقتُ معها بروحي نحو الفراديس الإلهية،

ورحتُ أجوبُ برفقتها آفاق تلك الجنات البهية،

وكنتُ أنظر إلى وجهها الفائق الجمال،

وأنا مأخوذٌ، مبهورٌ، مسحورٌ بروعة محاسنها.

إنها غادة هيفاء، وكاعبٌ خلابة

أسرتني بنظراتها التي يتمنَّاها الآلهة العظام

ليتمتعوا بسحرها الذي لا يُقاوم.

وانتهت ساعة الزيارة فذهبت،

وطارت نفسي شعاعًا،

وإذاني أتعس خلق الله وأشقاهم.

لقد استولى على حزنٌ عارم عند مغادرتها إياي،

وإذاني أرى الدنيا على رحبها أضيق من سُمِّ الخياط.

لقد تغيرت حياتي بلحظة واحدة منذ رأيتها،

فكلمة منها تُحييني وأُخرى تُميتني.

فهل سيأتي يومٌ أراها فيه دومًا

لأتذوق لذة السعادة الخالدة؟

ربّاه! حقق رجائي ودعها تحيا في رحابي.

                                                    بيروت

                                            الساعة الثانية والنصف

                                            في 3/1/1979

 

أنتوانت

دنياكِ تعاسةٌ عُظمى

 

دعائي إلى الله يا أختاه أن يُقيل عثراتكِ

لقد صبرت على مرارة الحياة، يا لطولِ أنَّاتِكِ!

بلية إثر بلية انقضَّت عليك، فإذاكِ تطلقين أنَّاتِكِ

أحاطتْ بك الرزايا، فإذاكِ تصعدين زفراتكِ

شقاءٌ وبؤسٌ وحزنٌ وكربٌ ثم اكتئابٌ تتلوه آهاتكِ

ويح نفسي، كم واكبتكِ الأشجانُ وكم هي ويلاتكِ!

دنياك دنيا الشقاء ولن تجدي فيها سرورًا حتى يوم مماتكِ.

 

                                                            بيروت

                                                    الساعة الخامسة من فجر 20/1/1979

 

عيدُ ليلى

 

كانتِ الأزهار المختلفة الألوان تزين المرج الضاحك،

فتزيده جمالاً على جمال، وفتنةٌ على فتنة، وروعةً على روعة،

فأنت ترى بساطًا على امتداد البصر،

تُنمِّقه شقائقُ النعمان والبابونيا والورود البرية

وقرنفل الغاب الفاتن والأقحوان بفمهِ الأصفر وأوراقه البيضاء!

وكانت الزنابقُ تنتصب بفتنة عجيبة،

وهي تتيه بين أشقائها وشقيقاتها، من مختلف أنواع الأزهار

العجيبة بألوانها القوس قُزحية،

وعلى وجه البحيرة المُذهلةِ انتشرت أزهار النيلوفار،

هذه الأزهارُ التي اتخذها آلهة الهنود لهم شعارًا مقدّسًا،

واختبأ البنفسج الحييّ بين تضاعيف الصخور،

وكان يمتِّع نظره بالبساط السندسي العجيب.

وأعلنت وردةٌ جورية على الأزهار الربيعية نبأ عيد ليلى،

فقالت: أيتها الأزهار الفاتنة،

إن ليلى قد وُلدتْ بتاريخ 11 شباط 1950،

إذًا لقد أصبحَ عمرُ مليكتنا الدعجاء 29 عامًا،

فافرحوا وابتهجوا بهذه المناسبة السعيدة.

وسُمع صوت زهرة شقائق النعمان، فقالت:

إن حمرتي الشهية مستمدة من حمرة شفتي ليلى الحبيبة.

وقال القرنفل: ما جمالي إلا صورة عن جمال ليلى.

وصفقت الأزهار واهتزت بخيلاء بعدما داعبها نسيمُ هفهاف.

وانبرى الأقحوان فقال: أما بياض أوراقي فمستعار من جيد ليلى الصناع.

وأعلن الزنبق أن امتشاقه صورة مصغرة عن قامة ليلى الهيفاء،

فقوامها المُغري يهزأ بالخيزران.

وتكلم البنفسجُ بصوتٍ خافتٍ يكسوه الحياء فقال:

أما تواضعي فهو مُستعار من تواضع ليلى حبيبة الأزهار.

وصاح الجلنار قائلاً:

إن حب ليلى لي يتفوق على حبها لمعشر الأزهار،

فقد امتلكت كوزين فاتنين من أثماري،

وهي تحرص عليهما حرصها على حياتها،

فأصبحا جزءًا منها لا يتجزأ.

ومن البحيرة سمع صوت النيلوفار العجيب المفاتن فقال:

إنني أقدم نفسي لليلى، هذه الغادة الفريدة المفاتن،

فليتها تزين بي شعرها العجيب،

إذًا لكنت أحظى بالنعيم الذي أنشده؛

إنني أنتشر في المعابد الهندية،

ففشنو الجاثم في معبده المُقدس بكلكتا

يقبض بيده الإلهية على زهرة من زهراتي البديعة،

وكذلك بقية الآلهة في مختلف المعابد المُشادة في الهند

تُنثرُ أمامَها زهرتي المُقدسة.

فليت أمنيتي تتحقق، فتُبتُ ليلى الفاتنة زهرةً من أزهاري،

غارسة إياها بشعرها ليزداد جمالي جمالاً.

وضحكت ليلى، وبغنجٍ ودلال،

أخذت بأناملها الغضة زهرة النيلوفار،

ورشقتها بشعرها، فصفقت الأزهار بمختلف أنواعها،

ووقفت العنادل على أغصان الدوح،

فغردت أغاريد البهجة المنشية،

مشاركةً الورود المخملية والنراجس البرية والأزهار السحرية

بعيد مولد ليلى.

وطرب زهر الخزامى،

ورقص مع أترابه من أزاهير الغاب السحري.

فَثملت ليلى وشعرت بسعادة فائقة،

وشكرت الجميع على حفاوتهم وسرورهم بمولدها.

                                                            الساعة الواحدة بعد الظهر

                                                            12/2/1979