info@daheshism.com
مقدِّمة إلى "الحمامة الذبيحة أو الشهيدة الداهشيَّة الأولى"

الحمامة الذبيحة

أو الشهيدة الداهشيَّة الأولى

 

قصة اضطهادها واستشهادها

ومراثي الدكتور داهش والداهشيين بها

جمعته

زينا حدَّاد الداهشية
 

 

من ينصره الله لا غالب له

إنَّ جمبع أعداء داهش سوف ينكسرون، وأشدّ ما في إنكسارهم هذا أثهم سوف يحملونه الى قبورهم، لأن هذه الجريمة لا تتلاشى في الهواء ، ولا تذوب عناصرها في الفضاء ؛ فهي ترافق مرتكبيها , ملتصقة بهم , مندمجة بخلاياهم، فتُذكر كلما ذُكروا، ويُذكرون كلما ذُكرت، فهم وهي عظة وذكرى للأجيال القادمة!

جبران مسُّوح

نشر جبران مسُّوح هذه الكلمة في مجلة اا المختصر ا٠ الصادرة في بونس أيرس في العدد 10 عن السنة الأولى , ايلول 1946

 

مهما حاول الطغاة البغاة أن يدفنوا الحرية فلن يستطيعوا


لأنَّ  الحرية خالدة حتى الأبد والى يوم يبعثون

داهش

 

تعريف

بقلم ماري حناد الداهشية

ستة وعشرون عاما توارت منذ رحلت إبتتي ( ماجدا الفتية ) من عالمنا الفاني, سافحة دمها القاني كاحتجاجٍ على الجريمة المرعبة التي أوقعها المجرم بشارة الخوري رئيس الجمهورية اللبنانية بمؤسس الداهشية في عام 1943 حتى 1952. وقد إنتحرت إبنتي ( ماجدا ) لتُسْمع صوتها للرأي العامّ اللبنانيّ والعالميّ , ولتوقظ ضمير الرأي العالميّ .

وكانت وفاتها في 27 كانون الثاني 1945 ؛ لأنَّ جريمة تجريد الدكتور داهش من جنسيته اللبنانيَّة ما كان ليقدم عليها بشارة الخوري لو لم أعتنق الداهشية أنا وقريني السيد جورج حداد وكريماتي أندره وزينة , ثم الفقيدة الغالية ( ماجدا ) قاطنة الفراديس الإلهيَّة .

لأنَّ بشارة الخوري هاله وهال زوجته اعتناقي مع جميع كريماتي وقريني وصهرنا جوزف حجَّار الداهشية , إذ تفانينا في سبيلها مما جعل بشارة الخوري زوج شقيقتي لور يُصْدر مرسوماً جرَّد بواسطته الدكتور داهش من جنسيته اللبنانيَّة وأنف الدستور في الرغام !

وإذ ذاك أصدرتُ عشرات الكتب السوداء مندِّدة بالعمل الإجرامي الذي ارتكبه رئيس الجمهورية , شارحة مراحل الجريمة النكراء , ووزعت هذه الكتب السوداء سرأ على الشعب اللبنانيّ الذي كان يستيقظ ليرى طرق بيروت وقُراها قد فُرشت بالكتب السوداء وفيها تفاصيل الجريمة الهائلة وقد سجنني بشارة الخوري مدَّة عام ٍكامل قضيته مع المحرمين والمرتكبين القبائح , إذ لم يكفه إنتحار إبنتي المُفداة ماجدا , بل تكملة لأحزاني الهائلة واتماماً لأشجاني المُرعبة زجَّني في أعماقِ السجون . والسجن كان حرياً بمن إعتدى على الحريَّات وعلى الدستور اللبناني الذي أقسم يمين المحافظة عليه , وكان أول من حنثَ بيمينه ومزَّق أشلاءه , وبعثرها الى جميع الجهات .

إنَّ التاريخ لا يرحم . والتاريخ قد سجَّل مراحل هذه الجريمة بعشراتِ الكتب التي ستملأ الخافقين ليقرأها جميع شعوب الأرض ويلعنوا من ارتكبها مثلما لعنوا وسيلعنون من إعتدوا على السيد المسيح .

إنَّ الحمامة الذبيحة ماجدا حداد التي قدمت نفسها قربانا لن يذهب دمها هدرأ .

وما دام رجل واحد أو سيدة تقرأ كتابا واحدأ من سلسلة الكتب السوداء التي صدرت والتي ستتوالى طبعاتها ما دامت الأرض أرضاً والسماء سماءً , فسيبقى دمها المسفوح هو الدليل لمن سيقرأ تلك الكتب التي تشرح مراحل الجريمة الشنعاء الرهيبة .

انَّ ذكرك , يا ماجدا , لا ولن يبرح خاطري .

ونُبْلك أراه مائلاً دومأ أمامي .

ولطفك لن أرى له مثيلا أيَّتها اليمامة الذبيحة .

ورقَّتك , ويا لها من رقَّة لا يمكنني وصفها .

وتضحيتك سيذكرها الداهشيون , وسيخلِّدونها في بطونِ كتبهم التي سيؤلفونها . وخيالك لن يبرحَ أفكارهم .

لقد كنت , يا ماجدا , في إبان صباي , عندما أطلقت الرصاصة على صدغك فأردتك . واحرَّ قلباه عليك إ

والآن مضى , منذ تلك الدقيقة , ستة وعشرون عامأ بما كانت تحمله من أهوالٍ مُرعبة وأثقالٍ رهيبة .

وقد تقدَّم بي العمر وفعلت السنون فعلها المريع بي , ولكن هذه السنين المُنصرمة لم تستطع إزالة صورتك التي حُفرت في قلبي , ولن تُمحى حتى ولو طواني الموت بين ذراعيه الرهيبتين . فإليك , الى روحك النقيَّة ,

إلى فتنتك التي ضمَّها اللحد بين جنبيه ,

إلى حماستك المُلتهبة في سبيل الرسالة المقدسة ,

 إلى شبابك الريان الذي طواه اللحد في أعماقهِ الرهيبة .

 

ماري حدَّاد الداهشية والدة الشهيدة ماجدا

إلى روحك البهيَّة التي أصبحت تُعاين الله في فراديسه الخالدة ببهجاتها التي لا يمكن لقلم بشري أن يصفها , ضارعة إليه أن يجمعني بك قريبا لأحيي بطولتك التي سجَّلها التاريخ بين دفتيه إ وإلى اللقاء أيتها الشهيدة الغالية إ بيروت , 20 شباط 1971 الساعة السادسة مساء.

 

 

سيف الحقيقة الرهيف

سيبتر المجرم والمجرمين

بقلم الكتور داهش

منذ سبعة وعشرين عامأ مضت , أطلقت ( ماجدا حداد الداهشية ) الرصاص على صدغها وضحَّت بحياتها , وذلك إحتجاجا على الظلم الرهيب الني أوقعه أقرباؤها بي , إذ جرّدت من جنسيتي , وأُبعدت , وشُردت في مشارقِ الأرض ومغاربها ٠

ولور قرينة بشارة الخوري رئيس الجمهورية اللبنانية , يومذاك , هي خالة ماجدا حداد الداهشية ٠

وفي أواخر عام 1942 , إعتنق الداهشية كل من ماري حداد وقرينها  جورج حدآد , وكذلك كريماتها : ماجدا الشهيدة , أندره , وزينة , كما آمنَ بها صهرهما جوزف حجار قرين السيدة اندره ٠

وقد حاول أقرباء ال حداد أن يبعدوا السيدة ماري وقرينها وكريماتها عن مؤسس الداهشية , واستعملوا كافة الطرق , ففشلوا وكان فشلهم ذريعاً ٠

وإذ ذاك صدر مرسوم النفي والإبعاد ٠ فما كان من ماجدا صاحبة العقيدة الداهشية الراسخة إلا الإحتجاج الصارخ , إذ أطلقت الرصاص على صدغها مُضحِّية بحياتها الغالية في سبيلِ ايصال صوتها للرأي العام , إستنكاراً لهذا النفي المُجحف والتشريد الذي تجاوز حدود القانون والدستور ٠

إنَّ هذه المأساة المُرعبة قد مضى عليها سبعة وعشرون عاما , وما تزال كأنَّها ( إبنة ساعتها ) ٠

وستمضي آجال وتتصرم أجيال , وستؤلف كتب كثيرة شارحة مراحل هذه المأساة الهائلة ٠ والشعوب القادمة ستكون الحكم إذ ذاك , ويكون التاريخ القول الفصل ٠ وسوف يميّز الصالح من الطالح ٠ وسيكون حكمه صارمأ ولكن عادلاً ٠

وبما أنني أعتقد إعنقادأ راسخأ بخلود الأرواح , وأنَّها تنتقل بعد الوفاة الى عوالمٍ ماديَّة أخرى , إذأ بوسعي أن أؤكد تأكيدأ جازمأ أنَّ الحساب لم يسدَّد بيني وبين من إرتكب الشرُّ الفاضح , وأنَّ الإقتصاص '“سيبدىء فور إنتقالي من عالم المادَّة الدنيوي هذا ٠

وسيكون الحساب عسيرا , وسيدفع الثمن غاليا . وإذ ذاك تنتصر العدالة بعد أن يساط الظلم سوطا رهيبأ , إذ لكلِّ جريمة ثمن ستدفعه عاجلاً أم آجلاً . وإنَّ ربُّك لبالمرصاد .

وما أروع الكلمة الخالدة التي تفوه بها الأديب الروسي العالمي تولستوي , إذ قال : إنَّ الله يُمهل ولكنَّه لا يهمل ٠

وإذ ظنَّ المُعتدي أته قد نجا بعدما انطلقت روحه من عالمِ الأرض ولم يقتص منه على ما إرتكبه من أهوال جسيمة , فظنُّه باطل وتخيّلاته وهميَّة ٠

وستوقظه الفجيعة التي ستنقضُّ عليه إنقضاض الصواعق في عالمه الذي أوصلته إليه أعماله الرهيبة ٠

وليثق الجميع بأن كل آتٍ قريب ٠

ومن يتهكم بأقوالي هذه , فإنَّما يتهكّم بنفسه وغبائه الشديد ٠ وإنّي أسأل بدوري, من أين أتيت أيها العلاَّمة العارف الغارق في العلوم والفلسفات ٠ ولكنَّه سيصمت , ولن يستطيعَ إعطائي الجواب ٠

وما دام الإنسان يأتي ولا يعرف من أين كان مجيئه , فما أحراه أن يجهل إلى أي مكان ستكون عودته , عند إنتهاء أيامه على أرض الشقاء هذه ٠

ولكئي أعتقد إعتقادأ راسخأ أنَّ كلَّ إبن أنثى سيذهب , بعد وفاته , الى عالمٍ ماديٍّ آخر , ويبدأ , هناك , حياة جديدة أخرى ٠

وهكذا يتسلسل موته وبعثه من عالمٍ الى عالمٍ حتى يبلغ عالم الروح , بعدما يكون قد تدرَّج في سلسلة إختباراتٍ وتجاربٍ هائلة , وبعدما تكون روحه قد بلغت الكمال , بعد سلسلة مرورها في عوالم عديدة ٠

هذا هو رأيي الخاص , ولكلٍّ رأيه الخاص ٠ وإنّي أستشهد بالآية القرآنية القائلة :

( إنك لا تهدي من أحببت ٠ إنَّ الله يُهدي من يشاء ) ٠ والسلام ٠

 

بيروت في 15 - 2 - 1972

 

 

إقرأوا واضحكوا

بتاريخ 7 كانون الثاني عام 1945 , زار الشاعر حليم دتوس رئيس المجلس النيابي ( صبري حمادة ) . وبعدما إنتهت الزيارة , عاد الى منزل الرسالة الداهشية وقال لنا إنَّ صبري بك أعلمه بأنَّ بشارة الخوري قال له : " لو طلبت مني كل من أمريكا , وبريطانيا, وفرنسا أن أعيد الدكتور داهش الى لبنان لرفضت طلبهم رفضا باتأ . فأنا قد أبعدته عن لبنان حتى الأبد " .

ولو علم الغبي بشارة الخوري أنَّ داهشا كان يُقيم , في منزل عديله جورج حداد طوال أيام حكمه , لجحظت عيناه من الدهشة العظمى , وخصوصا أنَّ منزل جورج حداد لا يبعد عن منزل بشارة الخوري أكثر من ( 40 ) مترأ .

إذن، إنَّ مرسوم بشارة غير القانوني كان حبرا على ورق . وقد كلفه عمله المجرم أتعابا رهيبة وفضائح هائلة ما كان أغناه عنها . ولكن " إنما تعمى البصائر لا الأبصار ".

ماري حداد الداهشية