info@daheshism.com
الحقيقة الالهيَّة:

 

الشاب

أوه يا إلهي أكادُ أفقدُ صوابي!

ماذا أرى؟ إلهةُ الحقيقة تحتضنني؟ أربةُ (العدالة) تقبلني؟

يا لسعادتي التامة، فقد طغت عليَّ الأفراحُ بصورة عجيبة.

ربتي العادلة، الآن فقط تعود الحياةُ فتزورني،

بعد أن أمضيتُ طوال سِنيَّ الماضية وأنا في حكم الأموات.

الآن فقط أشعرُ بلذة النعيم، وأتاكد بوجود السعادة التي كنتُ أظنها حلمًا من الأحلام.

الآن أطلب من الموت بإلحاح، أن يشيحَ عني بوجهه المرعبِ، بعد أن ناجيته طوال مدة غيابكِ القاتل عني. وكم كنتُ أرجوهُ أن يضع حدًا لحياتي البائسة، المليئة بالشجون، المترعة بالكآبة، الفياضة بالآلام، الثرة بالدموع الحرّى.

الآن أشعر بحفيفِ أجنحةِ ملائكةِ الحُبِّ وهي تحتاط بي، كي لا تراني عيونُ المكَرَة من بين البشر

الآن أتذوّق لذّة ربيع عمري بعد أن حطَّ عليّض الخريفُ الثقيل بظلمِهِ الرهيب.

الآن أجني ثمار انتظاري الطويل، يا ملاكي المعبود المقدس.

الآن أشعر بالقوة العُلوية، تجتاح من أعماقي ذلك الضعف الذي كان مهيمنصا على كياني

الآن تأكدتُ بأنكِ أنتِ الحياة التي أحيا بها ولها، يا أعزَّ أمنية لي بين الكواكب المتالقة.

الآن سأكون لكِ وستكونين لي، وليس من قوةٍ تستطيع أن تفرق بيننا.

الآن سأحلقُ بروحي النشوى في السماوات الرفيعة، وأحيا مع الملائكة الأطهار برفقتكِ

الآن فزتُ فوزًا عظيمًا بعودتكِ، بعد أن ذَبلتْ زهرةُ عمري في البحث عنك أيتها الحقيقة المعبودة.

أوّاه يا ربة الحقيقة كم أنا سعيدٌ، وكم هي رحمة الله واسعة لأنها أرجعتكِ إليَّ ثانية.

أوّاه يا حبيبتي السماوية، ضميني، قبليني، أنعشيني، أمّليني، عانقيني، ودعيني أمتزجُ بكِ

حتى تنتهي الأيام، ويضمحل هذا الكونُ دون أن ننتهي من عناقنا الأبدي.

 

 

 

ربةُ الحب

يا إلهي لقد وضحت لي الآن أسبابُ كآبة الخرساء،

وعدم تسرّب الفرح إلى فؤاده.

إنه ينشد (الحقيقة المفقودة) في هذا العالم عبثًا،

كما كان (ديوجنوس) يبحث بفانوسه في وضح النهار

عن الصداقة الخرافية الضآلة في رحاب هذه الأرض الملعونة.

مسكينٌ أنتَ أيها الشابُ لأنك ظننتَ

بعد أن طوقتكَ بذراعي العبلاوين، وقبلتكَ بشفتي الشهيتين،

أنّ ربة الحقيقة هي التي تطوقك وتقبلكَ.

ربّاه، إن الحقيقة التي ينشدها هذا الشاب، والعدل الذي يتمنّى أن يظفره به يومًا،

لا وجود حتى لظلِهما على هذه الأرض، إلا في مخيلة الخياليين أمثاله.

لو كانت (الحقيقة) وشقيقتها (العدالة) تقطنان هذا العالم،

لكانت الأرضُ ترفل بخُلَل من السعادة، وَلَسَادَت الطمأنينةُ هذا الكون،

وَلَمَا استطاعت الضغائنُ والأحقاد الثبات أمامَ سيفِ الحقيقة البتّار.

وأنتَ يا قلبي أراكَ قد ابتدأت تخفقُ بحُبِّ هذا الشاب،

فهل ستستعيضه بحبيبكَ الراحل (أدونيس9؟

إذًا لتكنْ إرادتكَ أيها الفؤاد الخفاق بالعاطفة الجامحة...