info@daheshism.com
داهشيَّة Concepts

    

  ليس في التعاليم الداهشيّة ما يسمّى " بالأسرار " ولا بالباطنيّة ، وكلّ ما فيها يقبله المنطق السليم ، منطق الانسان المثقّف ثقافة شاملة تجمع بين الدين والفلسفة والعلوم ، بمختلف حقولها ، والمنفتح على الحقائق الجديدة التي تفاجىء العالم كلّ يوم .

 

فهرس المفاهيم الداهشيَّة

1- الله

2- عالم الأرواح

3 - المسيح والأنبياء والهُداة

4 - الوحدة الجوهرية للأديان

5- الحقيقة والأديان

6. الحضارات الكونيّة أو النعيم والجحيم

7 –- السيّالات

8- الروح والنَّفس

9-السببيَّة الروحيَّة

10- التقمُّص

11- السيّالات المختلِفة وإختلاف الأشخاص

12- الانجذاب المتبادَل و النّفور

13- ميول السيّالات والتّوازُن النفسيّ

14- قيمة الأعمال بنوعية دوافعها

15- الرحمة والنّعمة

16- الموت والولادة

17- الانظمة الروحية الكونية النسبيّة

18. حفظ الأشكال وتسجيل الأفكار وتصوير الأعمال

19. الانسان والكون

20- أدوار التكوين والرسالات الروحية:

21- الانسان والكائنات الأرضيّة

 

1- الله

      تؤمن الداهشيّة بأنّ الله هو القوّة الموجدة للكون ، معروفه ومجهوله ، وهو البداية والنهاية ، وسرّ الحياة ، وربّ الثواب والعقاب ، وأصل كلّ معرفة وقوّة ومحبّة . اليه يرفع الدكتور داهش والداهشيّون صلواتهم ، ومنه يطلبون الرحمة والمعونة ، وفيه يرون ابا عطوفا لهم وللبرايا كلّها .

      أمّا الألوهيّة فيمتنع الداهشيّون عن البحث في ماهيّتها ، لأنّهم موقنون أنّها وراء متناول الادراك البشريّ ، ولا ينتج عن زيادة البحث فيها الاّ زيادة البلبلة الفكريّة .

Return to the Top

 

2- عالم الأرواح

هذا العالم هو بداية الخلائق ونهايتها، وهو العقل الإلهي المدبر للكون والضابط لنواميسه؛ وهو أزلي أبـدي، خارج عن قيود المادة الزمانية- المكانية. إنه مُكّونٌ من عوالم روحِيّة متألّفة من 150 درجة.   قوامه السماوات وكائناته الأرواح القدسية، أمهات الكائنات كلها، وهي نقية، مجيدة، خالية من كل شائبة ودنس أو أثر للمادة. ولذا لا يدخل عالم الكمال هذا إلا من بلغ الكمال الروحي.

من أجل ذلـك، تؤمن الداهشية بـأن كـل كـائن يحب أن تكـون غايتـه السـعي، بمختلف الطرق، إلى الارتقاء الروحي المستمر، في سبيل التجرد من جاذبية النزعات المادية، لبلوغ العالم الروحي السماوي حيث السعادة الحقيقية المطلقة.

فالإيمان بالله وبخلود عالم الروح هو الهدف الشامِل من جميع معجزات الدكتور داهش. كما أنّهُ كثيرون دخلوا بيته ملحدين أو متشككين ، ثم خرجوا بعد أن شهدوا معجزاته مؤمنين.

فيما يلي مِثال على ذلك مِن بين مئات المعجزات:

تكوين صحيفة قبل خمسة أيام من صدورها.

 السيد فيليب حدشيتي شاب مثقف عاش رَدحاً من الزّمن في باريس حيث تأثَّرَ بالتيارات المادية الفكرية إلى درجة إنكار وجود الروح وكذلك وجود الله.

ذات يوم ، في بيروت ، سمع عن معجزات الدكتور داهش ، فقام بزيارته في منزله ، في 28 نوفمبر 1943 ، من أجل التَّأكُّد بِنفسه من صحتها. وُعِدَ الزائر بجلسة روحية تتجلّى فيها قوة الله ، ولكنه لم يصدق بإمكانية حدوثها. في ذلك اليوم، كانت بحوزته الجريدة اللبنانية اليومية ، "Le Jour" المنُشورة بالفرنسية. جعَل يتصفّحها ، كاتباً في هوامشها أسئلة خطرت بباله كان ينوي طرحها خلال الجلسة المنعقدة.

ووعقدت الجلسة الروحيّة أمام كثيرين . فسأله الدكتور داهش :

  • هل تؤمن بألله  تعالى ؟
  • فأجاب فيليب الحدشيتي : أصدقك القول يا دكتور , أنني لا أؤمن بوجوده , وهذا كنت أقوله في باريس .
  • وماذا تريد كي تؤمن ويظهر خطأك الفادح ؟
  • أريد معجزة .
  • فأجابه : أنظر الى الجريدة التي معك .

 

وعندما نظر الحدشيتي في جريدته مليّاً, صرخ من عظم دهشته . فالعدد الذي أحضره معه كان يحمل تاريخ 28 تشرين الثاني, فإذا به يجد العدد قد أصبح بتاريخ الجمعة في 3 كانون الأول أي قبل صدور العدد بأربعة أيّام والأسئلة التي دوّنها على حواشي الجريدة كانت ما تزال هي نفسها . وبعد أن صدر عدد 3 كانون الأول , قابله بالعدد الذي تكوّن بصورة عجائبيّة , قبل أربعة أيّام, فإذا هو نفسه بكلّ ما كان منشوراً فيه من حوادث وأنباء محلّية أو عالميّة . لقد كانت معجزة تكوينيّة تحمل في ذاتها ألوف النبوءات .

دخل فيليب الحدشيتي منزل الدكتور داهش كافراً وخرج منه مؤمناً بقوّة اللّه القادر على كلّ شيء.

Return to the Top

 

3 - المسيح والأنبياء والهُداة

تُمَيز الداهِشِيّة بين "المسيح" ويسوع الناصري. فَكلمة "المسيح" ، في الداهشية ، لا تشير لشخص يسوع الناصري المعروف عبر التاريخ باسم يسوع المسيح ؛ لكنّها تشير إلى القوة الروحية الإلهية التي تُشَكِّلُ  درجات السماوات العُلوِيَّة. هذه القوة السماوية هي نبع الحب النقي اللامتناهي ، وهي الطريق الأبَدِيّة الوحيدة المؤدية إلى الخالق. فَمِنَ المستحيل لأي روح اتّحادها  مع القوّة – الموجِدة قبل أن تَتَّحِدَ بقوة المسيح السّماوِيّة. إنّه في ضوء ذلك ، تُبَيّن الداهشية (مفهوم) المسيح الإله ؛ ومعنى ابن الله الأول ، وأنه روح الله ، ورَأس الخليقة. هذه التسميات لا تشير إلى كائن بشري ، ولكن للقوة السماوية العُلْيا نفسها.

لهذه القوة الروحِيّة الإلهية السماوية  امتدادات في جميع العوالم المادية ، بما في ذلك الأرض. هذه الامتدادات التي تسميها الداهشية "سَيّالات روحِيّة" ، تجسدت في الأنبياء وبينهم موسى عليه السلام ، وَمحمد صَلّى الله عليه وَسَلّم، وعيسى الناصري عليه السّلام المعروف عبر التاريخ باسم يسوع المسيح. هذه السيّالات الروحية نفسها متجسدة أيضاً في الهُداة ، من بينهم لاو تزو ، وَكونفوشيوس ، وَبوذا، وَسقراط وغاندي.

وفقًا لذلك ، تُؤمن الداهشية بأن السّيالات النبوية و الهادية لِجميع الأنبياء والهُداة هي مُنْبَثِقة من كائن إلهي واحد هو "المسيح". ولكن تقع هذه السيّالات على درجات مختلفة من الارتِقاء الروحي، فالعالم الروحي السماوي الذي ينتمي أصلها إليه مُتكوّن من عدة درجات.

بهذا المفهوم ، يتبدد الصراع الأساسي بين المسيحيّة والإسلام. يسوع الناصري (عيسى في القرآن الكريم) هو نبي بَشري. أما عن "المسيح" (القوة الروحية السماوية) ، التي يسوع جزءًا منها مثل كُل نبي آخر، تُعْتَبر هذه (القوة الروحِيّة السّماوِيّة؛ أي المسيح) إلهاً لأنه صورة الله.

Return to the Top

 

4 - الوحدة الجوهرية للأديان

من خلال هذا المفهوم، وحدة الأنبياء والهُداة ، تنظر الداهِشية إلى جميع الأديان  كَفُصول في كتاب واحد - كتاب الهِداية الروحي. وأنّ بين هذه الفصول تكامل لا تناقض.

كل فَصل منها يحتوي على جزء من الحقيقة الروحية ، وليس الحقيقة المطلقة كلها، وهو يمثل الحقيقة للمؤمنين المعنيين به، إذ إنه متعَلّق بمستوياتهم الفكرية والروحية؛ وتختلف الأديان وفقاً لمستويات المعرفة والروحانية عند كل شعب بعدد اختلاف الشّعوب، التي من أجلها، تختلف هذه الأديان بتعاليمها وممارساتها. لأن الله لا يُلْزم النفس بأكثر مما تستطيع تحمّله.

هذه الوحدة الدينية الجوهرية ، حسب الداهشية ، لا تضم فقط الديانات التوحيدية ، أعني اليهودية والمسيحية والإسلام ، لكن تشمل أيضًا جميع الدّيانات الأخرى في أصولها، أي  قبل تحريفها بدخول المصالح الدنيوية والأوهام التي لا أساس لها فيها. إن الإخاء الدينيّ العالميّ ، الذي تنادي به الداهشية أصبحَ حاجة إنسانية لا يمكن التهرب منها إذا أرادت البشرية وأممها تجنب الحروب والصراعات المأساوية.

فطوائف العالم لا تسير في هذه المساعي العظيمة والمهمة، لا بل تحاول اخفائها بدعوتها الناس إلى التعايش بِناءً فقط على الاحترام المتبادل للمعتقدات، أو على أسس التشابه بينها ولكن مع تجاهل الاختلافات الجوهرية. فتبقى نقاط الخلاف تلك وقودأً في إعادة إشعال جمر الصراعات ، والسّبب هو أنه لم يتم تبديد هذه الاختلافات عن طريق مُعتقد إيماني موحِّد.

فالإيمان بالوحدة الجوهرية للأديان وبوحدانية الأنبياء هو السبيل  إلى الوحدة الإنسانية ، ومن خلاله, يسع الحب صدر المؤمن ليشمل المؤمنين من جميع الأديان.

Return to the Top

 

5- الحقيقة والأديان

تؤمن الداهشية بأن الحقيقة المُطْلَقة هي القوة الموجدة نفسها، وأنّ صورتها لا تحيا إلا في العالم الروحي السماوي الذي يمثل صورة الله. فعبثًا يبحث العلماء واللاهوتيون والفلاسفة عن الحقيقة المطلقة الكاملة ، لأنها بعيدة عن متناول البشر.

فالحقيقة على الأرض جزئية ونسبية في جميع الأديان وكذلك في العلم. وبالتّالي لا ينبغي أن تدّعي الأديان احتكار الحقيقة الروحية بأكملها، لأن ذلك مستحيل حتى بالنسبة لسكان الفردوس الذين ينتمون إلى الحضارات الكونية الأكثر تقدمًا.

Return to the Top

 

6. الحضارات الكونيّة أو النعيم والجحيم

تفرق الداهشية بين السماء Heaven (ذات الوجود الروحي البحت والعظمة الإلهيـة والسعادة الروحية اللامتناهية) والنعيم Paradise المشتمل على عوالـم مـاديـة مجيـدة تتمتع بحضارات راقية جدا ذات أديان و آداب وفنـون وعلـوم واختراعـات لا يرقى إليهـا خـيـال البشر، وذات غبطة عظيمة وهناء معنوي ومادي كبير. والنعيم يضم بلايين النجوم والكواكب موزعة على مئة وخمسين درجة روحية.

أما الجحيم فيشتمل على عوالم مادية تتقهقر فيها الحضارة ويعظم الجهل والغباء والعذاب المادي والمعنوي. وهو يضم بدوره بلايين الكواكب موزعة على مئة وخمسين درجة روحية.

وتستوي الأرض على عتبة الجحيم الروحية.

وليس محتوما أن تكون الإقامة أبدية، لا في النعيم ولا في الجحيم. ففي كل منهما تعترض الكائن مغريات وتجارب تكون بنسبة رقيه الروحي، وتبعـا للأنظمة الروحيـة الـتي يخضع لها عالمه. فإذا نجح في اجتياز التجارب والامتحانات، يرتقي إلى عالم ذي درجـة روحية أرقى، وإلا فإنه يعرض نفسه للسقوط بنسبة أعماله وأفكاره ونزعاته.

 

إن تيَقُّظ الداهشي لتدني مُسْتوى رُتبة الأرض يجعله يدرك الطريق الشاق الطويل الذي عليه عبوره ، والكفاح  ضد ميوله الدنيوية السُّفلِيّة ، ليكون على استحقاق لِولوج عتبة الدرجة الفردوسية الأولى وبالتالي إلى درجات أعلى حّتى نهاية السبيل.

بالنّسبة للداهِشية ، إن وجود الجنة والجحيم ، وبعبارة أخرى ، الحضارات الكونية، هي حقيقة لا جدال فيها.

ولم يَكتف مؤسس الداهِشِيّة بوصف أحوال الجنة والنار في عدد من أعماله، بَل أيضا بَيَّنَهُ بمعجزات تؤكد هذه الحقيقة بشكل ملموس.

يَتَمَثّل ذلك في المعجزة التّالية:

 

تجسد ندى

حدثت هذه المعجزة عام 1943 وكان شهودها عديدين؛ من بينهم الدكتور جورج خبصا  طبيب الأمراض الجلدية اللبناني الشّهير وأستاذ في الكلية الفرنسية للطب في بيروت، والسيد جورج حداد صهر رئيس الجمهورية اللبنانية آنذاك وزوجته الأديبة ماري حداد.

بينما كانوا مجتمعين بحضور الدكتور داهش عقدت جلسة روحِيّة، فإذا بفتاة صغيرة جميلة تتجسد أمامهم فجأة، تحت النور الساطع. فَبُهِتَ الجميع، ظانين أنهم يتوهمون لكن الفتاة فاجأتهم بقولها: لا تظُنّوا أنكم واهمون ، فما ترونه هو حقيقة أكيدة. إن اسمي هو نَدى وقد أتيت من عالم مادي آخر إليكم ". فلم يُصَدّق الحضور عيونهم، حتّى سارَعوا إلى تحسسها بأيديهم ، فإذا هي لحم ودم كالبشَر . لكنها كانت تلبس فستاناً وتحمل حقيبة لم يكونا من الزي الدارِج في الناس سنة 1943.

وبعد تسعة عشر عامًا ، تزور  الدكتور داهِش الفتاة نفسها، وقد أصبحت في عِداد سكان الأرض. وكانت في العمر نفسه الذي تجسدت فيه قبل تسعة عشر عامًا ، وتلبس الثوب عينه ، وتحمل الحقيبة عينها.

وأوضح الدكتور داهش للمجْتَمِعين، إذ ذاك، وفيهم من شاهَدها قبل تسعة عشر عاما، أن هذه المعجزة الإلهية تؤكّد تأكيداً حاسِماً استِمرار الحياة وتقمّص النفوس، وانتقالها بعد الوفاة، من دور حياتي إلى دور حياتي آخر في الأرض، أو من كوكب إلى كوكب آخر، حسب درجة استحقاقها.

Return to the Top

 

7 –- السيّالات

السيال هو وحدة طاقةٍ نَفْسَيّة ذات إدراك نِسبيّ، وإرادَة مُحَرّكة، ونزعات مختلفة، وخصائص وَظيفيّة. وقوام السيّال جوهر روحِيّ إشعاعي خالِد ليس بإلإمكان إدراكه إدراكاً حِسيّاً لإتّصافه بسرعة اهتِزاز فائقة، ولأن الإنسان محدود بشبكة من الحواس ذات حدود عُليا وحدود دُنيا لا يَسَعهُ تجاوزها.

إن مواد الكون بأكمله  من كائنات، ومِن الذرات إلى المجرات ، هي سيالات روحية من مواد بنيوية وَبأشكال نِسبيّة.

إنّ هذه السيّالات سواء كانت على الأرض - في الإنسان أو الحيوان أو النبات أو الأجسام غير العضوية - أو في النجوم والكواكب وجميع الأجرام السماوية ، لا تختلف عن بعضها البعض إلا في درجة سموها الروحي ، وفق خصائص وظيفية مسموح لَها بِها ضمن حدود وجودها المادي والقوانين الروحية التي تحكمها.

من ناحية أخرى ، فإن جوهَر المادة - بجميع أشكالها ، وأحدها جسم الإنسان – هو سيال مكثف مُكوَّن من عناصر تأسيسيّة، بعضها اكتُشِفَ عِلْمِيّاً. وَلكن ، السيالات الروحية تتكون من عناصر تأسيسية أقل كثافة إلى حَدٍّ كبير ، ولم يتمكن العلم من اكتشافها ، لأنها لا تقع في نطاق إدراك الحواس ، ولا في متناول الأجهزة العلمية  ، التي بِجُمْلَتِها مُقَيَّدة بعناصر مادية تحكمها قوانينها.

ونتيجة لذلك فإن هيكل السّيَّالات المادّي يوحّد الكون في "جوهره".

المعجزة التالية تُفَسّر هذه الوحدة:

 

منح الحياة لطائر في لوحة

 

السيدة ماري حداد كاتبة وفنانة  لديها العديد من اللوحات ، إحداها معروضة في متحف لوكسمبورغ في باريس. تمثل لوحة لها طائر جاثم على شجرة. ذات مرة ، قبل الاضطهاد ، حَدَث أن أخِذَ الدكتور داهِش بالروح ، وأشار إلى اللوحة ، وإذا بالألوان فيها تتحَرّك، وبالطّائر الذي في اللوحة تسري الدماء فيه ويكتسي ريشاً ثم يَقفز على حضن الفَنّانة. وضعته في قفص واحتفظت به هناك لِعِدّة سنوات. ومع ذلك ، فقد ظل مكانه في اللوحة فارغاً. إنّه لَمِنَ  الواضِح أن هذا السيّال قد أخذ شكله المادي في هيئة لوحة طائر جامد أوّلاً، ثُمّ بقوة إلهية  انتفَضَت الحياة فيه.

لقد تم إثبات خلود السيّالات من خلال عدد كبير جداً من المعجزات التي قام بها الدكتور داهش. فعشرات هي المرات التي أحرقنا فيها أوراقًا مليئة بكتابات مدوّنة بأيدينا ، ليُعيدها الدكتور داهش إلى شكلها الأولي بقوة الروح القدس.

Return to the Top

 

8- الروح والنَّفس

 انّ السيّالات – سواء كانت في الانسان أم في غيره من الكائنات القاطنة في العوالم المادّيّة النعيميّة او الجحيميّة – هي غير الأرواح . فالأرواح كائنات الهيّة لا تخالط الأبدان ، ولا تشوبها أيّة كثافة مادّيّة ، لأن المادّة عرض نتج عن نقص ودنس طارئين ، بينما الأرواح موطنها عالم الكمال .

وكلّ روح أمّ لسيّالات كثيرة انبثقت منها ، وهذه السيّالات كائنة في تجسّدات متفاوتة في درجات رقيّها الروحيّ ، ومنبثّة في عوالم مختلفة من النعيم والجحيم ، وهي ترتبط بأصلها الأمّ بوشائج اشعاعيّة غير منظورة .

وتتأثر درجة الروح في عالمها بدرجات سيالاتها المنتشرة في مساحات الكون. فَكلما ازداد نقاء سيّالاتها، كان رُقِيّها أعلى.

إن هدف الروح الأعظم هو اتحادها بأصلها السّماوِيّ (القوة الموجدة). ومع ذلك ، لا يمكنها تحقيق ذلك إلا إذا التم شملها بجميع سيالاتها (المنتشرة في العوالم المادِيّة من نعيم وجحيم)، ثم اتحادها بِقوة المسيح الإلهِيّة، وبالتالي بلوغ أعلى درجات السماوات. وبما أن كل روح تتوق للعودة إلى أبيها الخالق ، كذلك فإن كل سيال سامٍ ، سواء في البشر أو في أي كائن آخر ، لا بُدّ من تَوْقِهِ إلى روحه الأم. إنه من خلال هذه العودة فقط يَكْمُنُ خلاصها الحقيقي وسعادتها.

أما نفس الإنسان فَما هي إلّا مجموعة سيالات حيوية.

 إن السيالات المكوِّنة  للنفس  يختلف إحداها عن الآخر، إذ لكل سيّال خاصيّة ونشاط مستقل عن الآخر في كُلّ إنسان، وفق إمكانيّة تلك السيالات أن توجَد في انسجام مع بعضها البعض. ينعكس هذا الواقع في رغبات الفرد والدوافع التي قد تكون أحيانًا مضطربة وبعضها الآخر مُنسجمة كما في أفكاره إذ تكون مُتنافرة أحياناً، وأحيانًا أخرى متطابقة. وَنظراً لهذه الحقيقة ، من المُبرر القول أنّ شخصية الإنسان تتكون من مجموعة من شخصيات جزئية ، هي السيّالات ، وفي الوقت نفسه ، هي جزء من كيان روحي شامل ، منتشرة سيّالاته في مساحات هذا الكون؛ في النعيم والجحيم كما ترتبط أجزاءه الأخرى بالروح الأم.

Return to the Top

 

9-السببيَّة الروحيَّة

لا وجود للصُّدْفة، على الإطلاق، في العقيدة الداهشية . لأن هناك أسبابًا لكل حدث أو حالة أو وجود. لكن وراء السببية المادية هناك سببية روحية محجوبة عن البشر ، وهي تَحكم الأفراد والمجتمعات وكذلك جميع الكائنات الأخرى.

عندما نعاني من المرض ، فإننا نعزو السبب لبعض الميكروبات أو الفيروسات أو غيرها. إنها المادة الُمُسَبِّبَة. ومع ذلك ، عندما شفى يسوع المسيح الرَّجل المنبوذ لفترة طويلة قال له: "ها أنت قد بَرِئت فلا تُخْطِئ أيضاً لِئلّا يكون لك أشَرّ "(يوحنا 5:14) ؛ بهذا القول أشار إليه عن السبب الروحي. لذلك، إنّه يجب أن نبحث عن أسباب ما يصيبنا فيما فعلناه من مَعاصٍ.

فما عليه نحن من حالات جسدية واجتماعية واقتصادية ونفسية وظروف وثروة وفقر وذكاء وغباء وأمراض ولامبالاة وسلام وحرب وكسب وخسارة ، وانجذاب متبادل أو نفور ، وحوادث سير وكوارث طبيعية في البر والبحر والجو ، إلخ ... إنه لكل منها أسباب روحية مَحْجوبة عنّا ، ما يحدو بِنا لإسْنادِها إلى "الصدفة". لكنّ  قاعدتها العامة هي واحِدة ، وهي الإستحقاق والعَدالة.

تَجْري السببية الروحية وفقًا للقوانين الإلهية ، وتحدث على الأرض وفق قوانين الطبيعة السّائدة عليها.

المعجزة التالية هي  مثال على ذلك:

 

 

 

ارتفاع بطيختان في الهواء بقوّة غير منظورة ثم سقوطهما مُتَحَطِّمتين.

بينما كان الدكتور جورج خبصا بِصُحْبَةِ الدكتور داهش وراء  صيدلية حمادة في بيروت- لبنان، إذا بِرَجُل الخوارِق يَرْتَعِش بالروح ويُخاطب رفيقه قائلاً: "انظر إلى هذا البائع الجوّال".

وكان إزاءهما ، على بِضعة أمتار  بائع أمام عربة عليها بطيخ. فأشار الدكتور داهش بيده ، فإذا بطيخة ترتفع  في الهواء، وتَقَع على الأرض مُحَطَّمة. ثم أعاد الإشارة ، فارتفعت بطيخة أخرى ، وسقطت مُحَطّمة.

فسأله الدكتور خبص، متأثراً: لكن ، لِمَ ذلك؟ فهذا البائع مسكين ، وهذه الخسارة تكلفه غاليا ".

أجابه الروح العَلِيُّ بِفَمِ  الدكتور داهش: "أجريتُ ذلك أمامك لِأعلمَكَ أن العدالة تجري على جميع الكائنات كبيرها وصغيرها، بِصورة طبيعية ، من غير أن يتنبّهوا لِكيفيّيّة سَيرِها. فهذا البائع، ربح  أكثر مِما يجب له في هذا النهار ، وربحه غير الحلال، وإن يَكُن ضَئيلاً خسِره بِتَحَطّم البطيختين. ولو لم أركَ ذك بالمعجزة، لِتتنَبّه، لَكانت العَرَبة سَقَطَت في حُفرة في من غير انتباه صاحِبها،  ولتدحرجَت البطيختان نَفْسُهما من فوقها وتحطّمَتا".

Return to the Top

 

10- التقمُّص

يختلف مفهوم التقَمّص في الداهشية عن مفهومه في جميع المعتقدات الأخرى التي تؤمن به. فانطلاقا من المبدأ المبني على أساس أن النفس البشريّة ليست وِحدة كامِلة بل مجموعة سيالات مُتباينة الدّرجات، كما من مبدأ الإستحقاق العادِل، فإن كل سَيّال يخرج من جسد الإنسان ، سواء خلال حياته أو حِينَ موته ، يتقمص الجسد المادّي الذي يستحقه ، وبناءً عليه ينال السيّال السَيّئ عقوبته كجزاء، والصالح أجره.

إن تَقَمّص السّيّال من شَكل دِنيوي لآخر في عالم الأرض داخل عوالم البشَر، والحيوان، والنّبات، والجماد قد يصل الى ستّة آلاف تقمّص قبل الحُكْم عليه (في حال استَحَقّ) بالسقوط في الجحيم؛ أي العوالِم السُّفْلِيّة .

هذا النظام الروحي هو بلا شك رحمة للإنسان. فإذا طرحنا من مُدّة عمر الفرد الوقت الذي يقضيه في النوم (أي أكثر من ثلث العمر) ، والمرض ، والطعام ، وكسب لقمة العيش ، بالإضافة إلى خمس عشرة سنة وهي فترة الطفولة غير المسؤولة ، فلن يتبَقى من عمره أكثر من بضع سنوات ، وربما بضعة أشهر. إن هذا ليس وقتًا كافيًا للإنسان لينغمس في التأمل الروحي ، وتحقيق تنقية روحه ، والتغلب على ميوله المتجذرة العديدة. وبالتالي ، سيُحكم على الإنسان بشكل حتمي بالعذاب الأبدي. إن رحمة التقمص إذن تكمن في منح البشر آلاف الفرص لإصلاح أنفسهم.  وفي نهاية هذه الدورات ، إذا لم يتم تحقيق ارتقاء للروح ، فإن الحكم بالجحيم سيكون إذن عقابًا عادلًا.

يُفَسِّر التقمّص إذن لماذا يولد الناس بعجز أو بِأمراضٍ وراثيةٍ أو طبيعية أو ظروف سيئة من الجهل أو العوز. لأن التجسد الحالي للإنسان ما هو إلا نتيجة أفعاله وميوله وأفكاره في حياته أو حيواته السابقة.إذ إنه في قدرة الإنسان ، من خلال الإرادة والجهد، تحسين ظروفه من سيء إلى أفضل.

يرث الإنسان عند وِلادته السيّالات ال (psychomatic) النفسية والجسدية من كِلا الوالِدَين. فتشترك جميعها في نفس المولود، إلا السيّال الحَيَوي الرّئيس، (الذي يمنح الحياة للجنين) يكون منتمياً لأحَديهما؛ أي (إمّا لِسيّالات الأب أو الأم). وقد وَرَد في القرآن الكريم، سورة الرّد 11 ، (لا يُغَيُّر الله ما بِقومٍ حَتّى يُغَيّروا ما بِأنفُسِهِم) وبما أن سيّالات الأب والأم ممتدّة في الأبناء وأبناء الأبناء يمكن أن يُعاقَب الآباء على أعمالهم من خلال أبنائهم وأبناء أبنائهم. في ضوء هذا نَشْرَح وصيّة الله الثانِيَة لموسى عند حديثه عن الصّوَر والتماثيل "لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ، لأَنِّي أَنَا الرَّبَّ إِلهَكَ إِلهٌ غَيُورٌ، أَفْتَقِدُ ذُنُوبَ الآبَاءِ فِي الأَبْنَاءِ فِي الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابعِ مِنْ مُبْغِضِيَّ" الخروج (20:5). ويُمكن للإنسان في حياته أيضاً أن يكتسب سيّالات أخرى تَرِدُ إليه من كائنات أخرى سواء أكانوا بَشَراً أم غير بَشَرٍ، إلا أن هذه السيّالات متصِلة روحِيّاً بسيّال الإنسان الرّئيس، وبمعنى آخر، هي خاصَّتهُ. وبالتّالي فإنّ كيان كُلّ فَرْدٍ هو امتداد (نفسي-جَسَدي) لِبَعض سيّالات أبويه، وامتداد نفساني لكائنات أخرى قد لا يعرفها.  إن علاقة الفرد بالآخربن رجالاً كانوا أم نساء تتأثّر بشكل كبير بمدى موقف السيّالات السابقة منهم ووفقاً لسلوكه معهم في تقمّصاته السابِقة، فالقاتِل يُقْتَل، والسارِق يُسْرَق، والظّالِم يُظْلَم، والجاني يتم الإساءة إليه، حَتّى تكون موازين العدالة متساوِية.

Return to the Top

 

11- السيّالات المختلِفة وإختلاف الأشخاص

تختلِف السيّالات بين فردٍ وآخَر في العدد، والدّرَجة الرّوحِيّة، ومستوى الوعي والصّفات، ما يُفَسّر الاختلافات في الحالة الجسدية من صحة أو مَرَض، وأوجُه الاختلاف بين الرّجل والمرأة، وإختلاف النواح العقليّة والفَكرِيّة، وفي الميول والمَواهِب بين النّاس. هذه الاختلافات في السيالات موجودة حَتّى ضمن بيئات يشترك الناس فيها بذات المقَوّمات الاجتماعية والاقتصاديّة ، بَل وحتى ضمن الأخوة في عائلة واحدة خاضعة لنفس الظّروف الخارِجيّة، لأن ما يرثه طفل من والديه يختلف عَمّا يرثه أخاه أو أخته.

Return to the Top

 

12- الانجذاب المتبادَل و النّفور

إن انتقال العناصر الأساسيّة من الوالدين للطفل لا يعني بالضرورة تساوي عدد السيالات المنتقلة منهما إليه، ولا في نوعها وفَعاليتها وجميع خصائصها، إذ قد يرث الطفل سِمات شخصيّته الرئيسية من أحد والديه دون الآخر تماماً؛ ومن هنا يأتي الارتباط اللاواعي القوي الذي يشعر به الطفل نحو أحد والديه، ما يعكِس وجود اشتراك "السيال الرّئيسي" بين الطرفان المرتبطان ببعضهما البعض. إن الظروف التعليمية والبيئية قد تزيد من قوة الارتباط هذا، لكنه لا يتَأتَّى من العَدَم لأن تأثير هذه الظروف في نهاية المَطاف هو لاحق وليس سابق لوجود الانجذاب النّفسيّ بين الطرفين ابتداء من تكوين الجنين في بطن أمه.

وبالمثل ، قد يوجد بين عدد من الأشخاص ، وليس بالضرورة  أن يكونوا  من نسل أو نسب واحد ، سيّال مشترك ، وهذا ما يفسر في بعض الأحيان الانجذاب العاطفي أو الفكري المتبادل  في بعض الأحيان ، على الرغم من الاختلاف العائلي والجنسيات التي ينتمون إليها. لا يُعَدّ شَرح الانجذاب المتبادل من خلال تشابه الميول والأفكار بكافٍ، فهي ليست سوى تعبير، وبعبارة أخرى، نشاط محدد ناتج عن قوة داخِليّة في الإنسان، وهي السيّالات.

من ناحِية أُخرى، فإن الجاذِبيّة المتبادَلة بين شخصين قد يُعْزى في الأصل إلى علاقة عاطفية مُتبادلة في تقمص سابِق، وقد حدث في الدورة الحالية أن استيقَظت مجدداً.

قد يشبه هذا الاجتذاب المتبادَل اللاواعي علاقة الإنسان مع بعض الحيوانات، او النباتات أو أشياء غير عضويّة، دون أن يَتَسَنّى لَهُ فهم غموضها. أما تفسيرها فيتبع النّمط ذاته. أمّا بِخصوص النّفور اللاواعي الحادث بين فرد وآخر، فمَرَدّهُ إمّا إلى التّفاوتات الهائلة في درجات ميول سيّالاتهما، أو العداء الذي كان موجوداً في بعض سيّالاتهما في تقَمّص سابِق.

مثال توضيحي في نبوءة مقتل الرئيس كِنِدي:

تضاربت التفسيرات والتأويلات في مقتل الرئيس جون كِندي عن الدّافِع الذي أدّى بالقاتل لارتكاب جريمته، وبرغم ذلك لم يتم التوصّل إلى نتيجة كافية وقاطعة. إلّا أن الدكتور داهش كان قد تنبأ بمقتل الرئيس الأمريكي  قبل وقت طويل من وفاته. ولتجنب أي تعقيدات وعواقب ، فقد أَعْطَى رجل المعجزات نسخًا من النّبوءة المكتوبة لِعِدّة أشخاص، وحثهم على عدم إعْلانها على الملأ إلا بعد وقوع الحادثة. كان أحَد  هؤلاء الناس وزير الحكومة السابق السيد إدوارد نون الذي تم تسليمه نسخة من النبوءة في مغلف  احتفظ به في خزنته.

وفي 28 نوفمبر 1963 ، طُلِبَ منه بحضور مجموعة من الصحفيين فتح الظرف الذي فيه النبوءة. فإذا بهم يجدوا أنَّهُ  يحتوي على التاريخ والساعة والدقيقة التي قتل الرئيس كينيدي فيها ، وكذلك عدد الرصاصات التي ستثقب جسده ، ومواضعها و واسم قاتله ، واسم قاتل قاتله ، ثم مدة مكوثه في المستشفى. وشرح الدكتور داهش سبب قتل أوزوالد لِكينيدي مشيراً إلى أنها عائدة لأسباب حدثت في تقمصات سابِقة. إذ أن كينيدي كان (في تقمّصه السّابِق) أبراهام لنكولن ، وكان قاتله بوث ، قاتِل لينكولن. فَبَقِيت دوافع القاتل المُعادية حَيّة في سيّالاته  بعد وفاته، فَجميع ميول السيّالات تبقى حَيّة.  فَعندما أعيدت للحياة مُجَدداً ، استيقظت ميوله العِدائيّة ما يبرر مشاعِره  العِدائية اتّجاه الرئيس، إذ ظَلّ تحت وطأة تلك الدّوافِع حتى قَتْله إيّاه.

وقد نُشِرَت النّبوءة في جريدة "الجريدة" اللبنانية في 29 نوفمبر 1963.

Return to the Top

 

13- ميول السيّالات والتّوازُن النفسيّ

بشكل عام ، لِسيّالاتِ كُل فرد ثلاثة أنواع من المَيوْل: روحي راقٍ ، و أرضي مادي،  وشرير . ولا يَتحقق التوازن النسبي داخل الذات ما لم يحدث تسلسل هرمي في الفرد بِحيث تُسيطِر إحدى السيّالات ذات النزعة الروحية الراقية على المجموعتين الأخْرَتَين.

إن سيّالات الميول الرّوحِيّة (مثل الحب النقي ، الرحمة ، التواضع ، العفة ، القناعة ، الزهد ، التضحية بالنفس والكرم وشجاعة الروح) هي الوحيدة التي يتسنّى لها ترك الأرض إلى العوالم الفردوسيّة، أما السيّالات ذات الميول الأرضية (مثل الشراهة والجُبن والتباهي وخمول النّفس) فهي تبقى ضمن الجاذبية الروحية للأرض. أما السيّالات ذات الميول الشريرة (مثل الميل إلى القتل أو السرقة أو الإيذاء أو الحسد ، أو الكراهية ، أو الغطرسة ، أو الفجور ، أو الكَذِب ، أو السُّكْر ، أو البُخْل أوالجشع) فهي تَضَع نفسها بشّرها وانحرافها ضمن جاذبية العوالم الجحيميّة الدُّنيا.

Return to the Top

 

14- قيمة الأعمال بنوعية دوافعها

إن الأعمال الصالحة كالإحسان إلى الفقراء، ونشر الإيمان باللـه بين الناس، والصلاة، والصوم وغيرها، جميعها من شأنها أن ترقي سيالات الإنسان إذا اقترنت بدوافع سامية. ولكن هذه الأعمال نفسها إذا كان الدافع إليها حب الظهـور ونيـل المجد الـدنيـوي، أو غير ذلـك مـن الدوافع الخسيسة، فإنها تفقد معناهـا السـامي وجزاءها الروحي..

 ألم يقل يسوع الناصري عن المُتباهين من المُحسنين ، و الذين يصلون ويصومون ويقومون بما يفعلونه للمجد الدنيوي: "لقد نالوا أجرهم" (متى 6: 3 ، 6 ، 17)

Return to the Top

 

15- الرحمة والنّعمة

      معاملة الله تعالى للبشر قاعدتها العامّة هي العدالة ، فما يزرعه الانسان ايّاه يحصد . ولكن السماوات رحيمة , ورحمتها لا نهائيّة . ولذا كان التقمّص للناس . وتتجلّى الرحمة الالهيّة بمظاهر كثيرة ، فقد تكون في تأجيل العقاب الخاطىء واتاحة فرصة التوبة أمامه ، أو بتلطيف العقاب بتوزيعه على أزمنة متعدّدة ، أو بابداله بآخر ، أو في غير ذلك . لكن الرحمة ، في رأي الداهشيّة ، لا تعني اطلاقا محو الخطيئة نهائيّا وازالة العقاب ، والاّ اختلّ ميزان العدالة الالهيّة . أمّا النعمة فهي مساعدة روحيّة خاصّة يمنحها المستحقّون فقط . ولا يكون الاستحقاق الاّ ببذل الانسان جهدا مميّزا لاصلاح نفسه وترقيتها بقيامه بأعمال ساميّة الأهداف، أو بنزوع نفسه منزعا روحيّا طويل الأمد .

 فبحسب الداهشية ، النعمة المجانية غير موجودة. لقد جاء فداء المسيح  لِخاصَّتهِ ، لأولئك الذين يؤمنون به، ويُنِّفذون وصاياه؛ أولَئكَ الذين أحبهم وصلّى إلى الآب السّماوي لأجلهم ليحفظهم  من الشرير، لأنهم، حَفِظوا كلماته (يوحنا 17).

وَمن ناحية أُخرى ، فإن شفاء يسوع للمرضى في فلسطين لم يكن عشوائيا. لأنّه لم يشفِ كل المرضى بل أناساً مُعَيّنين ، أولئك الذين، استحقوا، نعمة الشفاء  بعد فترة من المعاناة. كان المرضى الذين كانوا عند بِرْكَة باب الخراف في القدس كثيرين ، وكلهم تاقوا  إلى الشفاء بمعجزة ، ولكن الناصري اختار من بينهم واحِداً لم يعرفه سابِقاً ومن لم يتوقّع  شِفاءَه على يديه: وهو ذلك الذي كان منبوذاً لِفَترة طويلة.

 

 

 مصاب بالشلل والجنون وامرأة مُصابة بالبَرَص يتم شفاءهما بقوة الروح

 

ما حدث على يد يسوع المسيح حدث على يد الدكتور داهش أيضاً. إيلي معلوف ، طفل لبناني ، أصيب بالشلل والجنون ولم يُجْدِ فيه أيّ دواء.  ولهذا حمله جده ووالدته إلى الدكتور داهش يطلبان منه بقلوب صادقة أن يشفي الطفل. فَحدث أن شفاه الروح على يده في لمحة.

 ميريام مزراحي ، امرأة فلسطينيّة ، كانت مصابَة بالبَرَص الرّسمي في القدس. وقد خضعت للعلاج لفترة طويلة إلّا أن المرض الرهيب كان الغالب إذ ساد على جسدها لفترة طويلة ، لكنه تغلب عليها وساد على جسدها إذ تَهَرّأت أناملها وأنفها وبعض شفتيها وأذنيها، وأصبَحَت في حالَة يائسة وسحنة رهيبة. وإذ بَلَغتها أنباء  معجزات الدكتور داهش ، قَصَدتهُ بِصُحْبَةِ شقيقها. فَعُقِدَت جلسة روحية حضرها أكثر من ثلاثين شخصاً من المُثَقّفين،  بينهم خمسة أطباء هم: عبد الأحد ، وخوري ، وَعشي ، وَأبو سليمان ، وخبصا جميعهم تَثَبَّتوا من مرضها المستعصي. كان رجل الروح قد وجه دعوته إلى جميع أطباء لبنان. ومع ذلك ، كانوا مُتَخوّفين من الحضور. وفي الجلسة الرّوحِيّة، لَمس الدكتور داهش بيده جسم المريضة، فإذا اللحم الجديد يَبْرُز ؛ والفراغ في الجِسم يمتَلِئ، وكل عضو مُبْتَلى يتعافى، والهيكَل الذّاوي الذي يُناديه الموت يستعيد نَضارته. لم يكن لهذان الشفاءان المُعجزان وعشرات من المعجزات الأخرى أن تحدث  على يد مؤسس الداهشية  لو لم يستحق الأشخاص الذين تم شفائهم نعمة الشفاء.

Return to the Top

 

16- الموت والولادة

      يحدث الموت للانسان عندما يغادره السيّال الحيويّ الأخير . لكنّ الموت ، في أغلب الأحيان ، يحصل بصورة تدريجيّة في سياق عمر الانسان . فكلّما غادره سيّال من سيّالاته ، تناقصَت طاقته الجسديّة أو المعنويّة . ولحظة الموت يحدّدها النظام الالهيّ للانسان ، منذ ولادته ، بنسبة تقمّصاته السابقة ودرجة سيّالاته . لكنّ الانسان يمكنه أن يقدّم لحظة موته أو يؤخّرها ، بنسبة ما تكون أعماله الاراديّة الحرّة قد عملت، في خلال حياته الراهنة ، على انحطاط درجته الروحيّة أو رقيّها . وليس الموت فناء ، بل هو انتقال السيّالات من شكل الى آخر .

      وعندما يتحرّر السيّال من قيود الجسد ، تحدث له يقظة روحيّة . يقول الدكتور داهش :" الموت يقظة فتّانة يحنّ اليها كلّ من صفت نفسه وسمت روحه ، ويخافها من كثفت افكاره وكثرت أوزاره ..."

      وفي العوالم الأخرى ، خارج الأرض ، يختلف شكل حدوث الموت باختلاف الأنظمة التي في كلّ عالم . فقد يكون الموت اختفاء فوريّا لشكل الكائن ، أو تقلّصا تدريجيّا حتّى التلاشي ، أو غير ذلك .

      أمّا الولادة ، فلا يولد انسان في الأرض ما لم يكن لأحد أبويه سيّال بدرجة الأرض ، أو سيّال يتاح له أن يهبط الى الأرض ، والاّ فالمولود لا يأتي .

      أمّا في العوالم الأخرى غير الأرضيّة ، فتختلف كيفيّة الولادة باختلاف أنظمة العوالم الكونيّة ، شأنها شأن الموت . وقد تكون من التجسّد المفاجىء ، أو بطريقة القدوم من كوكب الى كوكب آخر ، أو غير ذلك .

Return to the Top

 

17- الانظمة الروحية الكونية النسبيّة

إنّ القوانين الطبيعية ، مثل الجاذبية وغيرها ، ليست سوى جوانب من النظم الروحية الكونية ، التي كان للعِلم فرصة اكتشافها. وكما أن قوة الجاذبية من كوكب لآخر نِسْبِيّة ، كذلك  النظام الروحي فهو نسبي أيضاً.

إنّ مفهوم الخير والشر نِسْبيّ. وما هو مشروع وغير مشروع  يُعَد نِسبياً. فبعض الناس تهتز ضمائرهم عند قتل عصفور ويعتبرونه جريمة ، بينما لا تتزَحْزَحْ ضمائر آخرين عند قتل انسان.

لقد زاد يسوع الناصري من التزامات المسيحيين ومسؤولياتهم ، لأن مستواهم الرّوحِيّ قد صار مختلفًا عن مستوى العبرانيين. وهكذا ، أصبح الغضب من أخ بمقام القَتل، والنظر إلى امرأة بدافع الشّهوة بِمَقام الزّنا (متى 5)؛ إذ تكون الشرائع أكثر تشدّداً وفقاً للقسوة في قلوب الناس.

هذه النسبية الواضحة ضمن عالم الأرض تزداد نسبةً في العوالم الأخرى. علاوة على ذلك ، فإن نوعية الإغراءات المادية التي تؤدي للسّقوط  روحيّاً هي نسبيّة أيضًا وتختلف بشكل كبير من كوكب لآخَر. لذلك ، فإنه إذا ما ارتقى إنسان روحيا  عليه التّنبه  إلى مسؤوليّته في مساعدة الآخرين في ترقية نفوسهم وفي وإحياء ضمائرهم. بعبارة أخرى ، ينبغي أن يكون أكثر تفهما وتسامحا تجاههم.

Return to the Top

 

18. حفظ الأشكال وتسجيل الأفكار وتصوير الأعمال

      من الحقائق الداهشيّة أنّ كلّ كائن حيّ بل كلّ شيء يكون له نموذج يحفظ روحيّا في عوالم خاصّة بعد انطلاق سيّاله الحيويّ وزوال شكله . كذلك يكون لكلّ عمل صورته، ولكلّ فكر أو رغبة أو حلم تسجيله ، جميعها تحفظ في تلك العوالم شهودا على حياة الكائن وسلوكه وأعماله ، بحيث لا يضيع شيء ممّا وجد ، مهما كان تافها .

فيما يلي معجزة تُفسّر ما سبق:

تجسد حمامة نوح مجدداً

 

في 11 يونيو 1943 ، عقدت جلسة روحية حضرها الأديب  يوسف حجار وزوجته ، و مؤرخ الداهشية حليم دمّوس. وحدَث أنه عندما أخْذ الدكتور داهِش بالرّوح  أن بدأ الحاضرون يسمعون رفرفة أجنحة غير مرئية ، تبعها مباشرة تجسد حمامة بيضاء كالثلج ظهرت فجأة في فضاء الغرفة المُغْلَقة. ثم حَطّت على كتف السيدة حجار وفي منقارها غصن زيتون أخضر يقطر ماءً. أوضح الروح العَليّ على لسان الدكتور داهش أن هذه الحمامة هي نفسها حمامة نوح ، وان سيّالها حُفِظَ في عالم خاص بعد وفاتها، وكذلك الماء القاطِر منها، إذ أن سيّالها قَد حُفِظَ بعد زوالها، وهكذا الحال مع جميع الكائنات طُرّاً بعد موتها.

بقيت الحمامة في منزل الرّسالة الداهِشيّة  أكثر من ستة أشهر ، حيث جعلت تطير في الغُرَف، وتهبط أحياناً على أكتاف الإخوة والأخوات ، وتأكل من أيديهم بطمأنينة ولٌطف ووداعة. ومع ذلك، فقد حدث صباح يوم 27 كانون الأول (ديسمبر) 1943 ، أن شاهد المجتمعون الحمامة العجيبة  تحوم حول رأس رجل الروح فجأة،  ثم جعلت تحوم في فضاء البيت، فوق رأسه وكَتِفيه، وفي كل مرة يَصْغُر حجمها ، وهكذا جعلت تتضاءل شيئاً فشيئاً... حتى أصبحت بحجم النحلة الصغيرة ، ولكن على شكل حمامة ؛ وبعد لحظلت، أصبحت صغيرة إلى درجة لم تعُد معها أعْيننا لتتمكّن من رؤيتها.  وكانت هذه هي الطريقة التي عادت بها إلى العالم الذي نزلت منه.

علاوة على ذلك ، فوجئنا في كثير من الأحيان ، عند زيارتنا الدكتور داهش ، بِرؤيته يكشف لنا محادثاتنا وهي مسجلة حرفيًا ، وخواطرنا غير المُعلَنة مكتوبة بِدقّة،  وأوضاعنا الجسديّة  مُصَوّرة بالتفصيل ؛ على الرغم من أننا كنا في وقت محادثتنا ، أو تفكيرنا ، أو تصرفنا، في بيوتنا البعيدة عنه.

Return to the Top

 

19. الانسان والكون

      تؤمن الداهشيّة بأنّ سيّالات البشر متحدّرة من الانسان الأوّل الذي سمّي آدم. وآدم ، قبل أن تجسّده المشيئة الالهيّة في الأرض ، كان مجموعة كبيرة من السيّالات الملائكيّة الكائنة في مختلف درجات النعيم . وبعد عصيان للأوامر الالهيّة اشتركت فيه هذه السيّالات ، حكم عليها بالهبوط الى الأرض مجتمعة في كيان بشريّ هو آدم .

ومن سيّالات آدم كانت حوّاء ، ومن الاثنين تناسلت البشريّة الجديدة .....وقد جرى أن قَضى الناس في الطّوفان ولم يَسْلَم أي منهم إلا نَسل نوح.

 ولهذا فإنه من المستحيل أن يكون الإنسان  أكثر الكائنات رقيّاً، كما لا يمكن أن تكون الأرض نقطة ارْتكاز الكون.

      ومن أجل دفع الحضارة الانسانيّة الى الأمام ، سمحت المشيئة الالهيّة لسيّالات الأنبياء والهُداة والحكماء والمُصلحين الحقيقيّين أن تعمل عملها الخيّر في الأرض ، ولكنّها سمحت أيضا لكائنات تنتمي الى عوالم أخرى أكثر رقيّا أن تزور الأرض من حين الى آخر ، وتسهم في تلقيح البشر بسيّالات تساعد على رقيّهم الحضاريّ عن طريق الاقتران ببعض بناتهم .

      ومن هنا نشأت الأساطير الميثولوجيّة الأولى التي لا تخلو من نواة واقعيّة فسّرها البشر حسب قدراتهم العقليّة ، وأحاطوها بنسيج أخيلتهم .

      وبعض الآثار الحضاريّة الكبرى التي ما تزال ماثلة للعيان في العالم، منذ آلاف السنين ، هي من آثار تلك الزيارات الكونيّة ، ومنها هياكل بعلبك .

      وفي العهد القديم من الكتاب المقدّس إشارات الى التدخل الكونيّ ، منها ما ورد في سفر التكوين ( 6:1-4)  عن أبناء الآلهة الذين اتّخذوا من بنات الناس نساء لهم ، ومن نسلهم كان الجبابرة والأبطال العظام في الأزمنة السحيقة . ومنها ما ورد في الفصل الأوّل من سفر حزقيال عن المركبة الفضائيّة العجيبة التي حطّت أمام النبيّ . وبرأي الداهشيّة أن من ظنّهما لوط ملاكين انّما هما رسولان أرسلهما حاكم أحد الكواكب الراقية في مركبة نوريّة ، وذلك بأمر الهيّ ، فدمّرا سدوم وعمورة بعدما تمادى سكّانهما في الرذائل ، ورفضوا كلّ انذار روحيّ .

وكما سمح للإنسان إجراء اختبارات على المخلوقات الأرْضِيّة كذلك سُمح لسكّان بعض الكواكب ذوات الحضارات المتقَدّمة المتخطّية حضارة الأرض بأشواط بعيدة بإجراء اختبارات على البَشر ومخلوقات الأرض.

      في هذا الضوء ، لا بدّ للإنسان العاقل من أن يفهم حقيقة منزلته بين الكائنات الكونيّة ، ويعدل عن الغرور والتألّه .

Return to the Top

 

20- أدوار التكوين والرسالات الروحية:

تؤمن الداهشية بأن الأرض مرت في أدوار تكوينية كثيرة كانت الحياة تندثر فيهـا لتعود فتنتشر مجدداً. هذه الأدوار التكوينية الحضارية تبلغ، حسب الوحي الروحي الداهشي، 760 دورا استغرقت عشرات الملايين مـن الأدوار التي سبقت دورنـاالتكويني الحالي الذي بدأ بنوح.

 كل دور كان ينتهي عادة بالوصول إلى درجة عالية من التقدم العلمي والتكنولوجي، وبظهور رسالة روحية جديدة تكون البداية لدور آخر. وآدم الذي يشير إليه سفر التكوين سبقته عشرات من تجسداته في الادوار التكوينية السابقة. والداهشيون يؤمنون بأنهم في ختام الدور الحالي، وليس أدل على ذلك من تخزين أسلحة الإبادة الشاملة.

 ومع ذلك ، ما دام عالمنا صالحاً للحياة ولم يباد بعد، ستستمِر الدورات الحياتيّة وظهور الرسالات الروحيّة  طِبْقاً لِنِظامٍ إلهي، إذ ليس هناك من إنتهاء لمجئ  للرسالات الروحية إلا عند انتهاء الحياة وزوال الأرض.

Return to the Top

 

21- الانسان والكائنات الأرضيّة

      لكلّ كائن دوره الخاصّ في دورة الحياة الكونيّة ، فلم يخْلَق عبثا أيّ كائن مهما كان تافهاً في عين الانسان .

ولئن كان الانسان يغتذي بكثير من الحيوان والنبات، فإنّ جراثيم كثيرة تغتذي منه ، وتتوالد على حسابه وهو حيّ ، وديدان الأرض تغتذي منه بعد موته .

      وكتابات الدكتور داهش حافلة بمناجاته الأزهار والأشجار والأطيار وعناصر الطبيعة القويّة والجميلة . وهذه المناجات ليست من قبل المجاز والاستعارات الأدبيّة . انّها معايشة واقعيّة لتلك الكائنات والعناصر . فالداهشيّة تؤمن بأنّ الأطيار ومختلف أنواع النبات ، بصورة عامّة ، تتمتّع بسيّالات راقية قد تفوق ، أحيانا ، سيّالات البشر . كما أن ما ورد في كتابات عباقِرة الشعراء الفلسفية الروحيّة في ما يخص الأشجار والطيور, ولو كان اكتشافها بطريقة حدسية، لَهُوَ حقيقة روحية بالنّسبة للداهشيين. ثُمّ إن تشديد مؤسس الداهِشيّة  في كتاباته على أهمية تعاوننا مع هذه الكائنات ، ما يَحُثّنا في الواقع على إقامة ترابط معها مثل ترابط الناس مع بعضهم البعض؛ وَبعبارة أخرى ، أن نكون خيّرين معها ونأخذ الإفادة منها.

كل دورة حياة للإنسان هي عبارة عن حلقة في سلسلة متصلة ببعضها بعض ، لكن لا يمكن للإنسان تذَكُّر حياته الماضية ، لأنّ سيالاته المتجمّعة  معًا في السابق ستكون مُشَتّتةً حاليّاً (في تقمّصه الحالِيّ)، باستثناء أحدها أو بعضها. وهكذا ، فإنّه يمكن مقارنة كيان الفرد في تقَمّص واحد بِورقة كُتبت عليها قصة حياة ثم تمزقت إلى قطع صغيرة وتناثرت. فاذا حدث أن وَجَدْتَّ قطعة ممزقة تحمل حرفًا أو كلمة ، لن تكون قادرًا البَتّة على معرفة القصة كاملة.

من ناحية أخرى ، فقد مَنح النظام الإلهي الحيوانات  مَلَكَة تَذَكُّر حوادث ما سَبَق من تَقمّصاتها لمعرفة أسباب تقمصها الحالي كحيوانات ، فَتَجَنّبها الوقوع مرة أخرى إلى ما يؤدي إلى مثل هذه الأسباب. وبالتالي ، ما يمَكّنها من رَفع درجتها الروحِيّة. وهذا ينطبق أيضاً على حيوانات ذات الدرجات الروحية الأدنى من الإنسان.

في بداية السبعينيات، نُشرت عدة دراسات عِلميّة مهمة عن قوة الإدراك في النباتات وعن مشاعرها، وذلك بعد نشر عشرات الكُتُب حول ذات الموضوع بما يخص الحيوانات. والداهشية قد أكّدت ذلك منذ تأسيسها في أوائل الأربعينيات. إنّه لَفي روايات الدكتور داهش أمثلة  توضيحية كَثيرة عن حياة الحيوانات والنباتات والأشياء غير العضوية وعن ذكائها ومشاعرها ومسؤولياتها الروحية الخاصة بها.

Return to the Top

22 - حرية الانسان والمشيئة الالهية

لا تُؤمِن الداهشية بوجود قدر خارجي  يُخْضِع الإنسان لقواعد جائرة ، حيث يتلاعب بشكل تَعسُّفِيّ بِمصيره ، إذ إن مَصير كل إنسان يسير وِفق إستحقاقات  سيالاته مِن دورة تقمصية سابِقة لِأخرى.

إنه لَمِنَ العَبث إذن أن يلوم الإنسان مسؤولية ما يحدث إليه عازياً الأمر إلى الله عَزّ وَجَلّ او إلى الأقدار. إذ لا يمكن أن يُصيبه شيء دون اسْتحقاقه ولا يحصد الا ما زَرَع عن إدراك وإرادة حرة.

لكن حُرية الإنسان مقيدة بالنظام الروحي الذي يُدير الأرض وكائناتها. إذ على سبيل المِثال قد يجاهد الإنسان ، على مستوى المعرفة ، لاكتشاف الأدوية وطرق مكافَحة أنواع مختلفة من الأمراض. ومع ذلك، إذا ما قُدِّرَ لبعض الناس الموت بسبب مرض مُعَيّن، لن تسمح الإرادة الإلهية باكتشاف دواء فعال لعلاجه.

وَعلى صعيد السّلوك، وكمَثَل على ذلك، للمجرم الحُرِيّة الكامِلة لاتخاذ قرار قتل جاره، لكن إن لم تَحِن ساعة موت جاره، فَسَتُنْقِذُه العناية الإلهية دونما شك بطريقة أو بأُخْرى.

في ضوء ذلك، فإن عواقِب الزّلازِل، والكوارِث الطبيعية، والحروب، ينبغي إدراكها، فهي تصيب أفراداً دون غَيرهِم، فالاستحقاق هو ما يفسّر كُل مَوقِف.

إن هذا لا يَمنَع تَدَخّل الإرادة الإلهِيّة في شُؤون النّاس، عند الضَّرورة، لكن دون خرق لِمَبدأ الاستحقاق. وبين معجزات الدكتور داهش عدد كبير يُوَضِّح ذلك.

توضّح المعجِزة التالية هذا المبدأ:

حَرَكة مُتَزامِنة قامَ بها المِئات:

في عام 1971 كان الدكتور داهِش في مِصر. في أحد الأيّام، وفيما كان في السيّارة، في أحد شوارع القاهِرة العريضة مع عدد من أصدقائه من بينهم السيدة زاهِد، وهي سيّدة مُثقفة. حدث فجأة أن ارْتَعَشَ الدكتور داهِش بالرّوح فقال: " انظروا هناك". وفجأة، بدأ مئات المصريين السائرين بالرّكض. جميعهم دون استثناء أحد، كباراً وصِغاراً، رجالاً ونساءً، كلهم يَجْرون بنفس الطريقة.

 وقد أحْدَث هذا المشهد الغريب موجة ضَحِك للناظِرين، بقدر ما جلب من دهشة.

بعد بضع دقائق، أشار الدكتور داهِش بيده نحو الحشد الرّاكِض وإذا بهم يعودون  إلى مشيهم الطبيعي الهادئ. وتَكرّر هذا المشهد لِمَرّة ثانية. ثم قال رجل الروح لأصدقائه: "لقد أريتكم هذا الظّاهِرة لإظهار كيف تصير الناس كآلات إذا ما أرادت الروح إلهامَهم للقيام بعمل مُعَيَّن. والقوّة التي جعَلَت مئاتاً تسير بنفس الطريقة،  بإمْكانِها أن تُحرّك مِئات الآلاف والملايين بِفِكْرَ معين حيث تَدْفَعهُم إما إلى حرب أو سَلام  وذلك وِفْقَ استحقاقهم، وبدون أن يُدْرِكوا أنَّ وَراءَ أفعالهم قوة روحية غير بشرية. يتم تقديم الأسباب المناسبة في أذهانهم بعد ذلك ليقَوموا بِما يجب عليهم فِعْلهُ ". إنَّهُ في قدرة الله، إذا شاء ، توحيد العقول والقلوب ، لكنه يعطيهم الحُرية حتّى يكون استحقاقهم بنسبة أعمالهم عادلاً  كَمُكافأة أو عقاب.

 

23- الفضيلة والذكاء

الفضيلة شرط أساسي لخَلاص السيّال من جاذبية العوالم الجحيميّة. ومع ذلك ، إن اصْطُحِبَ السيّال بالغباء فلا تَحْريرَ لهُ من عالم الأرض.

لا يمكن لسيال طابعه الغباء ولوج  العالَم الفردوسي حتّى وَلو اصْطحِبَ بسلوك صالح.  فالتَّقَدُّم الروحي الحقيقي يجب أن أن يكون جامِعاً للمَيل والفِكْر معاً. وبما أن كُل سيّال له ميولهُ الخاصة به وكذلك مُستواه الخاص من ناحِيَة قوة الإدْراك ، فَلن يُسمَح له من التّحرر من جاذِبيّة الأرض الروحِيّة لِدخول الفردوس بفَعل ارتقاء  ميوله وحْدها. ومع ذلك فسيّال الغباء لديه فرصة لتحسين نفسه من خلال تقمّصات عديدة ، ليكون مستحِقّاً بلوغ عوالم الفردوس.

للمرة الأولى في تاريخ الأديان ، تؤكّد رِسالة على أهمية الجمع بين الفضيلة والذكاء لنيل الخلاص. يُعتَبَر أهل الجنة كائنات ذوات ميول روحية متفوقة وذكيّة كذلك.

 إنَّ الفضيلة ممارسة واعية حَيّة؛ وَإذا لم تكُن مصحوبة بإدراك واعٍ فلا مَعْنى لها. لذلك فإن تمتمة الصلاة بطريقة آلية ودون تفكير لا قيمة لها ، كما أن كل مُمارسة دينية لا تؤدي إلى الرُّقِيّ الروحي الحقيقي في جوهر السيّال لا قيمة لها.

 

24- الحرية والعدالة:

 "من كلمات الدكتور داهش:

" الداهشي يرى أن الدفاع عن (الحرية) واجب سماوي مقدس. فهو يستميت في سبيل الذود عن ذمارها، لأنها  ( هدية) الخالق لخلائقه من مختلف الملل، و شتى النحل."

بناءً على هذا المبدأ ، حارب مؤسس الداهشية بقوة استبداد الرئيس (بشارة الخوري) ولم يكُفّ حتّى أسقط الشّعب هذا الطاغية مِن السُّلْطة.

إن الداهشية مع الحرية المُطلقة للأفراد والشعوب، وضد كل أنواع القهر والظلم ، كما أنها لا تَقبل بأي قيود على الحُرية باسْتِثناء الأخلاقية منها بمعناها الواسع ؛ أي ما يؤدي الى إلحاق الضّرر من النواحي الجسديّة والرّوحِيّة للآخرين. إنّ الفُجور الأخلاقي، إذا ما كان تحت حماية دولة ما، فسيقَوِّض الفضيلة والفِكر معاً. بعبارة أخرى، سَتُلْغي أي احتمالية لتقدّم حَضاري. إن العدالة لَهي شَرط إلهي، كالحُرِيّة، حيث لا ينبغي على أي شخص نَزيه ونبيل الروح الصّمت اتجاهها. فَإذا أصاب بعض الناس الظّلم، تدعوهم الداهِشية إذ ذاك لمقاومة الظّالِم مُتَسلّحين بالحق، والشجاعة الرّوحِيّة، والجهاد، فَمَنْ كان الحق بجانبه كان الله مُعينَهُ.

نقرأ في كلمات الدكتور داهِش التالي:

"الشعب الخاضع الخانع لحكامه الظالم يجب أن يقرن بالنير عوضا عن الأبقار والحمير."

"القاضي الذي يخضع لرئيسه المجرم فيحقق له طلبه الأثيم ويظلم البريء، من العدالة أن يشوى حيا! "

علاوة على ذلك ، تتجاوز الداهشية الحدود الضيقة لمفهوم القومية ، لإيمانها بأن الدورة الحياتِيّة  القصيرة لا تقتصر على الحدود المادية للبلدان. فالتحوّل الجاري عبر التقمصات والدورات الحياتِيّة ، على استمراريتها وشموليتها ، تُذَوِّب الأمم والشعوب في قالب واحد خالطةً فيه المجتمعات والجنسيات. إن الداهشية تدعو  إلى العدالة الإجتماعية ولِلتعاون بين الأمم والى الاخوّة الإنسانية العالمية.

 

25 – وبعد، من هو الدكتور داهش؟

 

مِمّا سَبَق عَرْضُهُ، تتضّح صورة الدكتور داهِش :

انه رجل مَمْنوحٌ قوّة روحِيّة خارِقة تجلّت فيه منذ طفولَتِهِ المُبَكِّرة. وقد شهد معجزاته المئات ممّن وُثِّقَت شهاداتهم، من مؤيدين وخصوم على حَدٍّ سَواء. لَم تأتِ هذه القوّة من مَصْدر عِلمي ؛بل إنها غير بشرية. واستنادا إلى حقيقة أنها مقترنة برسالة روحية تهدف إلى إعادة الإيمان بالله والأنبياء والقيم الروحية السامية لأولئك الذين فقدوا هذا الإيمان، فهي إذَن رِسالة إلهِيّة.

من ناحية أخرى ، تم اضطهاد مؤسس هذه الرّسالة بقسوة حيث عُذِب وَنُفِيَ؛ وبرغم ذلك حارَب مضطهديه بقوة وانتصر عليهم. بالتالي، هو ليس رسولٌ هادٍ فحسب ، بَل أيضاً مؤدِّبٌ روحِيّ.

لقد كنت على علاقة وثيقة به امتدت حوالي عشرين عامًا. كما عاشره آخرون حوالي الأربعين عامًا. وقد عرفته، كما عرفه غيري أيضاً، متواضعاً بلا حدود ِرغم قُوَّتهِ الخارقة للطبيعة. وقد ظَلّ عفيفاً طوال حياته ولم يَتزوج. لقد عرفناه مُتَخَليّاً عن المَلذّات الدُّنيوية يَحْدوه شوقٌ للموت وللعودة إلى عالمه الفردوسي. رحيماً حتى بأولئك الذين آذوه، كريماً وعطوفاً اتجاه الفقراء والمُحْتاجين. فَعديدة هي العائلات البائسة التي كان يساعدها سِرا.

لقد شهدنا صفاته الراقية طوال علاقتنا به عبر السنين، كما رأيناها متجلية في كل كتاباته.

وبالإضافة إلى هذه الصفات الرسولية والروحانية ، تكمن فيه مِيزات فريدة ما وجِدَت في أحد غيره:

أولاً - رغم أنه لم يلتحق بمدرسة أو يَتَلَقَّ تعليماً خاصّاً ، اكتسب بنفسه نطاقًا واسعًا من التعليم المُنْعَكِس في كتبه التي تجاوزَت المائة وخمسين.

ثانياً – أنشأ بِمجهوده الشّخصِيّ مكتبةً خاصة وهي الأكبر بين المكتبات الخاصة في الوطن العربي ، حيث تضم حوالي مائتَي ألف كتاب.

ثالثا: أسس بمجهوده الشّخصيّ،  متحفاً للفنون يُضاهي المتاحف المشهورة العالميّة ، و سيتم افتتاحه قريبًا للعامَّة.

إذا أرَدنا دِراسَة  تفاصيل حياة الدكتور داهش سنجدها سِلسِلة من الأحداث المؤلمة المتواصلة، ومن خلال  قراءة كتاباته، نرى بوضوح ما كابَدَ من معاناة. وأولئك الذين ارتبطوا به ارتباطًا وثيقًا، يعلَمون عِلم اليقين ، أنه من أجل الداهِشيين قد ضحى  وعانى. وبطريقة مُعْجزيّة مَحْسوسة ، لا يتطرّق إليها الشّك، حمَل بِشَخْصِهِ أمراضنا وآلامَنا الجَسَديّة  ومِحَننا، ليُخلصنا....فَللداهشيين الذين آمنوا به ، ولمن سوف يؤمن به، هو أيضا الفادي والهادي الالهي.

في ضوء ذلك ، نؤمن أن الدكتور داهش هو أحدث تجسد "للمسيح"  في العالم.