صوت داهش
السنة العاشرة، العدد الرابع، ربيع 2005
إعصار العُنف يلفُّ العَالم
في الذكرى الخامسة والسبعين لمسيرة الملح الشهيرة التي بدأ بها المهاتما غاندي العصيان المدنيّ السلميّ في الهند، ذلك العصيان الذي وضع أسلوباً جديدا في المقاومة، وأدَّى بالحكمة والصبر وقهر النزعات العنيفة في القائد وأتباعه إلى التغلّب على بريطانيا العظمى هذه الذكرى لا بد من أن توقظ في أذهاننا مصرع غاندي، رجل السلام والوداعة والتواضع على يدِ فردٍ من قومه الذين أحبَّهم، وتبعث ذكرى اضطهاد كلّ نبيٍ ورسولٍ وهادٍ روحيّ بل حتى ذكرى مصرع القائد اللبناني العصامي المتميّز بإحسانه غير المشروط وحبّه لنهضة شعبه. ثرى، إلى متى سيبقى العالم يلفّه إعصار العنف، وسيّال قايين يجري نهراً من الدماء؟ ومتى سيستيقظ الإنسان ليدرك أنّ من يقتله إنما هو أخوه، وأن ما يزرعه لا بد من أن يحصده؟ (أنظر الدکتور داهش، ص 5، ود. براكس، ص ۸).
ويتابع الأستاذ علاء الأعرجي بحثه المُستفيض في أزمة التطوُّر الحضاريّ في الوطن العربي، فيوضح نظرية الجابري في ما يخصّ محدِّدات العقل السياسيّ العربيّ، أي القبيلة والغنيمة والعقيدة، التي يراها ما تزال مُتحكمة بسلوكيات كلٍّ من الطبقة الحاكمة والطبقة المحكومة؛ لكنَّ كاتب البحث يرى أن الجابري لم يفطن إلى حقيقة عدم مرور العرب بمرحلة الزراعة التي تعلّل وتوصِّل وجود المحدِّدات الثلاثة (ص ۱6 ).
ويستخلص الدكتور علي حويلي من قراءته ل تقارير التنمية الإنسانيةّ والعربيّة الصادرة عن الأمم المتَّحدة حتى عام ۰۳ ۲۰ أنَّ المجتمع العربي ما يزال مُتخلِّفاً، وأن أهم القيود والمعوقات التي تحول دون نهضته تُختصر بثمانية أسباب: قمع الحكومات العربيَّة للحريَّات مُتذرِّعة بالمدِّ الإرهابي، سيطرتها على معظم وسائل الإعلام، تدنِّي مبيعات الكتاب العربي وضعف إنتاجه وخضوعه للرقابة، مشكلة تعريب التعليم الجامعي، تهميش اللغة العربيّة في التعليم، ضمور الطبقة الوسطی، تداخل المعرفة بالسياسة، وإقصاء العربيَّة عن منظومة الاتِّصالات المعلوماتية. ويختم الكاتب بحثه بعرض إستراتيجيَّة واعدة وآراء شخصية (ص ۳۰ ).
وفي دراسة مُستفيضة يعرض الدكتور فكتور الكك حياة يوسف السمعاني مُبرزا مواهبه الثقافية الموسوعية والمناصب التي تقلَّدها في الفاتيكان والأعمال الجُلَّى التي قام بها، ولا سيَّما وضعه كتاب الإلهيَّات. ويظهر الكاتب ما في هذا الكتاب من جدلية برهانيَّة، ثم يعرج إلى الإلماع إلى الفكر الفلسفي الموضوع بالعربية بعد ابن رشد،
كالفكر الصوفي الإيراني والتأليف اللاهوت المسيحي (ص ۳۷ ). وفي القسم الإنكليزي من هذا العدد تعالج الدكتورة ماري آن دل فكيو موضوع بحث الأديب الإيطالي براتوليني عن الفردوس المفقود من خلال التطهّر بالألم، مانحاً أحداث التاریخ معنى لاهوتيًا رمزيًّا (ص ۱۷).
ويقدم الدكتور تيسير الناشف كتابه الجديد الحكومة والفكر والمجتمع في العالم الثالث مركزاً على الاختلافات في الطرق والمناهج التي يتَّبعها كلٌّ من السياسيّ والمفكر في أعمالهما للتأثير والمكسب ما هو ممكن أو واقعيّ (ص ۱۳ ).
ويركر الدكتور سمعان سالم في مقالٍ له على أسبقية الهلال الخصيب في تدجين الحيوان والنبات والدور الخطير الذي أدَّته تقلُّبات المناخ في هذه العمليّة، وهو دور لم يكن للإنسان فيه آيّة سلطة (ص 4 ).
كذلك يضمُّ هذا العدد عدَّة مقالاتٍ مُفيدة ومُشوقة عن الشوباشي وسيبويه بقلم حلمي سالم (ص ۶۰ )؛ ورؤية لموقف الفكر الإسلامي من الشعر والشعراء بقلم جمال عمر (ص 66 )؛ و آفاق الوراثة والمورِّثات بقلم الدكتور يحيى الشمالي (ص ۷۵ )؛ ونحيب محفوظ ورحلة طويلة مع السينما بقلم وليم غازاریان (ص ۷۸ )؛ فضلاً عن قصة قصيرة يكشف فيها مؤسّس الداهشيَّة عن أسرارٍ في حياة نابوليون بونابرت الغراميَّة (ص ۶۸ )، مع قصيدتين جميلتين ليوسف عبد الصمد وعلي جمعة (ص 53 و 56 ).*
رئيس التحرير