info@daheshism.com
إفتتاحيَّة صوت داهش السنة العاشرة، العدد الثالث، شتاء 2005

 

صوت داهش

السنة العاشرة، العدد الثالث، شتاء 2005

 

وراءَ العوامل الطبيعية سببيَّة روحيَّة

تُعلِّل الأحداثَ البشريَّة

 

دأبَ، علماء الاجتماع على أن يفسِّروا أوضاع الناس وأحدائهم بالعوامل الاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديَّة والثقافيَّة, لكّن هذه العوامل في المنظور الداهشيّ، على صحَّتها، ليست السبب الحقيقيّ، بل هي نتيجة أسبابٍ روحيّة مبنية على أوضاعٍ نفسيَّة (إدراكيَّه ونزوعيَّة خُلقيَّة) ونتائجها العملية في مجتمع ما، لا في تاريخه الراهن فحسب، بل أيضاً في تاريخه السابق. وجهل البشر الاسباب الروحيَّة يجعلهم أحياناً يُشكِّكون في العدالة الإلهيَّة أو يؤمنون بالعبثيَّة، وخاصة عند رؤيتهم الحروب والثورات، أو الزلازل والفيضانات وما أشبه من الكوارث الطبيعيّة، تحصدُ مئات الأطفال والأبرياء، والإيضاح الداهشيّ لمثل هذا الواقع المأساويّ هو أن الحياة اشبه بنهرٍ حيّ يتدفَّق  من الأزل إلى الأبد، دفعاتُه السيَّالة المتواصلة يؤثِّر سابقها في لاحقها لتماسكها دونما انقطاع، لكنَّ كلَّ دفعة لا تُدرك إلا نفسها، وأن العدالة الإلهيَّة مُهيمنة على جربان نهر الحياة وفق سببيَّة روحيَّة صارمة لا تسمح بذرَّة من الخطأ أو الظلم. لكن البشر عاجزون عن اكتشاف الأسباب الروحيّة بأنفسهم، ولذا تحتَّمت ضرورة الأنبياء والهُداة الروحيِّين (أنظر د. داهش، ص 5 و 69 ، و د. براکس، ص 6 ).

و جرياً على حدِّ علماء الاجتماع يتابع الأستاذ علاء الأعرجي الكشف عن العوامل الاجتماعية والاقتصادية للأوضاع | المتخلِّفة التي يتردَّی فيها معظم العرب اليوم، مقارناً " بين حال العرب بعد الفتوح الإسلامية وحال عرب الخليج بعد الطفرة النفطيه "، مُبرزاً أوجه التشابه كالغنى السريع والاقتصاد الريعي واحتقار العمل كما أوجه الاختلاف (ص ۳۹ ).

كذلك تُتابع الدكتورة سميرة عواد ماضي الكشف عن آراء الشيخ خالد محمد خالد التحرريَّة في خطاباته المفتوحة إلى الأزهر، فتُبدي نفيه التناقض بين الدين والمدنيَّة شرط فهمهما فهماً صحيحاً، ورفضه الإيمان القائم على التقليد الأعمى، وغير المستنير بقوّة العقل، كما تكشف عن أخذه بتطوير الشرائع الخاصَّة بأحوال الاجتماع، وشجبه الحرب التي لا يقتضيها الدفاع عن النفس، ودعوته إلى الإيمان بوحدة الأديان التي كانت جميعها خيرَ مُعين لإيقاظ الضمير الإنسانيّ (ص ۲۰ ).

وفي التفاتة حضاريَّة روحيَّة عرض الدكتور فكتور الكك لإمكان قيام أسس وآفاق لحوار مسيحي - إسلامي. فألمع إلى أن حتميَّة الأخوَّة الإنسانيَّة وهدف السلام العامّ بين البشر يُمليان ضرورة الحوار، لا سيَّما أن الإنجيل تجاوز فكرة الحوار إلى ضرورة محبّة الأعداء ومُباركة اللاعنين والقرآن دعا إلى المجادلة " بالتي هي أحسن"  وإلى أنّه " لا إكراة في الدين " وإذا كان الحوار لا يخلو من صعوبات، فإن فوائده جليلة (ص ۱۷ ).

 

كذلك عاد بنا الأستاذ سمير شيخاني إلى حياة بوذا العظيم الذي تخلَّى عن حياة البذخ في القصر الملكي ليتنسّك متقشِّفاً، معلماً الإنسان طريق خلاصه من دورات التقمُّص في أرض الشقاء، ومؤسِّسا ديناً لملايين الناس ممَّن يدَّعون إلى إخاء إنسانيّ و سلام عالميّ (ص 51 ). وفي هذا العدد مقالة للدكتور أحمد عتمان عن ترجمة جديدة ل " إلياذة هوميروس " اعتمد فيها النَّص اليوناني الأصلي مباشرة. وقد أشار الكاتب إلى حسنات الترجمة الجديدة من غير أن ينسى فضل سليمان البستانيّ في كونه أول من ترجم ’’الإلياذة شعرا إلى العربية (ص 26 ). كما يضمّ هذا العدد، في قسمه العربي، مقالاً عن شبح الموت وأيام فرجينيا وُولف الأخيرة لفاطمة ناعوت (ص ۶۱ )؛ وثانياً عن الفنان يوسف وهبي لوليم غازاریان (ص ۷۹ )، وآخر مراجعة لكتاب "  ثمالات "  لسليمان العيسى بقلم غالية خوجة (ص ۸۵ )، مع قصيدة عصماء للدكتور جوزف صايغ (ص 68). أمَّا القسم الإنكليزي فيضمُّ مقالاً للدكتور سمعان سالم عن حقل الأرض المغنطيسي و كيفية استعانة الطيور والأسماك وغيرها به في اتِّجاهاتها ص ۹ )؛ ومقالاً ثانياً لإليزابث بوسعدى عن العرب الأمريكيين المُهاجرين إلى الولايات المتَّحدة (ص 4 )؛ ومقالاً ثالثا ًعن التطوّر التاريخي للغات في الجزائر (ص 14 ).*

 

رئيس التحرير