info@daheshism.com
مُقدِّمة إلى "الحمامة الذبيحة أو الشهيدة الداهشيَّة الأولى ماجدا حداد"

      "الحمامة الذبيحة أو الشهيدة الداهشيَّة الأولى ماجدا حداد"                       

 

 تعريف

بقلم ماري حداد الداهشية

ستة وعشرون عاما توارت منذ رحلت ابنتي ( ماجدا الفتيَّه ) من

عالمنا الفاني ، سافحة دمها القاني کاحتجاج على الجريمة المرعبة التي

أوقعها المجرم بشارة الخوري رئيس الجمهورية اللبنانية بمؤسس

الداهشية في عام 1943 حتى 1952 . وقد انتحرت ابنتي ( ماجدا )

لتُسمع صوتها للرأي العام اللبناني والعالمي، ولتوقظ ضمير الرأي

العام .

وكانت وفاتها في ۲۷ كانون الثاني 1945؛ لأن جريمة تجرید

الدكتور داهش من جنسيته اللبنانية ما كان ليقدم عليها بشارة الخوري لو لم أعتنق الداهشية أنا وقريني السيدجورج حداد وكريماتي أندره

وزينه ، ثم الفقيدة الغالية ( ماجدا ) قاطنة الفراديس الالهية .

إن بشارة الخوري هاله وهال زوجته اعتناقي مع جميع كريماتي

وقريني وصهرنا جوزف حجار الداهشية ، إذ تفانينا في سبيلها مما جعل بشارة الخوري زوج شقيقتي لور يصدر مرسومة جرد بواسطته الدكتور  داهش من جنسيته اللبنانية وأنف الدستور في الرغام !

 

وإذ ذاك أصدرت عشرات الكتب السوداء منددة بالعمل الإجرامي

الذي ارتكبه رئيس الجمهورية ، شارحة مراحل الجريمة النكراء ،

 

ووزعت هذه الكتب السوداء سرا على الشعب اللبناني الذي كان يستيقظ

ليرى طرق بيروت وقراها قد رشت بالكثب السوداء وفيها تفاصيل

الجريمة الهائلة

 

وقد سجنني بشارة الخوري مدة عام كامل قضيته مع المجرمين

والمرتكبين القبائح ، إذ لم يكفه انتحار ابنتي المفدَّاة ماجدا ، بل تكملة

لأحزاني الهائلة و إتماما لأشجاني المرعبة زجني في أعماق السجون

والسجن كان حريا بمن اعتدى على الحريات وعلى الدستور اللبناني

الذي أقسم يمين المحافظة عليه ، وكان أول من حنث بيمينه ومرق

أشلاءه وبعثرها إلى جميع الجهات

إن التاريخ لا يرحم . والتاريخ قد سجل مراحل هذه الجريمة

بعشرات الكتب التي ستملأ الخافقين ليقرأها جميع شعوب الأرض

ويلعنوا من ارتكبها مثلما لعنوا وسيلعنون من اعتدوا على السيد المسيح

 

إن الحمامة الذبيحة ماجدا حداد التي قدمت نفسها قربانا لن يذهب

دمها هدرة .

 

وما دام رجل واحد أو سيدة تقرأ كتابة واحدة من سلسلة الكتب

السوداء التي صدرت والتي ستتوالي طبعاتها ما دامت الأرض أرضا

والسماء سماء ، فسيبقى دمها المسفوح هو الدليل لمن سيقرأ تلك

الكتب التي تشرح مراحل الجريمة الشنعاء الرهيبة

 

إن ذكرك ، يا ماجدا ، لا ولن يبرح خاطري

ونبلك أراه ماثلا دوما أمامي

ولطفك لن أرى له مثيلا أيتها اليمامة الذبيحة

                      

ورقتك ، ويا لها من رقة لا يمكنني وصفها .

وتضحيتك سيذكرها الداهشون .

وسيخلدونها في بطون كتبهم التي سيؤلفونها

وخيالك لن يبرح أفكارهم.

لقد كنت ، یا ماجدا ، في إبان صباك ، عندما أطلقت الرصاصة

على صدرك فأردتك . واحر قلباه عليك !

والأن مضي ، منذ تلك الدفيقة ، ستة وعشرون عاما ہما گانت

تحمله من أهوال مرعبة وأثقال رهيبة

وقد تقدم بي العمر وفعلت السنون فعلها الذريع بي ،

ولكن هذه السنين المنصرمة لم تستطع إزالة صورتك التي حفرت في قلبي ، ولن

تُمحى حتى ولو طوائي الموت بين ذراعيه الرهيبتين

 

فإليك، إلى روحك النقية

إلى فتنتك التي ضمها اللحد بين جنبيه ،

إلى حماستك الملتهبة في سبيل الرسالة المقدسة ،

إلى شبابك الريان الذي طواه اللحد في أعماقه الرهيبة .

إلى روحك البهية التي أصبحت تُعاین الله

في فرادیسه الخالدة ببهجاتِها التي لا يمكن لقلم بشري أن يصفها،

ضارعة إليه أن يجمعني بك قريبا

لأحيٍّي بطولتك التي سجَّلها التاريخ بين دفتيه !

وإلى اللقاء أيتها الشهيد الغالية 

بیروت ،۲۰ شباط ۱۹۷۱.                                                           ماري حداد الداهشية

الساعة السادسة مساء.                                                                  والدة الشهيدة ماجدا

 

                     

 

        سيف الحقيقة  الرهيف

       سيبتر المجرم والمجرمين

 

                                               بقلم الدکتور داهش

منذ سبعة وعشرين عاما مضت، أطلقت ( ماجدا حداد الداهشية)

الرصاص على صدغها وضحت بحياتها ، وذلك احتجاجا على الظلم

الرهيب الذي أوقعه أقرباؤها بي ، إذْ جُردت من جنسيتي ، وأُبْعدت

وشردت في مشارق الأرض ومغاربها

ولور قريئة بشارة الخوري رئيس الجمهورية اللبنانية ، يومذاك ،

هي خالة ماجدا حداد الداهشية.

وفي أواخر عام 1942 ، اعتنق الداهشية كل من ماري حداد

وقرينها جورج حداد ، وكذلك كريماتها : ماجدة الشهيدة ، واندره ،

وزينة ، كما آمن بها صهرهما جوزف حجار قرين السيدة آندره

 

وقد حاول أقرباء إلى الحداد أن يبعدوا السيدة ماري وقرينها

وكريماتها عن مؤسس الداهشية ، واستعملوا كافة الطرق ، ففشلوا

وكان فشلهم ذريعاً

 

وإذ ذاك صدر مرسوم النفي والإبعاد . فما كان من ماجدا صاحبة

العقيدة الداهشية الراسخة إلأ الاحتجاج الصارخ ، إذ أطلقت الرصاص

على صدغها مضحية بحياتها الغالية في سبيل إيصال صوتها للرأي

العام ، استنكارا لهذا النفي المجحف والتشريد الذي تجاوز حدود

القانون والدستور

                              

 

إن هذه المأساة المرعبة قد مضى عليها سبعة وعشرون عاما ، وما

تزال كأنها ( ابنة ساعتها )

 

وستمضي آجال وتتصرم أجيال ، وستؤلف كتب كثيرة شارحة

مراحل هذه المأساة الهائلة

 

والشعوب القادمة ستكون الحكم إذ ذاك .

ويكون التاريخ القول الفصل .

وسوف يميز الصالح من الطالح .

وسيكون حكمه صارماً ولكن عادلاً .

 

وبما أنني أعتقد إعتقاداً راسخا بخلود الأرواح ، وأنها تنتقل بعد

الوفاة إلى عوالم مادية أخرى ، إذا بوسعي أن أؤكد تأكیداً جازما أن

الحساب لم يسدد بيني وبين من ارتكب الشر الفاضح ، وأن الاقتصاص

سيبتدی فور انتقالي من عالم المادة الدنيوي هذا.

وسيكون الحساب عسيراً، وسيدفع الثمن غالياً . وإذ ذاك تنتصر العدالة

بعد أن يساط الظلم سوطاً رهيباً ، إذ لكل جريمة ثمن ستدفعه

عاجلاً أم آجلاً . وإن ربك لبالمرصاد .

وما أروع الكلمة الخالدة التي تفوه بها الأديب الروسي العالمي

تولستوي ، إذ قال : إن الله يمهل ولكنه لا يهمل.

 

وإذا ظن المعتدي أنه قد نجا بعدما انطلقت روحه من عالم الأرض

ولم يقتص منه على ما ارتكبه من أهوال جسيمة ، فظه باطل وتخيلاته

وهمية

                       

 

وستُوقظه الفجيعة التي ستنقض عليه انقضاض الصواعق في عالمه

الذي أوصلته إليه أعماله الرهيبة .

 

وليثق الجميع بأن كل آت قريب

 

ومن يتهكم بأقوالي هذه ، فإنما يتهكم بنفسه وبغبائه الشديد .

وإني أسأل بدوري، من أين أتيت أيها العلامة العارف الغارق في العلوم والفلسفات . ولكنه سيصمت ، ولن يستطيع اعطائي الجواب

 

وما دام الانسان يأتي ولا يعرف من أين كان مجيئه ، فما أحراه أن

يجهل إلى أي مكان ستكون عودته ، عند انتهاء أيامه على أرض الشقاء هذه

ولكني أعتقد اعتقاد راسخ أن كل ابن انثي سيذهب ، بعد وفاته

إلى عالم مادي آخر ، ويبدأ ، هناك ، حياة جديدة أخرى

 

وهكذا يتسلسل موته وبعثه من عالم إلى عالم إلى عالم حتى يبلغ

عالم الروح ، بعدما يكون قد تدرج في سلسلة اختبارات وتجارب

هائلة ، وبعدما تكون روحه قد بلغت الكمال ، بعد سلسلة مرورها في

عوالم عديدة .

 

هذا هو رأيي الخاص ، ولكل رأيه الخاص .

وإني أستشهد بالآية القرآنية القائلة :

وإنك لا تهدي من أحببت . إن الله يهدي من يشاء . والسلام .

(

داهش

بيروت في ۱۰ - ۲ - ۱۹۷۲