info@daheshism.com
الدكتور داهش و جبران خليل جبران

 

قوى الدكتور داهش

إنّ أولئك الذين يؤمنون بالدكتور داهش ومعجزاته الخارقة ورسالته الروحية يؤمنون أيضًا أنّ جبران خليل جبران ، مؤلّف كتاب "النبيّ" ، جاء الى الأرض مبعوثًا ومُمهِّداً الطريق أمام الداهشية - بنفس الطريقة التي جاء بها يوحنا المعمدان ممهّداً الطريق لرسالة السيِّد المسيح المقدّسة،
كما أنهم موقنون جيدًا أنَّه من المُمكن للروح أن تُخاطب الناس من خلال النبيّ أو من خلال شخصيَّاته الروحيّة سواء شفهياً أو كتابياً. 
وفي ١٠ أيار ١٩٤٢ ،تجسّد سيَّالٌ تابعٌ لروح جبران خليل جبران، ومن خلال الدكتور داهش، كتبَ قصيدةً نثريَّة بعنوان "الضباب". إنّ مغزى هذه القصيدة مروّعٌ ويخص نهاية العالم، ولكن سأترك للقارئ حرية استخلاص استنتاجاته الخاصَّة منها.

 

الضباب

 

 

ضباب!

ضباب كثيف يحيط بنفسي...ويكبلها بقيوده!

ضباب متلبد في سماء حياتي

يحتاطني مثلما يحتاط السوار معصم الحسناء!

ضباب جميل! يتجمّع ليعود ثانية فيتبدد!

خيالات،وطيوف غريبة تتراءى لي من خلال الضباب...

وآلاف من العيون النارية ترمقني!

ويتبدد هذا الضباب المكفهرّ ليعود ويتجمّع

بألوان بيضاء مشوبة بالصفرة كالقطن المندوف!

 ومن خلاله تظهر لي وجوه ناعمة،ولكنها حزينة!

وعيون ذابلة كأنها تستجدي العطف ممن تنظر إليه!

وأياد...لا يمكن معرفة عددها لكثرتها!

بعضها منبسط القبضة،

والآخر مقفل!

وأصابع متشنجة،والأعصاب ثائرة،

وهي متوترة كالحبال الغليظة!

وأياد أخرى هادئة،وادعة،مستكينة،

لا يبدو عليها أي أثر للحياة...

لولا بعض الرعشات بين الفترة و الفترة!

ويعود هذا الضباب فيتبدد!

ليعود إلى التجمّع بصور و ألوان أخرى غاية في الغرابة!

وأنا باق في مكاني!.. أنعم النظر في هذه المشاهد الغريبة!

وفجأة تراءت لي سحابة كثيفة تجمعت واتحدت

مع قطع من (الضباب) السابح في الفضاء!..

حتى إذا ما ائتلف الجميع تكوّن من هذا (الضباب) جبار رهيب،

وهو متنمطق بالغيوم!

ويضع مكان عينيه كوكبين يخطف بريقها البصائر والأبصار!

وبسط هذا الجبار يده،وصاح بي قائلاً:

"يا ابن الأرض!

بلّغ رسالتي هذه لأبناء قومك،

هؤلاء الأقزام الذين يظنون أنهم بلغوا من المعرفة والحكمة

الغاية التي ينشدونها!

قل لهم يا ابن الطبيعة ،ما أعطكه الآن..."

ودوّى صوته كهدير المياه

وهي تتدافع في الأودية الصامتة!..

ثم قال:

"يا أبناء الأرض المساكين!

منذ عشرات الآلاف من السنين،

وأنا أشاهد أعمالكم،وأسمع أقوالكم،

وأراقب أفعالكم،

وأقرأ أفعالكم،

 وأقرأ ما يجول في أفكاركم،

وإذا هي هي لا تتغيّر!

فأنتم تفنون في حب (المرأة)!

وتتهالكون على (المادة)!

وتعبدون (السلطة)!

وتقدسون (السطوة)!

وتعتدون على (الضعفاء)!

وتكفرون (بالسماء)!

وتموّهون (لحقائق)!

وتخادعون بعضكم بعضاً!..

قويّكم يعتدي على ضعيفكم!

وخبيثكم يعتدي على آمنكم!

قسسكم يتظاهرون بالتقوى وهم الأبالسة المتجسدون!

دستم على الوصايا!

وهزأتم بالشرائع الإلهية!

وكفرتم بالسماء!

وقدستم الأباطيل!

هزأتم بالتعاليم السامية!

واتبعتم شهوات قلوبكم الدنيئة!

قرأتم ما أوصاكم به سيد الأطهار!

ولكنكم...لغلاظة في قلوبكم،ولعدم إيمان في أعماقكم،

لم تفعلوا بما جاء في هذه التعاليم السامية،

حتى ولا ببعضها!

 لا،بل كانت أفكاركم لا تدور إلا حول الجرائم والشهوات،

والأماني الساقطة والنزوات!

وقد راقبتكم طويلاً!

وصبرت عليكم صبراً جميلاً...أجيالاً وآجالاً...

علكم تعودون وتصلحون خطأكم،

وعلّ (الندم) يجد له مكاناً في قلوبكم!

ولكن،عبثاً كان انتظاري هذا!..

فالأجيال المملة قد مضتوانقضت!

وأنتم ما زلتم على حالكم!

لا بل ازدادت آثامكم أضعافاً مضاعفة...

عما كان يقوم به آباؤكم،وأجدادكم!

لهذا،

صمّمت،اليوم أن أبلغكم (أمري) الذي لا يردّ،

والقاضي بتدمير(عالمكم) الحقير هذا...

الذي لوثتموه بجرائمكم،وأطماعكم،وشهواتكم!..

وأصدقكم،يا أبناء (الأرض) القول:

إن (روحي) قد سئمت كل ما هو كائن في عالمكم الوضيع!

لقد مللت شمسكم وقمركم!أفلاككم ونجومكم!

هضابكم و أوديتكم! أرضكم وسماءكم!أشجاركم وأطياركم!

سهولكم وجبالكم! بطاحكم ووهادكم!..

وكل ما تراه العين،ويصل إليه الإدراك في عالمكم الملوّث،

المصاب بأعمالكم الوضيعة و أفكاركم الشائنة!

سأمحو (عالمكم) من (الوجود)،

وأجعله نسياً منسياً،

لأن الإختبار أكّد لي

أنه محال أن تسمو (أرواحكم)المثقلة بالأوزار!

فهي ستزداد سوءاً على سوء!

إن (إرادتي) قد قضت:

أن تلاشي(أرضكم) لتعود فتغمرها (بالضباب)!

(الضباب) الذي سيسود هذا (العالم)!

وسأجول أنا في (عبابه)طوال الأجيال القادمة،

من دون أن أدع لأيّ عنصر من العناصر المعروفة الآن عندكم،

أن يشاركني البقاء!

أما (الأطفال)...

هؤلاء الذين لم يلوثوا،بعد،

بأوزار هذه (الأرض) وشهواتها الدنيئة،

فسألمس (جباههم) بأناملي (السحرية)،

فيرقدوا رقاداً عميقاً!

حتى إذا ما (استيقظوا)...

وجدوا (أنفسهم) في(مكان) آخر

أسمى من (عالمهم) القاسي!

أما ( أجسادهم) الغضة،البريئة،

فسأحوّلها إلى (ضباب)!

                           بيروت في 10 أيار سنة 1942