info@daheshism.com
الدكتور داهش والداهشيَّة في الصَّحافة

 

نشرت مجلّة " الدبوّر " في عددها رقم 1183
الصادر بتاريخ 23 شباط 1948 ، المقالة التالية للشاعر حليم دمّوس :

 ها أنا أذكر هنا ما جرى أمامي في 23 أيّار من عام 1942 فأقول : الأستاذ ديمتري الحايك هو المدّعي العامّ المركزيّ سابقا في مدينة بيروت . وقد تسلّم هذا المنصب منذ أعوام طويلة حتّى عام 1944 . وتربطه رابطة الصداقة المتينة مع الدكتور داهش منذ سنوات عديدة . والأستاذ الحايك يعرف أنّ الدكتور داهش موهوب قوّة روحيّة وله خبرة واسعة في عالم الروح . أمّا في خلال الأشهر الأخيرة من عام 1942 ، فانّ ضجّة عظيمة سرت في الأندية والمجتمعات ن وهي تؤكّد أنّ الدكتور داهش يمكنه استحضار الأرواح واجتراح العجائب والتحكّم بالمعجزات والخوارق . وهذا ما جعل المدّعي العامّ يهرع الى منزل الدكتور داهش في 23 أيّار 1942 ، ويجتمع به . وكنت بزيارته اذ ذاك مع الشاعر الدكتور حبيب ثابت والسيّدة الفيرا لطّوف ، صاحبة جريدة " المستقبل " الطربلسيّة ، وبعض الاخوان الأدباء .

وما استقرّ المدّعي العامّ في مجلسه حتّى التفت الى الدكتور داهش قائلا له بنبرات حادّة ونظرات لامعة :

  • ما هذه الضجّة العظيمة التي أثرتها يا دكتور في المدينة والجبل ؟ وهل حقيقة أنّه بامكانك استحضار الأرواح . وكيف هذا الأمر ؟ وهل ذلك وهم أم حقيقة ؟ وهل لك غاية خاصّة تتوخّاها من مثل هذه الاشاعات الغريبة ؟

داهش : أنت تعرفني منذ 18 عاما ، وتتأكّد أنّني لا أتعاطى ولا أؤمن بالتنويم واستحضار الأرواح ، وليس لي أيّة غاية كما ترى . أمّا من حيث الحدث الروحيّ الجديد ، فهو حقيقيّ وواقعيّ ، ولا بدّ من حكمة الهيّة أحبّت أن تظهره وتعلنه في هذه الأيّام ، والاّ لما تمّت هذه المعجزات التي بلغت مسامعك والتي ترافق غالبا الرسالات الروحيّة .

ديمتري الحايك : أنا لا أؤمن الاّ بالواقع الملموس ، والبرهان المحسوس ، فهات برهانك اذا كنت تريدني أن لا أتّهمك بأنك تشيع هذا لغاية أجهلها . وقد أتيتك الآن ، ليس بصفتي صديقك ... كلاّ ... بل كمدّع يهمّني اظهار الحقيقة التي يحتّمها عليّ منصبي وواجبي وضميري . وثق بأنك قد خلقت بلبلة عظيمة جدّا في المدينة والقرى . فلا حديث الاّ حديث داهش ، وعجائب داهش ، وظاهرات داهش... فهات أقنعني ، والاّ فانّني باسم القانون أحيلك منذ الغد الى المحقّق . وهذا واجبي المفروض عليّ . والواجب فوق الصداقة .

 

الدكتور داهش : اذن اجلس بجانبي ، وحدّق بعينيّ جيّدا ، فانّني أريد أن أعقد لك جلسة روحيّة بناء على رغبتك ، ولأريك الجقيقة كاملة ، لا لبس فيها ولا غموض ...

وجلس المدّعي العامّ ... ونظر بعينيه الواسعتين الى عيني الدكتور داهش ... وبعد قليل ، غرق " الدكتور داهش " في سباته الروحيّ . واذا بروح تظهر وتلقي حجرا ضخما في الغرفة . ثمّ هبطت روح والد الأستاذ الحايك ، وهو الشهيد الخوري يوسف الحايك الذي استشهد بواسطة السلطة التركيّة في دمشق ، في الحرب السابقة 1914 – 1918 ، ونقل جثمانه الى مسقط رأسه سنّ الفيل بجوار بيروت منذ سنوات .

فجعل الوالد يحدّث ابنه ديمتري ، ويلقي عليه بلسان الوسيط  النصائح الثمينة ، ويذكره بأمور خاصّة يعرفها وحده ، ويطلب اليه أن يحكم بالعدل وينصر المظلوم على الظالم ...

وهنا طلب الأستاذ الحايك الى أبيه أن يعلمه عن المكان الذي ذهب اليه اليوم كي يزداد ايمانه رسوخا وثباتا .

فأجابه  والده : انّك ذهبت اليوم الى صديقك الطبيب الاختصاصيّ بالأمراض الجلديّة ( وهنا ذكر له اسمه ) ،

وذلك بخصوص مرض جلديّ مستعص ظهر على جسدك بغتة ( وكان ذلك صحيحا ) . ثمّ قال له والده : ولكن في منزلك يا ولدي علبة صغيرة فيها نوع من المرهم ، اذا دلّكت به جسمك يذهب عنك ما ألمّ بك حالا . فسأله الابن : وأين أجد هذه العلبة يا والدي ؟ فقال له : مدّ يدك الى جيبك ، فها انّني قد أتيتك بها لتعرف كم هي قوّة الروح وتدرك شيئا من أسرار عالم الروح .

فدهش الأستاذ الحايك دهشة عظمى أخرج العلبة من جيبه ، وخشع أمام هذه المعجزة . ورفع صلاة شكر لله القدير الذي كشف أمام بصره طريق الحقّ والنور . ووعد روح والده الشهيد أنّه سيسير على طريق الفضيلة التي يرضاها الله ويقنع ضميره بها .

وهكذا انتهت هذه الجلسة وقد دخل الايمان والاطمئنان الى قلبه . وهنّأ الدكتور داهش بالموهبة التي خصّته بها العناية . وعندما فحص قطعة الحجر الذي هبط في الغرفة ، أكّد لنا أنّه من الحجارة الموضوعة أمام منزل شقيقه ، الدكتور سليم الحايك ، في سن الفيل . وهكذا دخل الأستاذ الحايك منزل الدكتور داهش محتجّا مشكّكا كافرا ، وخرج مؤمنا وخاشعا لما رأى ولمس وسمع .

 

الدكتور داهش والداهشيَّة في الصَّحافة  Back to