info@daheshism.com
الدكتور داهش والداهشيَّة في الصَّحافة

 

ما بين د‏.‏ داهش ود‏.‏ حسين هيكل


       وقع في يدي طبعة جديدة لكتاب صدر في عام‏1979‏في بيروت بعنوان الرسائل المتبادلة بين الدكتور داهش مؤسس الداهشية والدكتور حسين هيكل مؤلف قصة زينب وكتب محمد وفي منزل الوحي والذي كان وزيرا ورئيسا لمجلس الشيوخ المصري في يوم ما‏.‏ أما الدكتور داهش فهو ظاهرة فريدة من نوعها بل انه اسطورة‏.‏ كان كاتبا له حوالي مائتي كتاب من شعر ونثر الي كتب رحلات وكان فنانا ومحبا للفنون وله في الشارع الخامس بنيويورك متحف عظيم يعرض لوحات عالمية ويقيم الندوات وينظم المحاضرات في موضوعات مختلفة‏.‏ وبالاضافة الي ذلك فقد كان للدكتور داهش قدرات خارقة كتب عنها العديد من الصحفيين المشهورين ولكن هذا ليس مكانها‏.‏
       كان للدكتور داهش فلسفة خاصة اذ كان يعتقد في وحدة الأديان وكان ينادي بالاعتراف بسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ولكن هذا لم يعجب رئيس لبنان في ذلك الوقت بشارة الخوري الذي اعتلي كرسي رئاسة لبنان عام‏1943 .‏ ومنذ توليه السلطة بدأ في اضطهاد د‏.‏ داهش ومريديه وحاول اغتياله في عام‏1944 ‏ وفي النهاية اصدر مرسوما في عام‏1944‏ بشطب اسمه هو وعائلته ونزع الجنسية اللبنانية منه وطرده من البلاد‏,‏ ولم ترجع له جنسيته الا في عام‏1952 ‏ حين اضطر بشارة الخوري الي النزول علي ارادة الشعب وتخلي عن الحكم‏.‏
والرسائل بين د‏.‏ هيكل ود‏.‏ داهش تدور حول هذا الموضوع ولكنها في نفس الوقت تعكس ما نطلق عليه ادب الرسائل
LESBCLLESLETLES
       ونقرأ فيها دررا أدبية تعكس ثقافة واسعة ومعرفة بفلسفة العالم وآدابه‏.

       نقرأ في رسالة لداهش اليد‏.‏ هيكل اعجابه بكتاباته فيقول نعم قرأت كتبك منذ نعومة أظفاري‏,‏ ولم يكن فيمقدوري يومذاك ان أبتاعها لفقري المدقع فكنت استأجرها وارتشف محتوياتها بشغف عجيب‏.‏ وكذلك نهلت من بيانك العذب المورد شابا وانكببت علي التهام مؤلفاتك القيمة كهلا‏.‏ وأيم الحق‏.‏ كانت لي غذاء سماويا وزادا روحيا بل كانت لي الروح والراح‏. ‏ويستمر د‏.‏ داهش في ذكر فقرات من كتاب ولدي ثم يذكر د‏.‏ داهش سقراط الذي الهم افلاطون تلك الروح الشريفة العالية وعلم ارسطا لبس تلك الفلسفة العادلة الصادقة‏..‏اقول أن هذا الحكيم الكريم قد رماه مواطنوه بتهمة الالحاد وفساد الأخلاق فحاكموه بين يدي هيئة قضائية اقتنعت بادانته وحكمت عليه بالاعدام‏.‏
       ويرد د‏.‏ هيكل على رسالته ويقول ان المصارحة بالحق المقدس واجب علي كل من يؤمن بانسانيته ودفعتني لأكرر في كل مقام قول النبي العربي الكريم الساكت عن الحق شيطان أخرس ثم يستمر كاتبنا العظيم فيقول ألم تذكر في رسالتك ما أصاب سقراط هذا الفيلسوف الضخم والمعلم الأول الذي أعدم ظلما ـ فزاد الظلم ذكره رفعة علي رفعة علي مدي الأجيال ـ ومن حقك وانت في منفاك أن تتمثل بقول السيد جمال الدين الأفغاني‏.‏
أنا إن عشت لست أعدم قوتا          همتـــي همـــة الملـــوك ونفسي
واذا مت لست أعــــدم قبــرا           نفس حر لا ترتضي الأسر قسرا
ويستمر الاثنان في تبادل خطابات هي نموذج لفن لم يعد له وجود الآن وهي في نفس الوقت دليل علي الارتباط القويبين المفكرين العرب والذي دعا د‏.‏ هيكل الي عرض قضية د‏.‏ داهش في الصحافة المصرية وهو نفس الارتباط الذي جعل شوقي يكتب عن دمشق في محنتها ويرسل سلاما إليها‏

 

الدكتور داهش والداهشيَّة في الصَّحافة  Back to