info@daheshism.com
الدكتور داهش والداهشيَّة في الصَّحافة

 

عائلة الحدّاد ...تتكلّم
سرّ المطاردة بين رئيس الجمهوريّة ، بشاره الخوري ، والدكتور داهش
 
تحت هذا العنوان ، نشرت مجلّة " اللواء " في عددها رقم 88، الصادر بتاريخ 4 أيلول 1964 ، المقابلة التالية :
 

      الدكتور داهش واسم آل الحدّاد وجهان لعملة واحدة ، كما يقول الداهشيّون ؛ بمعنى أنّه كلّما ذكر داهش ، لا بدّ من ورود اسم آل الحدّاد ، أي عائلة جورج حدّاد ، عديل الرئيس بشاره الخوري ، بعد الصراع العنيف بين الطرفين ، والذي اتّخذ طابعا مأساويّا من نفي داهش تعسّفا ، كما يضيف الداهشيّون ، وصولا الى انتحار ماجدا حدّاد احتجاجا على ما قاساه داهش ، فاعتبروها " الشهيدة الداهشيّة الأولى ".

ما هي خلفيّة هذا الصراع القاسي بين آل الحدّاد الذين أصبح مقرّا " للرسالة الداهشيّة "؟

هل هو صراع طبقيّ أم عقائديّ ؟

 

من اجل هذه العائلة قامت قيامة رئيس الجمهوريّة الراحل ، الشيخ بشاره الخوري ، على يد الدكتور داهش عام 1944 ، فحرّك ضدّه مجلس النوّاب ، واستنفر رجال التحرّي والأمن العامّ , وساقه الى السجن , ثم ّ الى الحدود الشماليّة ؛ ومن هناك , أرسله منفيّا الى بلدة " اعزاز " السوريّة , القريبة من مدينة حلب !

ما سرّ هذه العائلة ... عائلة الجدّاد ؟ انّه تحقيق جديد عن العالم الروحانيّ الذي تتحدّث عنه المدينة الآن من أقصاها الى أقصاها !

تسألوننا ولا بدّ : لماذا ننبش هذا الموضوع الآن من غياهب الماضي ؟؟

السبب هو أنّ الكثيرين من الناس يسألوننا : ماذا حدث بين الدكتور داهش , صاحبكم , وبين المرحوم الشيخ بشارة الخوري , رئيس جمهوريّة عهد الاستقلال , حتّى نفى الأوّل من البلاد , وتعرّض الثاني لخمسة وسبعين كتابا أسود بامضاء ماري شيحا حدّاد ؟ قد يكون هناك جيل يعرف بالحكاية ؛ وهو جيل الذين تتراوح أعمارهم بين الخمس والأربعين والخمس والستّين سنة . ولكن في الأمر كذلك جيلان : الأوّل هو الجيل الذي تتراوح أعماره بين الثلاثين واخمس والأربعين , ومعلوماته عن الحكاية كالصورة المهزوزة ؛ والثاني جيل الذين تتراوح أعمارهم بين الرابعة عشرة والثلاثين , وهم معزولون عن الحكاية كلّ العزلة , ويسمعون بها كأيّ حكاية من حكايات الماضي !

وهذا الكلام صحيح ... ومن أجل هذين الجيلين نقدّم هنا العائلة التي كانت وراء اضطهاد الدكتور داهش والقاء الداهشيّين في غياهب السجون . ونترك الحديث لاثنتين من العائلة ,هما : زينا حدّاد التي تعتبر الآن سكرتيرة الدكتور داهش وكاتمة أسراره , وأندريه حدّاد , المتزوّجة من المواطن جوزف حجّار .

العالمون بالأنساب وشجرات العائلات يقولون انّ ماري حدّاد التي آمنت بالدكتور داهش , هي وبناتها الثلاث  "أندريه " و " زينا " و" ماجدا " , هي واحدة من ستّ أخوات للأديب اللبنانيّ الراحل ميشال شيحا . منهنّ المرحومة "أليس دو فريج " , أمّ الماركيز موسى دو فريج  , التي كانت رئيسة الصليب الأحمر ؛ وأمّ المليونير سامي شقير ؛  و " لور " , زوجة رئيس الجمهوريّة الراحل الشيخ  بشاره الخوري  ؛ و "ماري " , زوجة التاجر جورج حدّاد , وكانت ولا تزال واحدة من أديبات لبنان  الأوائل باللغة الفرنسيّة , ولها لوحتان بريشتها في متحف " اللوفر" بباريس , وقد أحدث كتابها " الساعات اللبنانيّة "  ضجة في محافل الأدب الممتّدة من بيروت الى باريس !

كانت ماري حدّاد , اذن , أخت زوجة الرئيس بالدم . فكيف تخرج من ذلك الجوّ المغلّف بالأرستقراطيّة والدم الأزرق لتعتنق الداهشيّة , هذا المبدأ الذي يعترف بكلّ الأديان , ويكرّس وجود الروح والثواب والعقاب ؟؟

من هنا ... انطلقت حملة اضطهاد الدكتور داهش !

وهذه زينا حدّاد تروي لكم كيف اعتنقت العائلة بكاملها العقيدة الداهشيّة ...

البالون ... المقطوع

قالت زينا :

-         كنّا نصطاف , والداي ونحن , في بلدة " جورة الترمس " القريبة من " غزير " في كسروان . وكان التاريخ 15 آب عام 1942 , وكنّا نحتفل أثناءها بعيد السيّدة , حول مائدة الغداء , عندما تناهى الى أسماعنا صوت همسات كثيرة في الخارج , وضوضاء وشوشرة . فخرجنا الى شرفة الفندق نستطلع الأمر . وقد رأينا الناس ينظرون الى أعلى , فاذا في الفضاء بالون من تلك البالونات المستعملة في الحرب ضدّ الطائرات , والموزّعة في الأماكن الستراتيجيّة , حتّى اذا أرادت احدى  طائرات العدوّ ضرب الهدف عن علوّ منخفض , اصطدمت بأحد هذه البالونات وتحطّمت !

 ثمّ مضت زينا تقول :

-         وقد تنبّهنا الى أنّ هذا البالون فقد رباطه بالأرض ، فهام في الفضاء ، واستقرّ في النهاية على رأس احدى التلال . وما كان من المختار الذي لم يكن سوى صاحب الفندق الذي ننزل فيه الاّ أن اتّصل بالمراجع المختصّة ليخبرها بأمر البالون الهارب من ...مركزه ! وقبل أن نسأل " زينا " : وما دخل البالون هنا ...أردفت قائلة :

-         احفظوا حكاية هذا البالون ... فستجدون لغزها بعد قليل ... ثمّ بدأت تروي حكاية معرفة العائلة بالدكتور داهش ، فذكرت أنّ شقيقتها " أندريه " انتقلت الى مستشفى الدكتور توفيق رزق في محطّة النويري ، وكان التاريخ 29 آب 1942 ، لتضع مولودها البكر . وبحكم تردّد العائلة على هذا المستشفى ، التقى بها ربّ العائلة – الذي هو جورج الحدّاد – بصديقه الشاعر الراحل حليم دمّوس ، وكان من كبار الداهشيّين ، فأخبره شاعر زحلة أنّه يزور الدكتور داهش ، جار المستشفى . ودعاه بدوره الى مشاركته هذه الزيارة . فلمّا فعل جورج الحدّاد ومعه زوجته الأديبة ماري ، ما لبثت " زينا " و" ماجدا " أن لحقت بهما الى منزل الدكتور داهش !

واسمعوا " زينا " تروي أوّل ظاهرة داهشيّة في حياتها ، قالت :

-         حينما استقرّ بنا الجلوس في صالون الدكتور داهش ، كانت نفسي تهفّ الى فنجان شاي ، لا الى أيّ شيء آخر لألم في معدتي . ولكنّني بالطبع لم أبد هذه الرغبة ، بل حسبتها في نفسي . وكم كانت مفاجأة عظيمة لي حينما أبصرت الخادم يأتي بصينيّة قهوة يتوسّطها فنجان شاي ، فيقول الدكتور داهش مبتسما: "فنجان الشاي لك ، يا آنسة "... لقد قرأ الرجل أفكاري من أوّل مرّة !

قطع الحديد .....بالاصبع

وعادت "زينا " تقول :

-         أمّا الشيء العجيب في الموضوع ، فهو أنّ الشاعر حليم دمّوس روى على مسامعي، في جلسة أخرى حول مائدة عشاء ، حكاية لا يصدّقها المرء الغريب عن هيكل الدكتور داهش . فقد اخبرنا أنّه منذ اسابيع ، كان يمرّ والدكتور داهش قرب مبنى البريد ، وكانت معالم الشارع تختلف عمّا هي عليه الآن كلّ الاختلاف . عندما وصلا قرب محطّة بنزين ( نفس المكان الذي يقوم فيه الآن مبنى بنك انترا في باب ادريس ) ، شاهد مجموعة من البالونات المضادّة للطائرات تستقرّ في الفضاء ، فالتفت الدكتور داهش الى صديقه الشاعر حليم دمّوس ، وقال له : " أنظر ...بحركة من اصبعي ، سينقطع جنزير الحديد الذي يشدّ ذلك البالون ، ويذهب الى البعيد البعيد ليكون سببا في اعتناق احدى العائلات الكبيرة للداهشيّة ." وبحركة من اصبعه ، ابتعد البالون عن ناظرينا- قال حليم . وعند ذلك ، كانت وجوهنا جميعا ، نحن عائلة الحدّاد ، في شبه ذهول . وقد سألت الشاعر حليم دمّوس بالمناسبة :" في أيّ تاريخ حدث كلّ هذا ؟" قال : " 15 آب 1942 . وهنا هتفت أمّي ماري حدّاد : ابتهج يا شاعري ... فنحن العائلة التي تقصدونها دون أن تدروا ... لقد شاهدنا البالون المقطوع بأمّ عيوننا وهو يستقرّ فوق تلة " جورة الترمس " !"

ثمّ قالت : - ثمّ رأيت شيئا يختلف عمّا رآه غيري من الناس . لقد رأيت الدكتور داهش أمامي اربع مرّات في منزل عائلتي . رأيته يتكلّم مع دكتور داهش آخر . وحدث أن دخلت غرفة الطعام ، فرايت داهشا ثالثا يتناول الطعام . ورنّ  جرس الباب ، فذهبت لأفتحه ، ولأجد داهشا رابعا يصعد السلّم بعد أن اخترق الباب قبل أن أفتحه !...

هكذا تكلّمت عائلة الحدّاد . العائلة التي تحمّل الدكتور داهش من أجلها فوق ما يحمل البشر على يد عهد الرئيس الراحل بشاره الخوري !

 

الدكتور داهش والداهشيَّة في الصَّحافة  Back to