info@daheshism.com
الدكتور داهش والداهشيَّة في الصَّحافة

 

الدكتور داهش .. دائماً

 

جريدة المستقبل الإثنين 11 نيسان 2011 - العدد 3966 - صفحة 10

ربيع دمج

      قبل 27 عاما توفي سليم موسى العشي، المعروف بـ»الدكتور داهش» تاركاً خلفه تساؤلات وحكايا ما زالت تعشش خلف الماورائيات. كان ب«ست أرواح» على حد زعم أتباعه، وفي مواجهتهم فئة صنّفته مشعوذاً.وبين هذا وذاك، ما زال منزله في زقاق البلاط مادة دسمة لمرويات تشبه «الفزاعة»، يستحضرونه كلما اشتاق أبناء الحي للاثارة والتشويق. مرة يحكون بأن المنزل مسكون وأن روح داهش ما زالت تطوف به، وأخرى بأنّ الأنوار تضاء وتطفأ بين الفينة والفينة، وأن أحواض الزرع الموجودة على شرفاته تظهر مرة خضراء و مرة يابسة وأن لا أحد يجرؤ على الدخول اليه. هذا في المرويات المتناقلة، الا أنّ الواقع مخالف لذلك باعتبار أنّ المنزل كان مهجوراً لفترة قصيرة خلال الحرب الأهلية وجاءت إحدى العائلات النازحة به مدة قصيرة، ومن ثمّ عادت ملكيته لعائلة حداد، وتحديداً للرسامة زينة التي ما زالت تسكن بداخله ولكنها لا تستطيع الحراك والتحدّث بسبب مرضها وكبر سنها ( 93 سنة) وكل فترة يزورها في منزلها الداهشيين للإطمئنان الى صحتها.

أتباع «داهش«، أو «الداهشيون» منتشرون في لبنان والعالم. منهم من تعرفوا اليه قبل وفاته، ومنهم من وصلتهم أخباره من خلال المؤلفات الفلسفية والماورائيات التي تفوق ال300 كتاب و خمسماية لوحة في دار نشر خاصة بطباعة كتب داهش هي»دار النسر المحلّق». وكان تصدّر إسمه الصفحات الأولى في الصحافة اللبنانية خلال حياته حيث أدهشت توقعاته وظاهراته الروحية مئات اللبنانيين، وكان أول من تبعه المفكر والأديب اللبناني يوسف الحاج وبدأ أتباعه بالتكاثر.

في مدينة بيت لحم أبصر النور عام 1909، وبعدها بثلاث سنوات إنتقل أهله إلى بيروت ومن هناك بدأت بوادر خوارقه بالظهور لأول مرة على العيان. تعرَّض وفي سن الثلاث السنوات لداء عضال فأدخله أهله إلى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت. يومها خاطب طبيبه بلغة إنكليزية صحيحة شارحاَ له حالته والعلاج الملائم له مما أذهل فريقه الطبي وأهله. وعندما بلغ «سليم« سن العشرين أطلق على نفسه إسم داهش لأن خوارقه فاقت الطبيعة والمعقول، وتم الإعتراف في فرنسا بقدراته الهائلة على تخطّي الطبيعة المادية وعلى خرق قوانين الطبيعة فمنحه معهد «ساج» في باريس شهادة دكتوراه فخرية في الأبحاث النفسية وذلك عام 1930 حيث حل نهائياً إسم الدكتور داهش بدلاً من سليم العشي.

تعرضت رسالة داهش للإضطهاد والملاحقة والتعذيب، حسب ما يقول المحاميان الداهشيان «خليل وفارس زعتر» اللذين تزين مكتبهما في زحلة صورة كبير لـ«داهش»، وعنه يتحدّث زعتر الذي عايشه لفترة طويلة بكل فخر: «كان داهش وتلاميذه عرضة للإضطهاد والملاحقة من قبل رئيس الجمهورية بشارة الخوري الذي جرّده من جنسيته اللبنانية وطرده من البلاد بعدما إعتنقت شقيقة زوجته الأديبة المعروفة ماري شيحا حداد المذهب الداهشي وإعترفت بأن جميع الأديان هي واحدة مصدرها السماء والرب الواحد، الأمر الذي لم يرق لمعظم رجال الدين ودفع بالخوري الحكم عليه بالسجن ثم النفي خارج البلاد«.

بعد الحكم عليه بالنفي سافر داهش مع بعض أتباعه إلى أذربيجان ويروي المحامي فارس زعتر تلك الواقعة « حيث أن واحدة من شخصيات داهش الستة أعدمت رمياً بالرصاص في أذربيجان عام 1948 في حين كان داهش ما زال متواجداً بلحمه وعظمه في مكان آخر من العالم وكل هذه الحقائق موثقة بالصور والصحف التي صدرت في تلك الحقبة والتي إنفردت بنشر مقالات وأخبار عن إعدام داهش الذي بقي حياً في مكان ما بالعالم«.

وكان لداهش بحسب ما يقول فارس زعتر ست شخصيات روحية مختلفة، وكان العديد يتهافتون الى منزله في محلة «زقاق البلاط» يومياً لتتاح لهم فرصة مشاهدة ظاهرته الروحية، وعن المذهب الداهشي يشرح زعتر أنه مزيج روحي ونتاج فكري من نبع الأديان التي تقر بسلطة الله العليا و بوحدانية الكتب السماوية والإعتراف بجميع الأنبياء من دون تفرقة بين مذهب وآخر. ومن القصص المعروفة أنه «في إحدى المرات قصد داهش مزينه «جورج أبو انطون» في منطقة رياض الصلح لحلاقة ذقنه، وعندما فرغ جورج من حلاقة الجهة اليسرى من الذقن عاد ليحلق الجهة اليمنى فتفاجأ بأن الشعر عاود للإنبات من جديد على الجهة اليسرى فصرخ من هول المشهد«.

وعلى الرغم من الصداقات مع أبناء الطبقة المخملية والسياسيين والمثقفين، فان محاربته دفعته للهجرة من لبنان في العام 1980 تاركاً وراءه سلسلة من التساؤلات والغموض. توفي في نيويورك عام 1984،أما منزله فقد تحوّل إلى متحف ما زال قائماً حتى اليوم وما زالت فلسفته وأفكاره تدرس في الجامعات الأميركية وله العديد من الأتباع هناك.

 

 الدكتور داهش والداهشيَّة في الصَّحافة  BACK TO