info@daheshism.com
أفول العمر والشباب والأمال التائهة  الشيخوخة:

 

       الشباب الآفل

 

يا أعوامَ شبابي المتتالية،

لِمَ هذه السرعة العجيبة؟

لماذا تُسرعين هكذا، أيتُها الأعوام

المليئةُ بشتّى الآلام ومختلفِ الأسقام؟

مَنْ يُصدقُ بأنني كنتُ في الأمس فتًى يافعًا

غضَّ الإهاب، بَضّ الشباب،

وإذا بي، بعد حينٍ، وقد أثقلت الأعوامُ كاهلي،

فضقتُ ذرعًا حتى بنفسي!

وها إنني قد اجتزتُ العام الثامن والعشرين!

والَهفَ نفسي على (الشباب الآفِل)!

وأحلامي الذهبيةُ السامية، أحلامي العذبةُ الساهمة،

أحلامي الفتية الرائعة، أحلامُ الشباب البهي...

والَهفَ قلبي! فإنها لم تتحقق!

ورغباتي... يا لَرغباتي التي بددتها السنون الجرداءُ القاحلة!

إنها ما تزالُ في ضمير( الغيب) وذمةِ (الأقدار)...

فهل تُحقق؟:

و(الخوفُ) قد ملأ فراغَ نفسي العجيبة،

واحتل كل ذرةٍ من كياني حتى تشبعت به روحي الحيرى!

الخوفُ من اضمحلال الشباب، وزوال أمانيه،

واقتراب الشيخوخة الرهيبة القاسية،

وادلهمامِ لياليها!

إنَّ اضطرامَ ميولي، واضطراب عواطفي،

ونزعاتِ قلبي، وخلجاتِ روحي،

جميعَ هذه قد لعبت بها أناملُ الأقدار،

وعبثت بها أكفُّ الليالي!

فرحماك، يا ربّي!

والغوثَ منكَ، يا إلهي!

آهِ! دعني أنالُ ما تصبو إليه نفسي التعبة،

قبل أن يأتيني المشيبُ الرهيب،

وقبل أن تضمني الحفرةُ الباردة

في أحشائها المظلمة،

هناك حيثُ تضمحلُ الأمانيّ،

 وتتلاشى الأحلامُ العذّاب!  

                          

بغداد، في منتصف ليل 28 أيلول 1938