info@daheshism.com
أفول العمر والشباب والأمال التائهة  الشيخوخة:

 

سفينة أمالي

 

أي سفينة  آمالي التائهةَ في خضمِّ الحياة الدنيا

تتلاعب بكِ أكفُّ الأقدار!

متى تصلين بي إلى شاطئ السلامة ومحط الأمان؟

أيتها السفينة التي تمخرُ العُبابَ المتلاطم،

إلى أين تسيرين بي، يا سفينتي المسكينة؟

لقد تلاعبت بكِ هوجُ الرياح، وتقاذفتكِ مردةُ الأمواج،

وأنتِ أنتِ، تسيرين إلى غير وجهةٍ معلومة،

يحدوكِ (الأملُ الذهبي) لأن تقطعي البحار، وتجتازي الفقار!

من عامٍ إلى عام تبحثين عن (المجهول)،

ولكن، عبثا، ودونما طائلّ

مسكينةٌ أنتِ يا سفينتي التائهة!

لقد أثقلتْ كاهلكِ الأوصابُ التي لازمتك

منذ أول يومٍ وطئت فيه بهيكلك الجبار صفحات الماء الجياش!

والآن، بعد أن مرت بكِ الأعوام الطويلة

التي تحملت فيها من المشاق الهائلة الشيء الكثير،

وجُبتِ ما لا يُحصى من البلدان والممالك،

وشاهدت شعوبًا لا عدَّ لها،

واختبرتِ أخلاقهم،

وعرفتِ كنهَ أهدافهم، ومحطَّ تمنياتهم، وما هي آمالُهم،

وسَبرتِ أعماقَ أحلامهم، واتصلتِ باسمي رغباتهم،

عندذاك، اتضحتْ لكِ (الحقيقة) الخالصة:

ألا وهي تفاهةٌ ما تحويه هذه الدنيا الحقيرة

من أمانيَّ باطلة، وآمالٍ زائلة!

لهذا، يا سفينتني، أضرعُ إليك قائلاً:

أما آن لكِ أن تحطي الرحال، ويستقر بك الحال؟

أما كفاكِ ما شاهدته من سخريةِ القدر وأضاحيكِ البشر؟

إيهِ يا سفينةَ آمالي التائهة!

لقد آمنتُ أن الحياة بما فيها ليست سوى:

ظلًّ باطل، ووهمٍ حائل، وخيالٍ زائل!

                                                البصرة (العراق)، 26 أيلول 1938