info@daheshism.com
إفتتاحيَّة صوت داهش السنة السادسة، العدد الثالث، شتاء 2001

 

صوت داهش

السنة السادسة، العدد الثالث، شتاء 2001

 

بين الأملِ في المحبَّة والقيم الروحيَّة والخوف من الأخطارِ الشاملة

 

عودة أخرى إلى جبران خليل جبران. ولا غرو، فمجلَّة "صوت داهش، مُذْ ولدت، كانت وما تزال منبراً لصوته ولقيمه الروحيّة التي وجدت تحقيقاً حيَّاً وإغناءً لها في الداهشيَّة. وفي هذا العدد سيعرض الدكتور سهيل بشروني الذي يرئسُ مركزاً للدراسات الجبرانيَّة في جامعة ماريلاند - نظرة جبران إلى وحدة الرؤيا والخلقيّات، وفيها وحدة النفوس، ووحدة البشر، ووحدة الحياة والموت، ووحدة الأديان. ووفقاً لنظرته فإنَّ حريّة الإنسان الحقيقيّة من المحال تحقيقها ما دام مُستعبدا للشهوات والأصنام الدنيويّة، والعدالة بين البشر من المحال قيامها ما لم تصبح الأخوة والمحبّة قاعدة للعلاقات بين الشعوب. (أنظر ص ۱۹ )

 

إن هذه القيم الخلقية لا يحدّها زمان ولا مجتمع. فقد دعت إليها الأديان جميعا، حتى إنَّنا نلقاها في أبعدِها زمناً، عهد عبادة أوزيريس. فقد كانت العدالة والنزاهة والمساواة أمام القانون والأخوة البشريّة والابتعاد عن الإساءة من المبادئ السامية التي انطوى عليها " كتاب الموتى " (أنظر مقال الأستاذ شفيق سلیمان ص ۸۰ ). وقد جسَّد هذه المبادئ المُثلى يسوع المسيح تجسيداً رائعاً بتحقيقه الإنسان الكامل في شخصه (أنظر مقال جونسون في القسم الإنكليزي، ص ۲۱ ).

 

إنَّ المبادئ التي تدعو إلى ممارسة الفضائل، وفي رأسها المحبّة والعدالة بين البشر، يقتضي تطبيقها تغيير النفوس قبل تغيير القوانين والأنظمة الاجتماعيّة. وهذا بدأ بتربية الأطفال تربية قويمة، خصوصا في زمن بات يغرقهم بطوفان دائم من المرئيات والمسموعات الإعلامية التي يُبطِن فيها السمُّ بالأُلهيات (أنظر التنشئة القويمة في المفهوم الداهشي، ص ۷ ). والقدوة الحسنة قد تكون أهم ما يحتاج إليه الأطفال في خلال تنشئتهم؛ ومن أفضل من المهاتما غاندي لتحقيق هذه الغاية؟ (أنظر مقال آرون غاندي، ص ۳۰)

 

وإذا نظرنا من خلال منظور وحدة الموت والحياة ووحدة الوجود كما من خلال المّثلَ الذي أعطاه السيد المسيح عن أن كل ما يزرعه الإنسان فإيّاه يحصد، لسهُل علينا فهم قصص التقمُّص المُلهمة التي وضعها مؤّسس الداهشيةَّ الذي يظهر أن الإنسان هو الذي يحدِّد قدره ومصيره في سلسلة حيواته، فإمّا إلى ارتقاء وهناء، وإمّا إلى هبوط وشقاء (أنظر قصة الدكتور داهش، ص 34 ). لذلك يجعلنا الدكتور داهش مسؤولين عمَّا نفعل، وينذرنا بخطرِ انحرافنا في التيَّار الماديّ، لأن الحياة بدون القيم الروحيّة الساميّة جحيم ٌمُخيفٌ رهيب بنتائجه المزلزلة، ولأنَّ الدين هو الطريق الوحيد الذي يقود إلى واحة الأمان والطمأنينة. فعليكم بالعودة إليه والسير في طريقه المُستقيمة، لكي يكون معنى لحياتكم واستقرار لوجودكم الذي عصفت به الماديَّة عصفاً مبيداً (أنظر كلمتي لعام ۱۹۸۲ ، ص 5 ).

 

بيدَ أنَّ ما يواجه العالم الآن، وللأسف، ليس عواقب الاقتتال الدوليّ والانحلال الخُلقيِّ شبه الشامل فحسب، بل أخطار شاملة من صنع الإنسان قد تضرب الأرض بكوارث هائلة إذا لم تتداركها الدول؛ منها ارتفاع الحرارة الأرضية الشَّامل (أنظر مقال الدكتور سمعان سالم، ص 6 من القسم الإنكليزي(، والأخطار النوويَّة الناتجة عن تفاقم النفايات المُشِّعَّة (أنظر مقال الدكتور بسام دحدوح، ص ۱۷ من القسم الإنكليزي).*

رئيس التحرير