info@daheshism.com
إفتتاحيَّة صوت داهش السنة التاسعة، العدد الثاني، خريف 2003

 

صوت داهش

السنة التاسعة، العدد الثاني، خريف 2003

هل من أمَل لنهوض البلدان المُتخلِّفَة؟

 

برهنت الأحداث العالميَّة في الأعوام الأخيرة أن مجرى العولمة‘ ہات محتوماً. لكنَّ السلام، وفق التعاليم الداهشيّة، لن يستتب في العالم ما لم يصحح هذا المجرى، بحيث يفضي إلى عالم واحد تسوده العدالة والقيم الروحيَّة والإنسانيَّة المستمدَّة من كون البشر أسرة إنسانيّة واحدة، كما من وحدة الأديان الجوهريّة التي لا مناصَ من الأخذ بها للتقريب بين الأممّ والملل، وقيام الاحترام المُتبادل بين الثقافات، والانفتاح على كلِّ خيرٍ مُفيد. وتحقيق هذه الغاية يُلقي على الخكومات جميعاً مسؤوليَّاتٍ كبيرة، ومن أهمِّها: إزالة الظُّلم، وإطلاق الحريَّات، وصيانة كرامة الإنسان وحقوقه الشخصية بما فيها عدم التمييز الديني والجنسيّ والعنصريّ، والسعي الجاد للقضاء على الأميَّة والفقر والأوبئة وتلويث البيئة وأنواع الاستعباد الحديث، وذلك مساعدة الأمم المتحدة والدول الكبرى. وليس على الدول المتخوِّفة من مسيرة العولمة إلاَّ الاقتداء بالدول المُسمّاة بـ’’النمور الآسيوية، فإنها اقتبست من الغرب كل مُفيد من أنظمته السياسيّة والعلوم والتكنولوجيا، واحتفظت بثقافاتها بما فيها من عقائد دينية وعادات وتقاليد. كما على العرب أن يجعلوا منارتهم في التقدّم الآية الكريمة القائلة إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيِّروا ما بأنفسهم (أنظر مقال رئيس التحرير، ص ۷ ).

وفي الخطِّ الحضاريّ نفسه يوضح الأستاذ علاء الأعرجي خصائص العقل المجتمعي، مُعتبراً أنه السجل الأفضل لتاريخ المجتمع وثقافته بما فيهما من حسنات وسيئات. ويكشف أن العقل المجتمعي السائد في العالم العربي تجمَّعت فيه رواسب عصور الظّلام والأنظمة الاستبداديَّة كما تسرّب إليه شتات من الحداثة الغربيّة لم يغير في كيانه المُتخلّف؛ وهذا التأثير المجتمعي ما يزال شديد التسلّط على تصرّفات الأفراد والجماعات بصورة عامة (ص ۲۹ ). وفي عودة إلى العصر الذهبي في الحضارة العربية يبرز الدكتور ماجد فخري، المرجع الثقة في الفلسفة، تسامح علماء الكلام المسلمين وحوارهم الدينيّ مع لاهوتيي المسيحيَّة بين القرن الثامن والقرن العاشر بعد الميلاد.

فلنأمل في أنّ ذلك الانتفاع الثقافي الذي أفاد الحضارة العربيّة سابقاً بعود في المستقبل القريب، (ص ۲۰ ). ولا يسعنا إلا الترحيب بإسهام الدكتور فخري، منوِّهين بترجمته الإنكلبرية المُشرقة الرائعة للقرآن الكريم.

كذلك شارك الأستاذ أو كين منوفر برصوم، الاختصاصي باللغة السريانية و آدابها، بدراسة تبرز التاريخ الثقافي لهذه اللغة و إنجازات أربابها وما أسهموا به من ترجمات للأمهات الكتب الفلسفية والعلمية اليونانية أيّام كان التسامح الدينيّ والانتفاخُ العقليّ يسودان العالم الإسلامي (ص 47 ).

بيدَ أنَّ ليلَ التخلُّف الذي يرين على البلدان العربية في هذا العصر خرج أدباء ومفكرون كثيرون أصبحوا أشبة بمشاعل الأمل في الظُّلمة, من هؤلاء شاعران عراقيان هما السيَّاب والبياتي. فالأول بحث د. جورج الحاج في دوره الريادي في حركة الشعر الحديث، وفهمه للشعر كمعاناة ومحاولة بطولية تُداخلها الرؤى والرموز الأسطورية والتاريخية للخروج من المأساة الجماعية كما تحدث عن مراحل حياته الحافلة بالقلق والألام (ق. إنكليزي، ص 4 ). أما البيان فاضطلعت الباحثة غالية خوجة بمراجعة لكتابه " ينابيع الشمس - سيرة ذاتيَّة "، واقفةً عند مراحل مُهمَّة من حياته وخصائص بارزة في شعره (ص ۲۳ ).

وفي القسم الإنكليزي أيضا يسهم د. سمعان سالم بمقالٍ مُفید عن فناء الحياة الشامل في الماضي السحيق، وذلك من جرَّاء صدم الأرض برجُم ونيازك، ويتساءل عن إمكان وجود حضارات ترقى إلى ملايين السنين، اندثرت آثارها فلم يبق للعلماء ما يدرسونه منها (ص 14 ). أخيراً، يمتاز هذا العدد بعدّة قطع وجدانية خصَّص بها أصحابها راحلاً داهشيَّاً كبيرا هو الدكتور فريد أبو سليمان، فعدّوا مزاياه الحميدة، وأظهروا تفانيه من أجل الرسالة الداهشيّة، وتنسُّكه لها، ودفاعه عنها.

و كدأبنا اقتبسنا من أدب الدكتور داهش الرائع قصّةً مُلهمة قصيرة تُلقي ضوءاً على أسباب زوال " الأطلانتيد "، المدينة العظيمة التي ذكرها أفلاطون (ص 51 ). *

 

رئيس التحرير