info@daheshism.com
مُقدِّمة إلى "نهر الملذَّات"

نهر الملذات

 

عصفورٌ في غيضة

 

أيها العصفور الصغير!

أيُّها الغريد الجميل!

أيُّها المخلوق البديع،

غرِّد غرِّد ودعني أُحلِّق نحو النجوم،

نحو المجرَّة، نحو السُدُم،

نحو المتاهات السماوية،

بعد سماعي لأغاريدك الإلهية.

آه يا عصفوري الفتَّان!

لقد تَعبتْ روحي من الأنام،

وملَّت نفسي من فظائع الآثام،

فدعني أُحلِّق بواسطة أغاريدك القدسية

حتى أبلغ جنَّة الجنَّات وفردوس الفراديس الإلهية.

آه! ما أعذبَ أنغامك الرائعة وما أمتعها،

يا عصفوري الجميل!

 

                                                        بيروت، في 9/2/1972

 

ظنك خائب

 

لا تظُني بأنني اصبحتُ قتيل صدكِ ونواكِ.

لا... وحق من كونك وبراك.

فإذا ظننت بأنني اصبحت مُدلَّها بعينيك،

فظنكِ خائب وخيالكِ عقيم،

لأنني مُدله ولكن... بكواكب السماء

ونجوم الفضاء ذات البهاء.

وإذا ذهب بكِ الظنُّ الواهم

أنني مُدنفٌ بقوامك الأملود،

فخيالُكِ خائب، وظنُّكِ عائب.

فأنا مُدنفٌ حقًا... ولكن ليس بالكواعب،

بل بالغاب الحافل بشتى أنواع أزاهير الربيع الفتانة،

وهائم بالأنهار والبحيرات والينابيع،

وبالشلالات ذات الهدير الموسيقي العذب.

وإذا توهمت بأنني أتمنى قبلةً من ثغركِ الفاتن،

فظنُّكِ باطل، وتوهمُك فاشل،

فأنا مفتونٌ بالحقيقة وليس بالباطل.

فالحقيقة لا تحمل بباطنها الرياء،

كرياء أبناء البشر التُعساء.

إذا ترينني أنشُدُ الحقيقة،

وإياها أعبد.

أما الغيد الصيد، والحِسان الرعابيب

والكواعب المغانيج، والصبايا الخفرات

فإنني أتمنَّى أن يوضع بيني وبينهنَّ

سدّ مأرب.

                                                        بيروت 10/3/1972

 

أفراح سرمدية

 

إقرعوا أجراس الفرح،

فقد أقبلت ربةُ الفتنة والدلال،

والرقة والكمال نجوى،

وهي تتأبط ذراع شقيقتها، صباح الفتانة.

ابسطوا الورود، وانثروا المجوهرات،

لتطأها نجوى بقدميها الفتانتين.

رحِّبن يا فتيات الغاب بصباح المغناج ذات الجمال الرائع.

ويا أيتها المراهقات، ترنَّمن واسكُبن عواطفكن

أمام مذبح فتنة نجوى الرائعة القوام.

تهللوا يا شعوب الأرض وارفعوا أكفَّ الابتهال للمُوجد

لأنه أرسل لكم إلهتين رائعتين المفاتن،

وفتنتهما لا تقاوم.

وأنت يا فينوسُ، اهبطي من جنة النعيم،

وانظري إلى جمال غريمتكِ،

فقد تستهويك مفاتنها التي لا يستطيع قلم بشري أن يصفها.

وأنت أيها المُدلهُ بحب هاتين الكاعبين،

إننا نحسدك على هذا النعيم الذي بتَّ فيه تقيم.

 

                                                        بيروت. في 5/5/1972

 

 

 

أملٌ قد خاب

 

أواه! وواحر قلباه!

لقد خابت آمالي،

واضمحلت أماني،

ثم ذبلت أوراقُ حياتي،

وحوَّم اليومُ المشؤومُ فوقي،

ونعب الغرابُ الساحم نعيبَ القلق الأبدي،

وراحت الأفعى تلسعني وتنفثُ فيَّ سمُّها الناقع.

إن البؤس اصبح سميري،

والخيبة هي خديني،

والتعاسةَ اصبحت صِنوي،

والشقاءَ رتَعَ في أحشائي،

بالهم أنام،

وبالحزن أحلم،

وبالهلع أستيقظ.

آمالي أوهام،

وأوهامي سراب،

وسرابي عذاب.

مأكلي بالغُموم،

وشُربي بالهموم،

وجمالي أصبحَ مذموم،

أصبحتُ حيةً ميتةً أتجولُ في عالم النار،

وأسبحُ في بحيرة من القار،

ويلاحقني شبحُ العار.

بالألم وضعتني أمي،

وبالشجن أجتزُّ غمي.

أطلُبُ الموت،

والموتُ مُوغلٌ في البُعد عني.

بتُّ أكرهُ الخلان،

وأبتعدُ عن الأقران؛

أقولُ هذا وأنا أحلفُ بالقرآن.

الوساوسُ تقطنُ في داخلي،

وتفكيري المُرعب يقضُّ عليَّ مضجعي

أحببته فأحبني،

ومن ثم نبذني.

لهذا أصبحتْ حياتي شوهاء،

وعيشي فيها كالرمضاء.

فأنا أحيا الآن في سراب،

وغدًا سيُواريني التراب.

                                                        بيروت، في 6/5/1972