info@daheshism.com
مُقدِّمة إلى "غاب البنفسج"

غاب البنفسج

 

استقبال عام 1980

                                 

أيها العام الجديد،

إنني استقبلك مرحبًا بقدومك،

بالرغم من اكفهرار السماء المطيرة

التي حجبت عنك أنوار نجومك.

إن أيام سلفكَ الراحل

كانت أيامًا دجوجية الجلباب.

فكم فقد فيها من الأحباب!

وكم تجندلَ غدرًا من أحبّ الصحاب!

إن الحرب الضروس الشرسة بلبنان

التهمت الشيوخ وافترستَ الشبان،

وهتكتْ العديد من الغيد الحسان!..

فهلاّ رأفت بنا وأغدقت علينا الحنان،

بعدما راشتنا سهامُ إبليس وصنوه الشيطان.

إن الدواهي التي دهمتنا،

والأهوال التي انقضت علينا،

والمخاوف التي عصفت بنا،

والرواعب التي ردَّمتنا،

والصواعق التي دمَّرتنا،

والصواريخ التي أبادتنا...

ما كنا لنبتلى بمزلزلاتها

لو سرنا على طريق الفضيلة المثلى.

لقد شططنا عن الطريق القويم،

وانحرفنا عن الخط المستقيم،

وانجرفنا بتيار الشر الطافح الأثيم،

وخضنا غمرات شهوات إبليس الرجيم،

ونفذنا رغبات بعلزبول السفلي الذميم،

ومكثنا راتعين من شهواتنا الدنية

أعوامًا تتلوها أعوامٌ فأعوام...

دون أن نعتبر بالفضيلة أو نرتدع.

وإذا بيد الله القوية تدكُّ ربوعنا دكًّا،

وتُحيل عامرنا لخراب هائل،

وتجعله قفرًا بلقعًا ينعبُ البُوم بخرائبه،

وتجولُ الغربان بين ركامه وطلوله،

وتصولُ الذئابُ بعرضه وطوله.

إنّه الجزاءُ الإلهي عصف بنا فقوضنا تقويضًا،

وما كان الله ظالمنا،

بل كنا لأنفسنا ظالمين.

فرحماكَ، أيها العام، رحماك!

فها إني ألتجئ لائذًا بحماك.

تُرى، هل سيمتدُّ أجلي

حتى نهاية أيامك،

أم تراني سأتوارى في أحد أيام عامك؟

لقد وطئتَ أرضنا اليومَ أهلاً،

وها إني أستقبلك سهلاً،

منتظرًا ما ستفاجئني به مخبآتُك.

ومَنْ ألقى اتكالَه على الله

فإنَّه ناصرُه وظافرُه.

                                                   بيروت، الساعة الثانية والنصف

                                                          من فجر أول كانون الثاني 1980

 

 

لن أنساك

                                    

تمرُّ الأيام، وتمضي الأسابيع،

وتتسرب الشهور، وتفنى الأعوام،

وتحتاطُ بي همومٌ مضنية،

وتروح تنهشني بقسوةٍ ووحشية،

وضراوةٍ إبليسية،

وإذاني أُفكرُ بكِ وأتمنى لُقياكِ!

فأنتِ تقطنين في أعمق أعماق فؤادي!

                                      ***

صياحُ الديك يُعلن خلقَ يومٍ جديد.

وفور يقظتي أتخيلكِ أمامي!

وللحال أجثو بتبتل وخشوع،

ضارعًا للخالق جلتْ قدرتُه،

ليحفظكِ من عوادي الحدثان،

وأن يُقرّب ساعةَ اجتماعي بكِ،

إذّ إنّكِ تحتلين شغاف روحي!

حلمتُ ليلةَ البارحة

أنني أسيرُ في غاب فاتن برفقتك.

وكان فَرحي عظيمًا وسعادتي لا توصَف!

وإذْ ذاك طوقتني بذراعيكِ العبلاوين،

ثم... ثم منحتني قبلةً أجَّجت النيران بأعصابي،

وإذاني أجوسُ عالم الفراديس الإلهية،

وأتمتَّع بموسيقى الآلهة السرمدية!

فأنتِ قلبي، وأنت عقلي، وأنتِ لبي!

                                      ***

جمالُكِ مُستمدٌّ من خالق الأكوان!

وفتنتُكِ تعصف بفتنة ربّات النعيم!

وحسنُكِ يتلاعب بالقلوب فيستعبدها!

وأنوثتُك المُذهلة تُغري الآلهة العظام!

ورقتُكِ تفوقت على رقَّة حيرا زوجة جوبيتير!

فيا مُلهمتي قصيدي، أنا أضرع لربي

ليُلهمكِ أن تقبلي حبي.

                                             6 كانون الثاني 1980