info@daheshism.com
مُقدِّمة إلى "الرحلاتُ الداهشيَّة حولَ الكُرَةِ الأرضيَّة الرحلةُ الثامنةَ عشرة"

الرحلاتُ الداهشيَّة

حولَ الكُرَةِ الأرضيَّة

                     

 

الرحلةُ الثامنةَ عشرة

عامَيْ 1980- 1981

 

فرنْسَا (باريسْ، ليمُوج)

النمسَا (فيينَّا)

 

 

أحلامٌ خيَاليَّةٌ

 

أَتوقُ للإِنطلاقِ نحوَ النُّجومِ النَّيرةِ بعرضِ الفضَاءْ

وأَوَدُّ أَنْ أَتجوَّلَ بينَ الرُّجومِ المهيبَةِ بعُمقِ السَّماءْ

ويُطرِبُني أَنْ أُحلِّقَ بأُقيانوسَاتِ المَتاهاتِ مُندَمجاً بالهوَاءْ

أَرُودُ سَبْسَبَ الأَبَدِ تُحيطُ بي الأَنواءُ وتَبهَرُني الأَضواءْ

ثمَّ أَلِجُ فِردَوسَ النَّعيمِ الخلاَّبِ بمَا يَحتَويهِ منْ سَنَاءْ

وأَقطُنُ فيهِ سعيداً مُتَنَعِّماً بمباهِجِهِ برِفْقةِ غادةٍ غيْدَاءْ

 

                                      الدَّكتور داهِشْ

                                 من كتاب"المهنَّدُ الباتر"

 

 

                                         مقدِّمَة

عرفتُ الدكتور داهش منذُ أَكثرَ منْ رُبعِ قرن. عايشتُهُ سنينَ طويلة، ورافقتُهُ في رحلاتٍ كثيرةٍ حولَ العالم، ومنْهَا هذهِ الرحلةُ إِلى فرنْسَا في أَواخرَ عام 1981 وأَوائلَ عام 1982. وإِنَّهُ لَمِنْ أَمتَعِ أَوقاتي حينَ أَكتبُ عنه، وعنْ ذكرياتي في صُحبتِهِ، وعمَّا خلَّفهُ في نفسي منْ جميلِ الأَثَر.

والسببُ إِيماني بمبادئِهِ الروحيَّة الساميَة، وإِعجابي العميقٌ بمثاليَّته، وامتناني لهُ بهدايتِهِ إِيَّاي إِلى طريقِ الحقِّ والفضيلةِ.

الرجلُ ظاهرةٌ فريدةٌ في كلِّ ما اتَّصفَ بهِ منْ مواهبَ فائقة، وما أُثِرَ عنهُ منْ أعمالٍ خارقة. وما أَنَا إلاَّ واحدٌ منْ شهودِهَا الكثيرين. ولئِنْ يكنْ تاريخُهُ حافلاً بالتجارُبِ المريرةِ والمعارِكِ القلميَّة، فهو حافلٌ أَيضاً بإِنجازاتٍ جبَّارةٍ سواءٌ منْهَا ما قامَ بهِ في ميدانِ الثقافةِ أَو الفنِّ: تُراثٌ أَدبيٌّ فكريٌّ يُربي على مئةٍ وخمسينَ مؤلَّفاً، ومُتحفٌ فنِّيٌّ ندرَ أَنْ أَسَّسَ نظيرَهُ فردٌ واحدٌ، ومكتبةٌ خاصَّةٌ تحوي عشراتِ الآلافِ منَ الكُتُب.

على أَنَّ الحدثَ الأَهمَّ في حياةِ الدكتورِ داهش إِعلانُهُ في لبنان، في الثالثِ والعشرينَ منْ آذار عامَ 1942، رسالةً روحيَّةً إِنسانيَّةَ النزعة، غرضُهَا صلاحُ الفردِ وإِصلاحُ المجتمع. بيدَ أَنَّ عهداً غاشماً في لبنانَ آنذاكَ حاربَهَا، وجرَّدَ مؤسِّسَها منْ جنسيَّتِهِ اللبنانيَّة، وجعلَهُ شريداً بلا منزلٍ، ولا وطن. ولكنْ ما أَشدَّ يومَ المظلومِ على الظالم! فما كانَ منَ المُضطَهَد إلاَّ أَنْ شنَّ على مُضطَهِديه حرباً ضروساً، لا بالسيفِ والسلاح، بل بالقلمِ والقرطاس. نعم، بالكلمةِ الجبَّارةِ المُزلزلةِ التي دكَّتْ عرشَ الباطل، فانتصرَ الحقُّ، واستردَّ المؤلِّفُ الحرِّيَّة،" هبةَ الخالقِ للخلائِق."

وأَنَا أَقولُ، بأَسفٍ شديد، إنَّ ما حصلَ- وما قدْ يَحصل- في لُبنان منْ نكباتٍ وفواجعَ قلَّ أَنْ شهدَ تاريخُ الإِنسانيَّة نظيرَهَا إِنْ هو إلاَّ نتيجةٌ لازمةٌ للجريمةِ النَّكراءَ التي ارتُكِبَتْ بحقِّ الدكتورِ داهِش عهدَذاك، وسكوتِ جميعِ اللبنانيِّين، على مُختلفِ فئاتِهِم، عنْهَا؛ حتَّى إِنَّهُ لمْ يوجدْ رجلٌ واحدٌ، في الأَقلِّ، ليُدافعَ، ولو بكلمةٍ، عنْ المظلومِ البريء. ومَنْ يُطالعُ تفاصيلَ تلكَ الجريمةِ التي تمَّتْ بتخطيطٍ منْ رأسِ الدولة، وبمعرفةِ الوزراءِ والنوَّابِ والصِّحافيِّين ورجالِ الفكرِ، ويقرأُ ما كتبَهُ الدكتورُ داهش آنذاك عنْ مصيرِ الشعبِ الذي يُمالئُ حكَّامَه الظالمين، لنْ يعجبَ لِرأَيي هذا.

وقدْ يُؤْخذُ عليَّ أَنَّني سهوتُ عنْ الأَسبابِ الحقيقيَّةِ للحربِ اللبنانيَّة، سواءٌ منْهَا الأسبابُ السياسيَّةُ والاقتصاديَّةُ والإِجتماعيَّة... وقدْ أَفاضَتْ الدراساتُ السياسيَّةُ والمقالاتُ الصحافيَّةُ في الكلامِ عليْهَا.

والحقُّ أَنَّ المؤرِّخين والمُحلِّلين السياسيِّين يَدرجون، في العادةِ، على تعليلِ الوقائع التاريخيَّة بالأَسبابِ الإِجتماعيَّة "البارزة"، ولا يقفونَ عندَ ما يحسبونَهُ عارضاً أَو فرديًّا.

ولكنْ، مَنْ يدري؟ فقدْ يكونُ الحدثُ "العارضُ" أَحياناً هو السببُ "الحقيقيَّ"، ولا تكون الأَسبابُ "البارزةُ" الأُخرى سوى ذرائعَ له! تُرى أَليسَ اضطهادُ أُورشليم للسيِّد المسيح ورفضُهَا لدعوتِهِ السامية السببَ "الحقيقيّ" لخرابِهَا على يدِ القائدِ الرومانيِّ تيتوس عام 70م؟

يقيناً أَنَّهُ لو عقلَ اللبنانيُّون، وأَصغَوا إِلى تعاليمِ مؤسِّس الداهشيَّة، وعملوا بهَا، لَمَا صارَ وطنُهُم إِلى ما صارَ إِليه، ولانقلبَ حقًّا إِلى "بلدِ الإِشعاعِ والنور"، كمَا يدَّعون.

                                  ***

مَنْ يرُافقُ الدكتورَ داهش في رحلاتِهِ لا بدَّ لهُ منْ أَنْ يُلاحظَ أَنَّ أَوقاتَه مبرمجة، لا تنقضي دقيقةٌ واحدةٌ إلاَّ وهو منهمكٌ في عملٍ ما، كزيارةِ المتاحفِ، أَوْ المتاجر، أَوْ الغاليريهات، أَو المكتباتِ، أَو المعالِمَ العمرانيَّة، أَو أَسواق الخُضَر والفواكه... وإِذا عزَّ عليهِ ذلكَ، عمدَ إِلى مطالعةِ الجرائدِ والمجلاَّتِ العربيَّة والتعليقِ عليْهَا، أَوْ إِلى مطالعةِ كتابٍ تاريخيٍّ أَوْ أَدبيٍّ أَوْ سواه، أَو إِلى تدوينِ يوميَّاتِه، أَو تأليفِ قِطَعٍ أَدبيَّة. فكأَنَّ لسانَ حاله البيتُ الشِّعريُّ المأْثور:

إِذاَ مرَّ بي يومٌ ولمْ أَصْطنِعْ يداً             ولمْ أَستفِدْ عِلماً فما ذاكَ منْ عُمري

والجديرُ ذكرُهُ أَنَّ المؤلِّفَ مُغرمٌ بإِقتناءِ الكُتُبِ النفيسةِ، ولا سيَّمَا كتبِ الرحلاتِ القديمة، وإِنْ غلاَ ثمنُهَا. أَمَّا شغَفُهُ بالفنُونِ الجميلةِ، ولا سيَّمَا بفَنَّي الرَّسمِ والنَّحت، فحدِّثْ عنْهُ ولا حرَج. فهو ولِهٌ بهَا منذُ صِغَرِه، وله فيهَا خبرةٌ ومعرفةٌ تامَّتان. يحبُّ الفنَّ الكلاسيكيَّ، وبخاصَّةٍ الموضوعاتِ الميثولوجيَّة فيه. وهو يؤثِرُ اللوحاتِ التي تعودُ إِلى القرنِ التاسعَ عشر. ولا تسلْ عنْ نُفُورهِ منْ فنِّ السريالزم. فهو يخرجُ، في هذهِ الرحلةِ، منْ مُتحفٍ للفنِّ الحديثِ والعجَبُ آخِذٌ منهُ "كلَّ مأخذٍ في هذا العصرِ الذي أَصبحَتْ المقاييسُ فيهِ منكَّسةً رأساً على عقب." ثمَّ يُعقِّبُ بالقولِ على مُنتجاتِ الفنِّ الحديث:" منَ المؤسِفِ أَنْ تسمحَ الحكوماتُ بعرضِهَا، وهي أَتفَهُ منَ التفاهةِ، ولا معنى لهَا إِطلاقاً."

وأَذكرُ جيِّداً أَنَّني كنتُ أُرافقُهُ إِلى أُوتِل درووHotel Drouot  حيثُ تُعرَضُ وتُباعُ اللوحاتُ الفنِّيَّةُ وغيرُهَا بالمزَادِ العلنيِّ، وذلكَ مرَّتَين في اليومِ نفسِه. قبلَ الظُهرِ لاختيارِ اللوحاتِ التي أُعجِبَ بهَا، وبعدَ الظُهرِ لابتياعِ ما يتيسَّرُ منْهَا. وقدْ كانَ يوزِّعُ مُرافقيه على الغُرَفِ حيثُ القِطَعُ الفنِّيَّة التي يرغبُ في ابتياعِهَا. وقدْ طلبَ إِليَّ، ذاتَ يومٍ، أَنْ أَبتاعَ لهُ لوحةً فنِّيَّةً رائعة، موضوعُهَا دينيٌّ، تمثِّلُ قايين بعدَ أَنْ قتلَ أَخاهُ هابيل. ولمَّا شاهدَني أَحملُهَا إِليهِ في الفُندقِ- وكانَ قدْ لازمهُ بعدَ ظُهرِ ذلكَ اليوم – سُرَّ كثيراً.

                               ***

لا يخلو أَدبُ الرحلةِ عندَ الدكتور داهش منْ ملامحَ سيرةٍ ذاتيَّةٍ يكتشفُ فيهَا القارئُ جانباً منْ شخصيَّةِ المؤلِّف وآرائِهِ وعلاقاتِهِ بالآخرين. فقدْ يقسو على بعضِ رُفقاءِ رحلتِهِ لِما يصدرُ عنْهُم منْ أَخطاءٍ مُتعَمِّدة، إِذْ إنَّ "أَصحابَ العقائد الصدقُ رائدُهُم، والإِخلاصُ نديمُهُم." وقدْ يغلو في قسوتِهِ. ولكنَّهُ سرعانَ ما يرحمُ ويعفو، ويمنحُ رفيقَه فرصةً جديدةً علَّهُ يعتبرُ ويرعوي.

وتتجلَّى في هذهِ الرحلةِ محبَّتُهُ الكبيرة ووفاؤُهُ العظيم للإِخوةِ الداهشيِّين. فإِذا وقعَ لأَحدِهم مكروهٌ، ظلَّ نهارَهُ وليلَه على قلقٍ واضطراب، لا يغفو له جفن، ولا يتوانى عنْ الإِتِّصالِ هُنا وهُناكَ حتَّى يطمئنَّ قلبُه. وعندمَا ينالُهُ منَ البشَرِ ضَرٌّ، تُراودُه في الحالِ ذكرى رفيقِ حياتِه وجهاده، المرحومُ الدكتور جورج خبصا، فيُشيدُ بصدقِهِ وإِخلاصِه، ويستمطرُ عليهِ شآبيبَ الرحمة.

أَمَّا موقفُهُ منْ هذا العصرِ وما صارَ إِليهِ منْ إِباحيَّةٍ وغشٍّ وطمعٍ وتفاقُمِ إِلحادِ واستهانةٍ بالقيَمِ الروحيَّة، فلا أَدَلَّ عليهِ منْ هذهِ العناوين والعباراتِ المُقتَبسةِ منْ هذهِ الرحلة:" طبيبٌ خانَ ضميرَه"، "كافرةٌ ومُلحِدة"، "دعارةٌ نتنةٌ وإِنحطاطٌ مُبتذَل"، "إِذا لمْ تكُنْ ذئباً أَكلَتْكَ الذئاب"، "إِنَّ تجَّارَ اللوحاتِ الزيتيَّة لا يُؤمَنُ جانبُهُم."

ولعلَّ خيرَ ما يعبِّرُ عنْ موقفِ المؤلِّف بهذا الصدد، في هذهِ الرحلةِ، قولُهُ في كلمةٍ دوَّنَها في استقبالِ عام 1982:" إنَّ مفاسدَ الحياةِ الماديَّة دهمَتْ بشرورِهَا مرافقَ الحياةِ كافَّة، فانكفأَتْ الفضيلةُ مهيضةَ الجناح، تئنُّ منْ جراحِهَا البليغةِ وليسَ منْ مُنجد... إنَّ العودةَ إِلى الدين هو طريقُُ الخلاصِ للجميع. ففيهِ يجدُ الإِنسانُ راحتَه وأَمنَه، وفيهِ يجدُ قلبَهُ وقدْ اطمأَنَّ، وروحَه وقدْ استقرَّت."

                          ***

وهكذا جمعَتْ كتبُ "الرحلات الداهشيَّة" أَبرزَ القضايا التي تهمُّ المتأَدِّب، وجالتْ بينَ التاريخ والجغرافيَا والأَدب والفنِّ والإِجتماعِ وغيرِهَا. واعتمدَ المؤلِّفُ التفصيلَ الدقيقَ، ولمْ يكتفِ بالعَرْضِ السريع، على خلافِ ما تتَّصِفُ بهِ كتبُ الرحلات غالباً. كلُّ ذلكَ بأُسلوبٍ واضحٍ يتَّصفُ بالجَمالِ الأَدبيِّ.

فأَدبُ الرحلةِ عندَهُ اعتمدَ الاختبارَ بالمُشاهدةِ والملاحظةِ الشخصيَّة. وقدْ امتازَ هو فيهِ ببصيرةِ الناقد، وموضوعيَّة العالم، وبُعْدِ نظرِ الحكيم. فهو، منْ هذا القبيل، رائدٌ منْ رُوَّادِ أَدبِ الرحلةِ.

وليسَ يفوتُنَا أَنَّ أَدبَ الرحلة اليوم غيرُهُ في الماضي البعيد؛ ذلكَ أَنَّه كادَ يكونُ مقصوراً، في الماضي، على الوصفِ الخارجيِّ، إِذا جازَ التعبير.

ولا غرابةَ في ذلكَ. فقدْ كانَ الرحَّالةُ القُدماءُ يرودونَ بلاداً جديدةً قلَّمَا قرأُوا عنْهَا أَو سمعوا بهَا. زِدْ إِلى ذلكَ أَنَّهُم كانوا يُدوِّنون مشاهداتِهِم لقُرَّاءٍ لمْ يكنْ منَ السَّهلِ عليْهِم آنذاكَ ارتيادُ تلكَ البلاد. أمَّا اليوم، وقدْ اختُصِرَتْ المسافاتُ وتوافرَتْ المنشوراتُ السياحيَّةُ عنْ البُلدانِ ومعالمِهَا الحضاريَّة والاجتماعيَّة وباتَ في طاقةِ كثيرين ارتيادُهَا، فلمْ يعُدْ الرحَّالةُ مقصوراً هدفُهُم على "الوصف الخارجيِّ" فحسب، بلْ تعدَّوهُ إِلى تصويرِ انطباعاتِهِم عمَّا يُشاهدون، وتسجيل مواقفهم منْه. ولا ريبَ في أَنَّ الدكتور داهش قدْ برعَ في ذلك، وأَبدع.

وعلى الجُملة، فقدْ صدقَ على المؤلِّف قولُ القائل:" إِنَّهُ قسَّمَ عمرَهُ على قطعِ الأَقطار، ووزَّعَ أَيَّامه بينَ تقاذُفِ الأَسفار، واستخراجِ كلِّ دقيقٍ منْ معدنِهِ، وإِثارةِ كلِّ نفيسٍ منْ مكمنِه." فكتبُ رحلاتِه مشتملةٌ على جوامعَ يَحسنُ بالقارئ معرفتُهَا، ولا يُعذَرُ في التغافلِ عنْهَا.

 

                                                نقولا ضاهر

                                        نيويورك، 10 أَيَّار 1992

 

 

                          28 تشرينَ الأَوَّل 1981

                               التأَهُّبُ للسَّفَر

غادرتُ فراشي في الساعةِ السابعةِ صباحاً، وابتدأتُ فوراً بترتيبِ حقائبي تمهيداً لسفري. وبتمامِ الساعةِ العاشرةِ قبلَ الظُهرِ أَنجزتُ ترتيبَ ثلاثَ حقائب، ثمَّ حقيبةٍ يدويَّة أُخرى.

في العاشرةِ والنُصفِ استقلَّيتُ السيَّارةَ، وبصُحبتي الأَخ سَعْد شكُّور، رفيقُ رحلتي. وسعْد قدِمَ خصِّيصاً منْ مدينةِ جدَّة في السعوديَّة لكيْ يُرافقَني في هذهِ الرحلة؛ وقدْ وصلَ إِلى مطارِ كِنِدي في نيويورك في الساعةِ السابعةِ منْ صباحِ 22/10/1981، أَيْ منذُ أُسبوع.

 

                              أُوروبَّا فكينيَا

إِنطلقَتْ بنَا السيَّارةُ قاصدةً نيويورك، فبلغنَاهَا في الساعةِ الحاديةَ عشرةَ والنُصف، وأَصعدْنَا حقائبَنَا إِلى شقَّة ماريو شقيقَ سَعْد؛ وماريو طالبٌ في إِحدى جامعاتِ نيويورك.

وإِذْ كانتْ معدتي خاويةً، تناولتُ الغَداءَ، ثمَّ اتَّصلتُ بالصديقِ رياض، وطلبتُ إِليهِ أَنْ يذهبَ إِلى شركةِ طيرانٍ لأَخذِ تذاكرِ الرحلة، بالدرجةِ الأُولى.

ورحلتي نظَّمتُهَا على الصورةِ التالية: منْ نيويورك إِلى باريس بطائرةِ الكونْكورد، ثمَّ إِلى روما، ففلورنْسَا، ففينيسيَا، فلندنْ، ثمَّ إِلى نيروبي في كينيَا. ومنْ كينيا سنذهبُ برحلةِ "سَفاري" لمُشاهدةِ الحيواناتِ الضارية في مواطنِهَا الأَصليَّة. ثمَّ نُغادرُ كينيَا لنعدَ إِلى باريس فنيويورك بطائرةِ الكونْكورد.

في الساعةِ الخامسةِ بعدَ الظُهرِ تسلَّمتُ بريدَ بيروت: رزمةً ضخمةً بداخلِهَا 24 جريدةً و8 مجلاَّتٍ وكتاب.