info@daheshism.com
مُقدِّمة إلى " ينبوع السعادة"

 ينبوع السعادة


زهرة اللينُوفار

 

يا زهرة اللينوفار المُقدَّس

إن فتنتكِ المُذهلة

سَحَرَت البُحيرة الرائعة بجمالها المُغري.

وأشجار الصفصاف انخفضت أغصانها

لتقبِّل بتلاتك العجيبة الألوان

والبط الذي تجوب أسرابُهُ آفاق بحيرة الغاب الفتَّان،

سُحِرَ بكِ، أيتها الزهرة الفردوسية،

وإذاه يجثم بجوارك ويحطُّ رحاله حيثُ تقيمين.

والفراش الملوّنُ حَوّم حواليك،

أيتها الزهرة العجيبة.

ثم جثمت فراشةُ فتانة على أوراقكِ الناعمة

وقبَّلتكِ بشوقٍ بالغ.

وطُرِبَ النسيمُ فاهتزت أغصانُ الرّوح نشوةً وحُبورًا!

آه! أيتها الزهرة الباهرة المحاسن!

ليتني، في دوري القادم،

أتقمصُ لزهرةٍ لينوفار عجيبة الفتنة،

فأجوبُ بحيرةً ماؤها لُجينيّ

يُطربُني فيها شّدوُ الأطيار،

وهي تغرّدُ أفنان الأشجار،

في غاب توشيه مختلفُ أنواع الأزهار.

 

وهناك في ذلك الغاب المُقدس

الذي تهيمنُ عليه فتنةٌ لا نهائية،

أُحلِّق برُوحي للمَلا العُلوي،

وأجوس رُبُوع الخلد العجيب المسرَّات،

المُترع بالإسير السماويّ والحافل باللذاذات

تحيط بي صبايا الفردوس المُزدهي الزاهر،

وأفتنهن جمالاً وأخلبهن أنوثةً

تعزف لي على قيثارها المُشجي،

فتصغي العناصر وتستكين المجرَّات

لرَوعة أنغام أوتارها المُنشية،

ولعذبِ نشيدها السماويّ المُبدع!

وأزهارَ اللينوفار العجيب الألوان

تملأ صفحة البحيرة الحالمة،

فيزداد سحرها سحرًا،

وفتنتها فتنةً، وبهاؤها بهاءً!

تاللهِ يا زهرة اللينوفار

كم أنتِ محاطة بألغازٍ وأسرار!

                                بيروت، الساعة 7و 27 دقيقة

                                من مساء 17/10/1979

 

 

كفرت بالحياة وباركتُ الموت

 

كفرتُ بعالمِ الأرضِ عالمِ النميمة والحقارة،

عالمِ الأضاليل والفساد والرجس المُدنس.

إن أشواك الأرضِ مُرعبةٌ، وعواسج دنيانا فتاكة.

ومن يصل إليها، عليه أن يحمل صليب عذابه، ويجترَّ آلامه.

فلو لم يستحق المجيء إليها لمّا بلغها.

وما أرضنا إلا دركٌ مُرعبٌ ومُخيف!!

مصائبُهُ شاملةٌ، وبلاياهُ عامة، وذئابهُ مُفترسة.

إنَّ ربَّ هذا العالم هو المالُ، والمالُ فقط،

فيه يحيا العبادُ، وباسمهِ يُسبحون وإيّاهُ يعبدون.

هم يعفرون جباههم أمام موطئ نعليه القذرين،

مردّدين: قُدّوس، قدّوس أنتَ أيُّها الدينارُ المعبود!

فأنتَ المُهيمنُ على شؤون أبنائكَ المُخلصين لك؛

فأرضُنا شقيَّةٌ بدونكَ، وتباركت بوجودكَ.

لهذا أجدني قد ضِقتُ ذرعًا بوجودي في ربوع هذه الدنيا المرذولةِ المُلوثة،

رافعًا ضراعتي للقدير لكي يُنهي وجودي من سجنِ الأرض المُرعب؛

هذا السجن الذي يضجُّ بالضواري التي ترودُ شعابه وتهبطُ أوديتهُ؛

ثم ترتقي شوامخ جباله عائثةً فسادًا في مدنه وبواديه.

والسعيد السعيد من يفكُّ إسارةُ من ربوع هذه الدنيا اللعينة.

فبانطلاقه من عالم الشقاءِ، عالم الموبقات المُدنَّسة،

تحفُّه سعادةٌ عظمى؛

ومنْ لم يُكتبْ له الموتُ

فتعاستُهُ هائلةٌ، وشقاؤُهُ مُرعبٌ مُخيف...!

                                                                في السيارة الذاهبة إلى نيويورك

                                                                        الساعة 10 إلا 10 دقائق.

                                                                تاريخ 11/3/1977

 

 

تخيُّلاتٍ وهميّة

 

ليتني طيرٌ طليقٌ

جائبًا بحر الفضاءْ

مُنشدًا آياتِ حبِّي

حيث لا يحيا الرياءْ

***

صاعدًا فوق جبال عاليه

هابطًا غور بطون الأوديه

شاديًا في الفجر أنغام السرور

والطيور

تتغنَّى بأناشيد الحبور

***

أنا حرٌّ في فضاء وطليقٌ لا أسير

أشرب الماء نميرًا سلسبيلاً من غدير

عابرًا نحو ورود ناعماتٍ كالحرير

والغدير

يُطربُ الآذان والأرواحَ من وقع الخرير

وجمالٌ للجبال والتلال قد سباني

والمروجُ الزاهياتُ وبها الله حباني

وأنا كلي هناءٌ بعد أن نلتُ الأماني

وأُصلِّي بخشوعٍ عند عرش من براني

                                في السيارة الذاهبة إلى نيويورك

الساعة العاشرة صباحًا تاريخ 11/3/1977