info@daheshism.com
مقدِّمة إلى "مراثي الأدباء وَالشعراء وَالصّحفيّين وَالأطبّاء وَالمحامين وَرجَال الدّين والحُكّام والقُضَاة بمُؤَسِّس العَقيدَة الدَّاهِشيَّة"

مراثي

 

 

الأدباء وَالشعراء وَالصّحفيّين وَالأطبّاء وَالمحامين وَرجَال الدّين والحُكّام والقُضَاة

بمُؤَسِّس العَقيدَة الدَّاهِشيَّة

 

 

انعتاق

 

لن تمكثَ نفسي طويلاً حتّى تتوارى عن هذه الأرض الخادعة الغادرة

 

هذه الأرض التي لم ألقَ عليها سِوى مَطامع البشَر والألم الصّادع

 

والحُزن العميق القاتل ... والأمل السحيق الضَّائع

 

نعَم ، سَأتوارى عنها وأنا ألْعَنُها حتى آخر الزمان

 

وعندما يطويني الدّهْرُ بذراعيه ويضمّني الموتُ بدَعَةٍ وحنان

 

سَاعتذاك ترتاحُ نفسي القلِقة وتطمئنّ رُوحي الحائِرة

                                                                   داهش

 

 

باقةٌ من المراثي والكلمات

التي أُلقيَت في الحفلات التي أُقيمت في لبنان وخارجه

بمناسبة الذكرى الأولى لمصرع الدكتور داهش

 

إنّ نبأ مصرع مؤسّس الداهشيّة العظيم في أذربيجان الإيرانيّة في مطلع تمّوز سنة 1947 أحدث هزَّةً عنيفةً في نفوس الداهشيّين والألوف من أنصارهم في مختلف المدن العربيّة والأجنبيّة ، وضجّة في صحف المهجر والعالم العربيّ ، إذ نشرت جميعها الخبر المفجع وصور مصرع الدكتور داهش الذي ما كان ليحدث لولا المؤامرة الجهنّميّة التي دبّرها ضدَّه رئيس لبنان الطاغية بشارة الخوري وزبانيّته الأشرار .

وقد استثار خبرُ مصرعه قرائح المئات ممّن عرفوا قدره وعبقريّته حتّى من غير الداهشيّين ، فدبّجوا في شخصه مراثياً وكلمات عبّروا فيها عن شعورهم وآرائهم .

وفي الذكرى الأولى لمصرع الدكتور داهش ، اجتمع الإِخوة الداهشيّون في اليوم نفسه والساعة نفسها ، في كلٍّ من أذربيجان ، وبغداد ، والنجف الأشرف ، ودمشق ، وبيروت ، وسان باولو ، وغيرها من مدن العالم ... وبعد صمتٍ رهيب وتأمّلٍ عميق أُلقيَتْ على مسامعهم هذه الباقة من المراثي والكلمات .

والجدير بالذكر أنَّ عدداً ضئيلاً جِدّاً من الداهشيّين المقرَّبين من الدكتور داهش كان يعرف أنّ مؤسّس الداهشيّة ما يزال حيّاً يُرزق وقد أنقذه الله بحكمةٍ منه إذْ استبدل به إحدى شخصيّاته ، تماماً كما تمَّ في حادثة صلب المسيح . وقد بقي هذا الأمر سرّاً أُخفي حتّى عن الداهشيّين مدّةً طويلة من الزمن ، ثم عرفوا بأنّ الشخصيّة هي التي استُبدلت بداهش .

 

 

ماتَ الدّكتُور دَاهش ودُفِنَ ... ثمَّ بُعِثَ حيَّاً

 

 بقلم الدكتور فريد أبي سُليمَان

 

بتاريخ 28 آب 1944 اعتُدِيَ على مُؤَسِّس العقيدة الداهشيّة ، إذْ أرسلَ له المسؤول الأول شرذمةً من الرعاع ليغتالوه بعقر داره . وتبعَ ذلك تجريدُه من جنسيّته اللبنانيّة ، وتشريده ، وأَنف القانون معفَّر بالرغام ومُمرَّغ بالسُّخام .

وهكذا اعتُدِيَ على البريء رغماً عن أحد بنود الدستور اللبناني القائل : "إنَّ حرّية المعتقد مصُونَة ".

لقد داس بشاره الخوري القانون ، وخرَق موادَّ الدستور اللبنانيّ ، فاعتدى على بريء ذنبُه الوحيد اعتناق الأديبة والفنّانة (ماري حدّاد) شقيقة زوجته للداهشيّة مع قرينها وكريماتها الثلاث (ماجدا) و(آندره) و(زينا). وإذْ ذاك ثارت ثائرة بشارة الخوري وزوجته لور وشقيقها ميشال شيحا ، وهالهم الأمر ، وتآمروا على داهش ، ففشلَتْ خطّتُهم ، وأنقذه الله من غدرهم .

وتابعت المؤامرة فصولها بتجريده من جنسيّته اللبنانيّة وتشريده في أرجاء الكرة الأرضيَّة .

وفي 28 حزيران 1947 وصل الدكتور داهش إلى أذربيجان ، فأُلقِيَ القبض عليه لأنّه لم يستَطِعْ إثْبات هويّته ، إذْ لا أوراق رسميَّة لديه بعد نَفْيه ، فظنَّت السلطاتُ أنّه جاسوس ، خصوصاً أنَّ فتنة دامية كانت قد قامت في أذربيجان وجرّت ذيولاً خطيرة ؛ فأُعدم رمياً بالرصاص بتاريخ أول تمّوز 1947، وذكرت الصحافة العربيّة والعالميّة أنباءَ إعدامه ودفنه .

ولكنَّ الحقيقة أنَّ مَنْ أُعدِمَ كان إِحدى شخصيّات الدكتور داهش ، فلمُؤَسِّس الداهشيّة ستّ شخصيّات مقرُّها في عوالم أخرى من الكون . وقد تجسّدت هذه الشخصيّات مراراً وتكراراً ، وشاهدها الكثيرون في مناسبات متنوّعة عديدة . وقد ذكرت الصحفُ أخبار ظهورها ، وعُقِدت الفصول الطويلة حول تجسّداتها .

وهذا التجسُّد يُثبت بالبرهان المحسوس الملموس الآية الواردة في القرآن الكريم والقائلة :] وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبِّه لهم [ (سورة النساء :آية 157) . أي إِنَّ أعداءَ السيّد المسيح ظنّوا أنهم صلبوه ، لكنّه في الحقيقة لم يُصْلَبْ بل صُلِبَ مكانه "شبهُه" أي شخصيّته الثانية .

ومُؤَسِّس الداهشيّة موهوب قوّة روحيّة سماويّة ، وقد اجترح المعجزات الباهرة أمام الألوف خارقاً بها النظام الطبيعي المعروف وقوانين الطبيعة التي لا تُخرَق .

ذلك بأنَّ قوّة الرُّوح هي فوق القوانين ، وهذه القوانين تخضع للقوَّة الروحيَّة .

وعندما أُعْدِمَ داهش رَمْياً بالرصاص ، أي عندما أُعْدِمَتْ شخصيّته بأذربيجان ، كان الدكتور داهش في منزل الرسالة ببيروت بين أتباعه الداهشيّين المُجاهدين الأُمناء والأَوفياء لمؤَسِّس عقيدتهم الراسخة رسوخ شوامخ الجبال المشمخرّة .

وها نحن نضع أمام أنظار القرّاء صورتين لإِعدام الشخصيّة :

ولنزيدَ القارئ علْمَاً حول هذه المعجزة نقول :

إنَّ الشخصيّة هي من عالمٍ آخر غير عالم الأرض ، إذاً لو أُعيِدَ فتح الحفرة التي دُفِنَتْ فيها الجثّة لما وُجِدَ فيها أيّ شيء ، ذلك لأنَّ الشخصيّة تعود إلى عالمها ثانيةً .

وعندما نشرَت الصحف أنباءَ إِعدام الدكتور داهش ، أرسل بشارة الخوري بطلب (رَهْنما) سفير إيران يومذاك في لبنان ، واستوضحه أمر إِعْدَام مُؤَسِّس الداهشيّة . وقد أرسل رَهْنما سائلاً وزارة الخارجيّة الإيرانيّة عن حقيقة الحادث ، فأتاه الجواب مُؤكِّداً أنباء الإعدام بتقرير رسميّ يصف فيه المصرع بتفاصيله . وقد بلّغَ رَهْنما بشارة الخوري الخبر، مزَوّداً إيّاه بهذا التقرير الرسميّ .

حينئذٍ انفرجتْ أسارير بشارة الخوري ، وابتهج لخلاصه من عدوّه داهش الذي سبَّبَ له آلاماً عظمى بسبب الكُتُب السوداء التي نشرَتْها شقيقة زوجته ماري حدّاد ، وفيها من الفضائح الهائلة ما يُزكّمُ الأنوف .

وهكذا أقضَّتْ مضجعه ، وحرَمَتْه من النوم لكثرة ما أوجعَتْه ...

وها هو الآن ، وقد تأكَّد له موتُ داهش ، اطمأنَّ إلى أنَّه انتهى من أمره . ولو عرف بأنَّ داهش لا يزال حيّاً يُرزق وأنه يُقيم في منزل شقيقة زوجته، ومنزلها لا يبعد عن القصر الجمهوري أكثر من 40 متراً ، قلتُ لو عَرِفَ ذلك لصعِقَ ولانطلقت روحهُ ذعراً ورعباً .

وبعدما نشرت الصحفُ اللبنانيّة نبأ إِعدام الدكتور داهش ، بادر العديد من الصحفيين والأدباء والشعراء ورجال الدين والسياسيّين ، فرَثوه . وقد انتخبنا من مئات المراثي مجموعة ضممناها لكتابنا هذا ، مُحتفظين بخطوط من رَثوه لنشرها بالصحف عندما تدعو الحاجة لذلك .

واليوم ، وبعد مرور ثلاثين عاماً على هذا الحادث التاريخيّ العجيب ، أحببنا أن نجمع ما انتخباه من المراثي التي قيلت بمُؤَسِّس الداهشيّة ، وننشرها بكتابٍ ليطّلع عليه الرأي العام . والسلام .

 

                                                  الدكتور فريد أبو سليمان

                                                بيروت ، في 5/3/ 1979