info@daheshism.com
شهادة السيدة هيلدا مراد

 

مع أنّني لست بكاتبة، فقد شعرت بدافعٍ قوي بأنّ لديّ التزاماً إتجاه الدكتور داهش وأن هذا الالتزام قد تأخّر استحقاقه. فقرّرت أن أكتب هذه الشهادة لأتحدّث فيها عن تجربتي ومعاينتي لخوارق الدكتور داهش - "معجزة القرن العشرين".

كنت قد سمعْت الكثير عن الدكتور داهش منذ طفولتي وكنت أتمنى لو تسنح لي فرصة مقابلته في يومٍ من الأيّام. وصادف يوماً أنّ والد زوجي، الذي كان يقرأ بتمعّنٍ جميع الجرائد اليومية والمجلات، أن قرأ مقالًا عن الدكتور داهش، ثم أجرى بعدها محادثةً مع زوجي حول هذا الموضوع. كنت يومها في المطبخ أحضّر الطعام لابني فسمعت معظم حديثهم. وأتذكّر بوضوح أنني طلبت من الله أن يساعدني كي أتمكّن من لقاء الدكتور داهش. فقد شعرت بشعورٍ داخليّ يدفعني للبحث عن هذا الرجل.

بدأت رحلتي الى أرض عجائب الدكتور داهش قبل ٣٥ عاماً إذ كنت آنذاك ذا ٢٣ من الأعوام. وحدث ذلك بعد حوالي العام من وفاة زوجي، تاركًا لي ابناً يبلغ من العمر ثلاث سنوات وابنةً تبلغ من العمر الشهرين. بعد فترةٍ وجيزة ، التحقت بوالدي في مدينة جدّة بالمملكة العربية السعودية حيث عملت في البعثة الفرنسية التابعة لوزارة البترول والثروة المعدنية. لقد كانت الوظيفة رائعة، ولكن مع ذلك، فإن خسارتي لزوجي قد دفعتني الى حالة اكتئابٍ عميق، وكنت أدرك أنّني على وشك فقداني لوظيفتي ما لم أفعل شيئاً حيال كآبتي وحالتي النفسية الصعبة.


 

وفي أواخر عام ١٩٦٩، جاء اليوم الذي لطالما انتظرته للقاء الدكتور داهش عندما زارني ابن عمّه أثناء إجازتي في بيروت. وكانت عائلتي تعرف ابن عمّ الدكتور داهش منذ سنوات خلت، عندما كنا نعيش جميعاً في مدينة بيت لحم. وقد أقنعني أن الدكتور داهش هو الشخص الوحيد الذي يمكنه مساعدتي للتخلص من حزني واكتئابي. في ذلك الوقت، كان أطفالي في رعاية والدتي في بيروت أثناء عملي في المملكة العربية السعودية، وكان غيابهم عني بالإضافة الى وفاة زوجي، أعظم ممّا كنت استطيع تحمّله. وتم تحديد موعد اللقاء وإذاني وجهاً لوجه أمام "الرجل المعجزة". كان مرحّباً جداً وهادئًا ولطيفًا وجذاباً. لقد سعدْت كثيراً بزيارته وخصوصاً بمشاهدة بعض معجزاته الخارقة. لقد ساعدني الدكتور داهش على التخلّص من اكتئابي من خلال شروحاته عن العديد من جوانب الحياة والوجود بطريقةٍ لم أكن  لأتخيّلها. وبعد فترةٍ وجيزة ، اتّخذت القرار بترك وظيفتي والبقاء في بيروت بالقرب من أطفالي ومن مخلّصي.

منذ صغري، لم تستطع أيّ من المصادر التي سمعت منها عن الدكتور داهش أن تعطيني فكرةً واضحة عن كيفيّة قيام "الرجل المعجزة" بالخوارق الروحية. كان البعض يقول أنه يجريها عبر السحر أو الأشباح، أو ما هو أسوأ من ذلك، من خلال الشيطان. لم أفكّر قط عندها في إمكانية أن يكون الله سبحانه وتعالى يريد هدايتنا عبر رسالةٍ جديدة وأن " داهش الإنسان المعجزة" هو رسوله ومسيح هذا العصر وأنه قد زوّده بقدرة النبوءات والمعجزات.

لقد أتيحت لي الفرصة لأشهد المعجزات على يد الدكتور داهش والتعلّم منه عن الله والأديان والحياة والموت والآخرة. يمكن إيجاز ما تعلمته من الدكتور داهش في بضع نقاط وتعاليم مختصرة أطبّقها في حياتي اليوميّة وفي التعامل مع عائلتي:

•جميع الأديان توصل لنا نفس الرسالة الجوهرية.  فاليهودية والمسيحية والإسلام والبوذية والهندوسية وغيرها يتشابهون في تعاليمهم عن كلمة الله - التي نعيها على أن هدفها الفضيلة والنزاهة والقيم الروحية السامية، ورغم ذلك، لقد دأبت الجمعيات والاحزاب الدينية على مرّ القرون على اللعب على أوتار الاختلافات الاجتماعية لخلق الهوّة والانقسام بين البشر، ممّا يعزز أيديولوجياتهم ومكاسبهم المالية والسياسية.

• قد يختلف الأنبياء في طريقة إيصال رسائلهم لأسبابٍ عديدة من ثقافية أو اجتماعية أو روحية ،إلاّ أنّ جوهر رسالتهم واحد. وإذا مارس البشر التعاليم التي يؤمنون بها بصدقٍ، سيصبح العالم مكانًا أفضل.

• الوصايا العشر هي حجر الزاوية والركن الاساس في أي دين.

• التقمص هو وسيلة لتحقيق العدالة الإلهية.

•إنّ حياتنا على هذا الكوكب هي لمدّة محدّدة والهدف منها هو تهذيب أنفسنا وترقية أرواحنا. وبعد أن نموت، قد نتجسّد في أحد العوالم الأخرى الموجودة في أنحاء الكون.

• الكون مليء بالعوالم المأهولة ، بعضها أفضل وأسمى من الأرض وتسمى بعوالم النعيم،  وبعضها أسوأ من الأرض وتسمى بعوالم الجحيم. ووجود الكائنات في مثل هذه العوالم يعتمد على المستوى الروحي لكلٍّ منها (أي أعمالهم وإنجازاتهم ومزاياهم).

• جميع مخلوقات الله مقيّدة بقوانين وأنظمة خاصة تختلف حسب المستوى الروحي لكلٍّ منها. كما لكلّ من الحيوانات والنباتات والأشياء الجامدة نظامُ خاص ،تماماً كما هي الحال بالنسبة للبشر.

لقد تعلّمت من الدكتور داهش أنّه حتى الشجرة لها ميولٌ مختلفة منها شريرة ومنها حسنة، وبإمكانها مثلاً أن تسهّل أو أن تمنع ثعبانًا من التسلق إلى عش طائر  يقبع على أغصانها. وبغضّ النظر عن القرار الذي تتخذه تلك الشجرة ، ستتمّ محاسبتها عليه وستتحمّل نتائجه. كما يمكن أن يكون للسيارة ميولٌ خيّرة أو شريرة وقد تقرّر أن تحمي سائقها أو أن تودي به إلى موته. ويمكن أن يكون لمنزل معيّن ميول جيدة أو شريرة تؤثّر على سلوك الأشخاص الذين يعيشون فيه.و لكن كلّ هذه التأثيرات لا يمكن أن تحدث إلاّ إذا كانت من ضمن إستحقاقات المعنيّين بها بحسب أعمالهم ونتائجها من ثوابٍ وعقاب.

. يمكن لبعض الكائنات السماوية والروحية أن تتجسّد في عالم الارض لأداء أعمال معيّنة من مكافأةٍ أو عقاب بحسب إستحقاق المعنيّين بها.

- لا ينبغي أبداً أن نحسد الناس على ما لديهم أو على ما يشعرون به، لأنهم قد استحقّوا أن يكونوا في تلك الحالة أو الظرف.

- الله عادلٌ ومنصف وما نزرعه نحصد نتائجه، إن كان في هذه الحياة أو في الحياة الأخرى.

أخبرني الدكتور داهش أنه بعد أن شفى يسوع الرجلَ المصاب بالشلل، اقترب منه في الهيكل وقال له: «هَا أَنْتَ قَدْ بَرِئْتَ، فَلاَ تُخْطِئْ أَيْضًا، لِئَلاَّ يَكُونَ لَكَ أَشَرُّ»." (يوحنا  ٥:١٤). وهذا تفسيرٌ واضح وإشارة ٌمباشرة للعلاقة بين سلوكنا وبين ما يحصل معنا من ثوابٍ أو عقاب.

المعجزات التي شهدتها:

وفيما يلي بعض المعجزات التي شهدتها على يدي الدكتور داهش:

1. بعد فترةٍ وجيزة من تعرفي على الدكتور داهش، سنحت لي الفرصة لأشهد العديد من المعجزات. وإحدى المعجزات الخارقة التي صدمتني حصلت على النحو التالي:

أعطاني الدكتور داهش عصاً وطلب مني أن أكتب اسمي عليها وأن أرسم الرمز الداهشي(أي النجمة الخماسية) في مواقع مختلفة منها. وبعد أن كتبت اسمي ورسمت الرمز، طلب مني أن أرمي العصا في الهواء وعندما سقطت في يده تحولت بسرعة خارقة إلى إطار صورة يحمل صورة زوجي الراحل - صورة لم أرها من قبل. والدكتور داهش ، الذي عاش في بيروت، لم يعرف قط زوجي الذي كان يعيش في القدس. ورغم أن زوجي سمع بالدكتور داهش، إلاّ أنه لم يقابله قط. قال لي الدكتور داهش: "لقد تقمص زوجك كشخص في عالم مادي آخر، وإذا كنت ترغبين، فإنه بإمكاني أن أجعله يتجسّد مجدداً هنا على الأرض، حيث يمكنك التحدث معه وجهاً لوجه". لكنّني رفضت عرضه، لأنني كنت أعرف أنني سأفقد عقلي إذا تحدث زوجي معي من وراء عالم الغيب.  فقال لي الدكتور داهش عندها: "احتفظي بالصورة إذن".

2. ما إن عرفت الدكتور داهش عن كثب حتى تمنيت لو أزوره كل يوم من الفترة المتبقية من إقامتي في بيروت. وفي كلّ مرةٍ كنت أدخل منزله، كان زملائي الداهشيون يقودونني إلى غرفة صغيرة ولكنها مريحة، بالقرب من مدخل المنزل ،ثم كان الدكتور داهش أو أحد الداهشيين يقودني عبر الردهة إلى غرفة الجلوس الاساسية. وقد تمّ تزيين تلك الغرفة بشكل رائع بروائع فنية ونوافير مياه وسجّاد شرقي وتماثيل ولوحات زيتية وستائر مصرية ، إلخ ... وذات يومٍ، كنت في تلك الغرفة أستمتع بروائعها وديكورها عندما خطر ببالي بعض الأسئلة: "من ينظف منزله؟ من الذي يعلق اللوحات عالياً على جدران هذه الغرفة ذات السقف المرتفع؟ " بالإضافة الى العديد من الأسئلة الأخرى ... وفجأةً نظرت حولي فإذا بالديكور يتغير من تلقاء نفسه في تلك الغرفة بالكامل من الأرض إلى السقف، مع لوحات مختلفة ، وسجاد مختلف، وألوان حائط جديدة ... أعني كل شيء ... كنت خائفةً جداً ، لذلك بدأت في محاولة الهروب من الغرفة عندما تغير ديكور الغرفة بالكامل مرّة أخرى! توقّفت عند باب الغرفة، محاولةً تفسير ما يحدث، وإذا بالديكور بتغير مجدّداً. حاولت أن أهدئ من روعي وأستجمع قواي وشجاعتي لأتفهّم ما يحصل. وبعد المزيد من التغييرات المفاجئة في الديكور، رأيت الدكتور داهش قادماً من الغرفة المجاورة والابتسامة تعلو وجهه. ولا أستطيع أن أشرح مدى سعادتي برؤيته آنذاك. وبعد أن رحّب بي، أخبرته بما حدث فأجابني قائلاً: "هناك أشياء وخوارق كثيرة تحدث دون علمي، إلا إذا أخبرني بحدوثها الروح القدس أو الاشخاص الذين شهدوا عليها، وأنّه سعيد جداً لأن الروح اقد أجابتني على الأسئلة التي خطرت على بالي".

    3. في يومٍ آخر زرت الدكتور داهش في منزله حيث كان يأكل في المطبخ وقت وصولي. أخبرني أن واحداً من الطيور الستة التي أحضرتها في قفصٍ قد مات وطلب مني إخراج العصفور الميت من القفص وإلقائه من النافذة المطلة على الفناء الخلفي. فقلت له: "مستحيل يا دكتور ، لا أستطيع أن أفعل ذلك!" لكنه سألني ما إذا كنت أفضّل أن أرى الطائر حيّاً. وعندها، فتحت باب القفص بيدي المرتعشة، والتقطت الطائر المتيبس بمنديل، وركضت إلى النافذة لإلقائه منها، ولكن بمجرّد أن فتحت يدي، عادت إليه الحياة وطار من يدي واستقرّ على غصن شجرةٍ كبيرة. وقد أصرّ الدكتور داهش على أن أفعل ذلك لأشهد على مثل هذه المعجزة السماوية الخارقة ،حيث يعود الأموات إلى الحياة.

4. في زيارةٍ أخرى، كانت معي ابنتي التي كانت تبلغ من العمر ثلاث سنوات. شاهدَت ابنتي اللوحات والروائع الفنية التي تمثّل الطيور والفراشات والأسود والنمور وغيرها ... فتساءلت لما لا تحوي أيّ منها على ما يمثّل القطط! وفجأةً، مدّ الدكتور داهش يده في الهواء وأمسك بقطةٌ بلاستيكية صغيرة الحجم وصفراء اللون (مصوّرة أدناه) تُطلق صفيراً عند الضغط عليها وأعطاها إيّاها وهو يقول: "هذه القطة لك".

القطَّة

.

وفي مناسبةٍ أخرى، كنت أنا وابنتي والدكتور داهش في غرفة الجلوس الكبيرة عندما قال الدكتور داهش أنه يجب علينا الانضمام للآخرين الجالسين في الردهة الكبيرة ، والتي تمّ إعدادها لاستيعاب عدداً كبيراً من الزوار. وكان يغنّي لابنتي أثناء المشي وكانت سعيدةً للغاية. وكان الدكتور داهش أكثر سعادةً لمجرّد رؤيتها سعيدة وقال لها: "أريد أن أحضر لك حلوى من عالمٍ آخر!"  فوضع يديه على الياقة الأرجوانية للزي الذي كنت أرتديه وبدأ يجمع حلوى مستديرة الشكل بلون الباستيل، تحوي الشوكولاتة في داخلها وذا نكهة لذيذة. كانت يداه ممتلئتين لدرجة أنّ العديد من قطع الحلوى سقطت على الأرض. فقفز بعضٌ ممّن كانوا جالسين في الردهة وساعدوا في التقاط الحلوى.

6. بعد أن تركت عملي في المملكة العربية السعودية، عشت في بيروت لردهةٍ من الزمن، ثم انتقلت بعدها إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وعدت بعد ذلك إلى بيروت وساعدت الدكتور داهش في عمليّة استيراد القطع الفنية واللوحات والروائع والمجوهرات وغيرها لإضافتها إلى مجموعته. وكان دائم الاهتمام بالاطّلاع على ما هو متوفر من روائع فنيّة في العالم من الشرق الى الشرق الأقصى ومن أوروبا الى الولايات المتحدة. وكنّا نتلقّى الكتالوجات الفنية من جميع أنحاء العالم. وفي إحدى الايام بعد وصول بعضها من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا في البريد ،كان يطّلع عليها بينما كان يدندن لإبنتي الصغيرة. وسمعته يغني بكلماتٍ مثل "أحبّك كثيرًا ، أنت فتاة مميزة وجميلة، وأريد أن أجلب لك شيئاً جميلاً." ثمّ قام برسم نجمة على صورة خاتمٍ باهظ الثمن ومرصع بالألماس وحجر الجمشت، وعلى الفور، تجسّد الخاتم من الكتالوج الألماني تاركاً فراغاً حيث كانت صورته. فصرختُ بدهشةٍ ولمسته لأتفحّصه وأستمتع بجماله. وسألت الدكتور داهش إذا كان بإمكاننا الاحتفاظ به، فنظر إلى ابنتي وقال: "لا يمكنني إعطائك الخاتم الآن، ولكنّني سأعطيكه في المستقبل البعيد في تقمّصٍ آخر."

7. وقد حدثت لي معجزةٌ مماثلة ولكن في فترة زمنيةٍ مختلفة. فأثناء تقليب صفحات كتالوج صيني عن الفراشات الجميلة، تجسّدت فراشة من الكتالوج ثم عادت إليه مرة أخرى. وكتب الدكتور داهش على صورة الفراشة باللغة العربية "هيلدا الفراشة" وأعطاني إياها. وما زلت أملك صورة الفراشة الجميلة مع كتابة اسمي عليها بخطّ يده.
 

الفراشة

 

. أثناء الفترة التي كنت أساعد فيها الدكتور داهش، جاءني ابني ،الذي كان يبلغ عندها من العمر ست أو سبع سنوات ، هاتفاً بصوتٍ مرتعش وضربات قلبٍ متسارعة وخائف: "أمي ... أمي، رأيت ثلاث دكتور داهش .. رأيت ثلاث دكتور داهش". وعرفت لاحقًا أنه رأى ثلاثة من شخصيات الدكتور داهش، أحدهم بجانب الآخر يرتدون ملابس مختلفة. وقد حدثت هذه المعجزة معي في أكثر من مناسبة. ذات يوم،  بينما كنت أنا والدكتور داهش والآنسة زينا حدّاد جالسين في الردهة نتحدث، سأل الدكتور داهش زينا إذا كانت لديها بوظة لتقدّمها لي. وأثناء تناولها، إذاني وكدت أختنق عندما رأيت خمس شخصيات للدكتور داهش تظهر في ثوانٍ وتنتشر في جميع أنحاء الردهة. واكتشفت لاحقًا أن الشخص الذي كان جالسًا بجواري، والذي طلب أن تحضر لي البوظة، كان الشخصية رقم ٦٠٠، شخصيةٌ أخرى بجوار الباب المؤدي إلى غرف النوم، واحد عند الباب المؤدي إلى المطبخ ، إلخ ... وكانوا جميعاً ينظرون إلي ويبتسمون دون أن ينبسوا ببنت شفة - باستثناء الشخصية رقم ٦٠٠. وقد اندهشت أكثر عندما أدركت أن الشخصية رقم ٦٠٠ كانت معي طوال الوقت، بينما كان الدكتور داهش نائمًا في غرفة نومه وأنها قد اختفت عندما استيقظ النبي الحبيب. فقد أصيب الدكتور داهش بحمّى ولم يكن على ما يرام، وكان بالإمكان أن يدرَك من عينيه ومن وجهه أنه كان يغطّ في نوم عميق. فأريته الأماكن التي كانت تقف فيها الشخصيات وذُهلت من المكان الذي كانت تقف فيه الشخصية ٤٠٠، لأنها كانت في فتحة ضيقة جداً بين باب المدخل والثلاّجة الكبيرة. وبعد تفحّص ذلك المكان، تبيّن انّه من المستحيل على أي شخص - أو حتى طفل - الدخول  إلى حيث كان يقف. فقد اخترق الجدار من جانب والثلاجة من الجانب الآخر. كانت الشخصية التي نظرت إلي من بعيد ومن ثمّ أخفت رأسها لبضع ثوان ثم نظرت إليّ وابتسمت.

9. كما ذكرت سابقًا، لقد توظفت في السفارة لفترةٍ في أوائل السبعينيات في الولايات المتحدة. وفي يوم حافل للغاية، سمعت طرقًا على باب مكتبي ، فقلت: "أدخل". فُتح الباب ودخل الدكتور داهش. فوجئت برؤيته وجلسنا نتحدّث لمدة ساعة تقريباً. بعد ذلك، قال لي الدكتور داهش إنه جاء لزيارتي وأنه لا ينبغي عليّ عناء اصطحابه للخارج، ومع ذلك، شعرت انه من  غير اللائق تركه يغادر دون مرافقته للخارج، فركضت خلفه نحو السلالم المؤدية إلى منطقة الاستقبال، لكنني لم أتمكن من رؤيته في أي مكان، فسألت موظفة الاستقبال إذا كانت قد رأت أي شخص ينزل على الدرج فأجابت بالنفي. وارتابني الشكّ من زيارته ، لا سيّما لأنه لا يمكن لأحدٍ من دخول ورؤية أي مسؤول بالسفارة دون تحديد هويته أو الحصول على إذنٍ مسبق؛ فرفعت سماعة الهاتف واتصلت بمنزل الدكتور داهش في بيروت ولدهشتي العظمى كان الدكتور داهش هناك. فأخبرته بما حدث معي، وعلمت منه أن الشخصية الروحية رقم ٦٠٠ هي التي زارتني.

10. في عام ١٩٧٥، وفي بداية الحرب الأهلية اللبنانية، غادرت لبنان نهائياً إلى الولايات المتحدة مع أولادي ومكثت ها هنا منذ ذلك الحين. بين عامي ١٩٧٦ و ١٩٨٤، قام الدكتور داهش بزيارتنا في فيرجينيا عدّة مرات وكانت زياراته أحيانًا تستغرق عدة أيام. وفي ١٧ حزيران ١٩٧٧، زارنا برفقة الأخت زينا حداد. وخلال ساعات بعد الظهر، كنت أنا والدكتور داهش وزينا وحدنا، عندما توجه الدكتور داهش إلينا قائلاً: "هل ترغبون في معرفة كيف ينصبّ غضب الله على الأرض"؟ أجابته زينا بـ "نعم". فقال: "أرى ملاك الرب ينزل من السماء وبيده سيفٌ من النار ليطلق عنان غضبه". وفي غضون ثوانٍ، تحوّلت السماء المشمسة إلى سماءٍ مظلمة، وهبّت رياح قوية وعنيفة وتعرّضنا لهطول الأمطار الغزيرة والبَرَد. كانت شقتي في الطابق الخامس والعشرين من مبنى فخم وجميلٍ للغاية، وذو نوافذ وشرفاتٍ كبيرة. وعلى الرغم من هيكل المبنى المحكم والمتين، إلاّ أن المطر كان غزيراً جداً لدرجة أن المياه بدأت تتسرب إلى شقتي عبر باب الشرفة ومن خلال النوافذ بطريقةٍ مخيفةٍ للغاية. فبدأت في التقاط المياه ومسحها ولكنّني لم أستطع مواكبة غزارة الأمطار وتسربها،  فاستسلمت. وكان وابلُ البَرد بحجم كرات لعبة الغولف وكان يضرب الزجاج بشدّة وعنف. ونظر إليّ الدكتور داهش وقال: "لن تنفع المباني الشاهقة ولا النوافذ والأبواب المتينة الموصدة عندما يُصبّ الله غضبه". فصلّينا وناشدنا الدكتور داهش أن يوقف العاصفة وجبروتها ففعل.

11. في مناسبةٍ أخرى، بينما كان الدكتور داهش في زيارةٍ لعدّة أيام، اتّصل بأختٍ داهشية تسكن في ولاية كونيتيكت . وخلال محادثتهم، وطلب منها ان تأتي إلى فيرجينيا، فقبلت دعوته. وبعد وصولها، قال لي الدكتور داهش: "أريد إجراء مكالمة هاتفية". ففوجئت بسؤاله، لأنه كان يعلم أنه باستطاعته استخدام أي شيءٍ في منزلي دون حاجةٍ لسؤالي، وكان من عادته أن يستخدم الهاتف متى شاء. فظننت أنني لم أفهم سؤاله، فقلت له: "هل تريد مني إجراء مكالمةٍ لك؟"  فقال "لا! أحتاج إلى إجراء مكالمة من الردهة السفلية للمبنى بجانب المصاعد"، وكان يوجد هناك هاتف عمومي. وقد تملّكتني الحيرة ، ومع ذلك ، قلت له ، حسنًا ، لنذهب.  فنزلنا إلى الردهة السفلية، حيث كان يوجد متجرٌ صغير ، وعيادة أسنان ، وصالون لتصفيف الشعر، ومتاجر صغيرة أخرى. طلبت منه أن يعطيني الرقم الذي يرغب في الاتصال به، وفي تلك اللحظة، رأيت الباب الجانبي مفتوحاً ثم دخلت امرأة شابة شقراء جميلة برفقة رجل أشقر طويل وسيم. وكانوا ينظرون مباشرة إلى الدكتور داهش والابتسامة تعلو وجوههم ثم رأيتهم يومؤون برؤوسهم، واستداروا يساراً وبدأوا في السير نحو المرآب. تفاجأت من سلوكهم وقلت للدكتور داهش:"يبدو أنهم يعرفونك"! أجاب الدكتور داهش:" نعم يعرفونني. لقد هبطوا من عالمٍ آخر ليستطلعوا ما إذا كنت بحاجة إلى المساعدة ". كنت ما زلت أستطيع أن أراهم يسيرون في الرواق الطويل، وبمجرّد أن سمعت ما قاله الدكتور داهش، ركضت خلفهم، ولكنهم فجأةً اختفوا في الهواء أمام عينيّ الناظرتين . وبعد ذلك، صعدنا إلى شقتي وأبلغنا الأخت الداهشية الزائرة بما حدث.

12. في ١٣ تشرين الأول من عام ٢٠٢٠، كان أخي يتفحّص وثائقه الشخصية الخاصة بالداهشية، فوجد فيها رسالة تخصّني كتبها النبي الحبيب. وكان في حيرةٍ لأنه لم يتذكّر كيف حصل عليها! فأرسل لي نسخةً منها مستفسراً إن كنت قد أعطيته إياه. أجبته بالنفي، إذ أنه لم يكن لديّ حتى أنا نسخة منها. فشرحت له الظروف الخاصة بتلك الرسالة وهي كالتالي:

في ذلك اليوم، وكما ترى من التاريخ والتوقيت، كانت الساعة الخامسة صباحاً من يوم ٢٧ أيار ١٩٧٤، وقد اعتاد نبينا الحبيب إيقاظي في وقت مبكرٍ، أحياناً من الثالثة صباحاً، حتى نتمكن من مواصلة عملنا. لقد مرّ وقت طويلٌ على ذلك اليوم، ولكن بقدر ما أتذكّر، كنا نجلس بمفردنا في المطبخ نتحدّث، وأخبرته أنني كنت أريد أن أكتب له قطعةً أدبيةً بمناسبة عيد ميلاده الموافق الأول من حزيران، ولكنني عدلت عن ذلك، لأنني لا أملك الموهبة الادبية واللغوية مثل غيري من العديد من الكتاب والشعراء الداهشيين. فأجابني قائلاً: "عزيزتي، نحن من يجب أن نكتب عنك!" وواصلنا عملنا كما كان قبل المحادثة. وبعد فترةٍ وجيزة، سلّمني هذه القطعة الادبية وقال لي: "هيلدا، هذه قطعتك لتتليها خلال احتفال الأول من حزيران."  فصدمت! لأنّه كتبها في غضون دقائق، وأنا على يقينٍ أنها كتبت روحياً، لأنها حوت تماماً ما كنت أفكر في كتابته وما أشعر به. وقرأتها في إحتفال الأول من حزيران من ذلك العام.
وعادةً، كان نبيّنا الحبيب يطلب منّا ان نعطي الأشياء والوثائق المهمة لأخينا الراحل، الدكتور غازي براكس حتى يتمكن من توثيقها.
ونص القطعة الأدبية هو الآتي:

 

ونص القطعة الأدبية هو الآتي:

عرفتك فأحببتك
وقبل معرفتي إيّاك كنت دائمة الإضطراب
مندمجة بالعذاب
وقلقي كان يسلّط فوق رأسي إرهاب وأي إرهاب
وكنت أخاف الظلام كما كنت أهاب النور
فسيّان عندي الاشعّة أم الديجور
فقلبي راجف وحسّي خائف والقتام عليّ زاحف
وكنت إذ ذاك أتمنى الموت والموت يجافيني
وكنت أستحلف الحفرة أن تواريني
وشاءت العناية أن أراك
فاجتمعت بك وإذ ذاك
تغيّرت حياتي فبعد البؤس رجاء
وبعد اليأس أمل وبعد العذاب أيام عِذاب
وبعد الترح احتلّ قلبي الفرح
وبعد التعاسة فاض قلبي بالمرح
وبعد الخوف شجاعة
إن هذا التغيير العظيم قد ملكته بواسطة سيّالك الروحي العظيم
فيا لسعادتي بما تعلمته من أسرار روحية مثلى
وإن أملي ان أبقى ما حييت مرافقةً إياك
مستظلةً تحت جناحك
تحفّني الطمأنينة في كنفك
فرحة بمكوثي في رحابك
وإني أرجو الله ان ينيلك مبتغاك
ويطيل بيننا بقاءك
فبِك نحن أقوياء
وبدونك نحن ضعفاء
ولي كل الأمل أن أحيا معك
ليس في الارض فقط بل وأيضاً بالسماء

هيلدا مريود (مراد) بيروت ٢٧-٥-١٩٧٤ الساعة الخامسة صباحاً

كانت هذه مجرّد القليل من المعجزات التي شهدتها بنفسي خلال فترة ١٥ عاماً مع الدكتور داهش. كل ما يمكنني قوله هو أنه كان له تأثير إيجابي وعميق للغاية على حياتي ولن أستطيع أبداً أن أردّ جميل ما فعله من أجلي. وهل بالإمكان ردّ جميل المسيح مخلّصي؟