info@daheshism.com
" شهادة الأديبة والفنانة السيدة ماري حداد " الجزء الأول

" شهادة الأديبة والفنانة السيدة ماري حداد " الجزء الأول

 

إفادة الأديبة والفنانة السيدة ماري حداد

 

سمعتُ بعض الناس يتحدثون عن الدكتور داهش، وعن معجزاته. وسمعتُ ذلك من أشخاص يستحقون كل الثقة، فذهبنا لزيارته.

كنتُ أعتقد، وفي الوقت نفسه كنتُ على حذر وشك:

كنتُ أعتقد لأن كل شيء في الحياة معجزة، إذا فكرنا قليلاً بالحبة التي تنمو في الأرض، وبالكهرباء ، وبالاختراعات العلمية، وبالولادة، والحياة، والموت، وما شاكل.

وكنتُ على حذر وشـكّ، لأنّ الحذر والشـكّ وفكرة افتراض الشر قبل الخير هي نتيجة ضرورية للاختبار، ولا سيما في هذا العصر الذي نجد فيه (المـال) هو سيد العالم، حتى إن أدنى وأخسّ إنسـان غـنـي يكون محترما مـن الجميع ... فهل هناك شخص فوق (المال)، وفـوق (الوجاهة)، وفوق (المقامات العالية)؟... كلاً، لم أعرف أحدا كهذا.

 

إنّ الجهـة الروحيـة فـي الحياة، والاتجاهـات العالية نحـو المثل العليا يظهـر أن وجودهـا ضئيل جـدا. وكذلك وجـود الأشخاص الذين عندهم الفكر العاقل الكامل.

 

ولكنّني وجدتُ نفسي أمام حادث فريد وغريب في بابه:

إن الدكتور داهش (الذي تسـألونني عنه) هـو أعجوبة هذا العصر؛

لأنه يضع كل شيءفي مكانه، ويعطي كل شـيء قيمته الحقيقيـة.

وهذا أمر غير منتظر، ولم يسمع بمثله، ولا يصدق؛ ولكنه صحيح وواقعي.

هو يرتكز على إنجيل (السيد المسيح)، له المجد؛ هو الشخصية العليا لهذا الإنجيل.

كنّا نعرف هذا «الكتاب المقدس»، ونعتبره عملا إلهيا عبقريا نعجب به.

ولكن معرفتنا إياه غير كافية لتجعل حياتنا مطبقة عليه تماما.

إذن، نحن مطمئنون بأن الدكتور داهش هو رجل الإنجيل.

وبعد ذلك، وجدنا أنفسنا، فجأة، أمام قوة فوق الطبيعة؛

لأننا شـاهدنا، ثانيـة، عـودة المعجزات الإنجيلية.

فالماء يتحـول إلى خمر كمـا في «قانا الجليل» – وهي أول معجزة للسيد المسيح – وعندها آمن به الجميع .

ثم تعداد الخبز، وتكثير السّمك. وكذلك نظرنا مضاعفة أشياء أمامنا. وشاهدنا أيضا شفاء أمراض وتحقق نبوءات. ههنـا، لا شـيء يكون مخبأ: فلا الفكـر، ولا الماضي، ولا الحاضر، ولا المستقبل. ولا توجد مسافات، ولا صناديق حديدية مقفلة.

وشاهدنا أيضا كيف تنزل العقوبات بالذيـن يتهجمون أو يعتدون على الدكتور داهش.

وشاهدناه يأمر عناصر الموت والحياة، فتطيعه للحال. وعرفنا الدكتور داهش كيف يتكلّم.

 

وعرفنـاه بكتاباته، وبتأليفه، وبمعجزاته، وبصلاته مع الناس. فهو عندما يتكلم فليس من حجة، مهما كانت بليغة وقوية، تقف أمام حجته.

لقد شاهدناه بين كبار الرجـال، والكتبة والصحافيين، وجماعات من ذوي الثقافة العالية. فكانوا كلهم معجبين به، حتى إنّهم يصبحون بتفكيرهم أمامه صغارًا.

 

وكانوا كلهم يطلبون منه إرشـادات و تعاليم، فكان يعطيهم إياها ببساطة كاملة ووداعة متناهية. هو أكمل تعبير للعبقرية من حيث سمو وجهة نظره، ونبل فكره وصفائه.

هو أيضا الشخص الحقيقي لاستعمال الأشياء العملية الراهنة التي يمكن وجودها؛ لأنه يعلمنا ويتركنا نقدر الأشياء وحدها كما تستحق تلك الأشياء الازلية، وليس الأشياء الفانية...

أمـا تعاليمه فيتركنا نلمس بها، بالإصبع، حقيقة الروح، ويفتح لنا نافذة واسعة على العالم الثاني الذي لـم يتمكن أحد من اختراقـه واجتيازه حتى الآن.

وإذا كنّـا آمنّـا بـه، فلأننا وجدنـا براهين ملموسة لا تنكر عن رسالته الروحيَّة. وإلا فلماذا لم نكتف بالكهنة والأحبار الذين ينتسبون إلى الإنجيل؟

لكـن هذا الستار، ولو كان جميلاً جـدا، فإنه لا يمكنه تغطيـة أكاذيبهم وأعمالهم التي تضر بالعقيدة أكثر مما تنفع...

فقد تعود الناس المعاملات والدفع في المسائل الدينية ... فالكنيسـة – وخصوصـا كنيسـة روميـة - كل شيء عندها يدفع ثمنه : كالغفرانات، والألقاب، والتحليلات، وما شاكل...

ولذلك، فكل حذر يزول، وكل شكٍّ يسقط من تلقاء نفسه عندما تتعرف إلى شخصية الدكتور داهش. ونجد أنفسنا مخجولين من الأفكار الدنيئة التي تُساورنا.

 

إن الدكتور داهش هو معجزة هذا العصر.

ومنذ السيد المسيح، لم يوجد تجسد إنساني بهذه العظمة, إن الدكتور داهش قضى بضعة أشهر فقط من حياته في مدارس بسيطة وصغيرة، وذلك في غزير وصيدا؛ ولم يتلقن العلوم. وهو يقول عن نفسه: «أنا ابن الحياة.»

أما عدد مؤلفاته فأكثر من الأربعين؛ وستكون بناء عظيما لشـرح شـخصيته؛ وكلها كتبت بسرعة لا تُصدق.

وأنا شـاهدته مرارا في ساعات إلهامه وكأن القلم بين يديه يطير على الورق!

وقد شاهدنا حياته اليومية (ونحن كثيرون نشهد بذلك). وقـد عاشـرناه، و درسـناه، واطلعنـا على كل شيء يخصه، منذ سـاعة ولادته إلى اليوم.

أما (المعجزات) فكانت دائما تحتاطه. وكل ما له علاقة به مدون من عامه الثاني عشر؛ حتى إن كل دقيقة من حياته مكتوبة يوما بعد يوم.

أمـا نتائج تعاليمه فليس فيها ظلّ من الشـكّ، بل كلهـا حقائق واطمئنان و ثقة بكل ما ينتظرنا بعد الموت.

إنّنا بتعاليمـه نترفع عن الصغائر. والأشياء التي كان لهـا قبلاً في نظرنا أهمية، أصبح لا أهمية لها على الإطلاق.

وليس هناك من هموم تُساورنا، بل حياة سعيدة، وكفى.

هذه هي المدرسة الوحيدة التي توحي إلينا أشياء عظيمة في سائر العلوم: كتاريخ الأرض، وعلم الفلك والنجوم، والطب، وأسباب الأمراض وكيفية شـفائها، وأسرار الولادة، والموت، والخلود، وأشياء أخرى لم نكن نعرف عنها شيئا. ولكن ساعة نشر هذه الأمور لم تأت بعد... ولو كان عندنا حكومـة حكيمة متنورة، لأدركت أن في شخصية الدكتـور داهش ينابيع لا تنضب و لا تثمن، ولكان بإمكانها الاستفادة منه قبل أن تسبقها الشعوب التي ترغب في تجديد قواها بمثل هذه القوة العجيبة التي لا يمكن العاقل أن يشك فيها. إنّها قوة ينحني أمامها كل شيء بدون استثناء، لأنها قوة (الله).

أنا لا أشفق على الذين يحاربون الدكتور داهش، ولكنّي أشفق على أولئك المحايدين الذين لا يتدخلون لدرس هذه القوة الخارقة.

لكن ليس من كرامة لنبي في وطنه، ونحن سنكذب، يوما، هذا المثل...

وهنا تسألونني: «وكيف يعيش الدكتور داهش؟ » فالجواب:

 

إنّني شاهدتُ عنده من الدراهم أكداسا مكدّسة. ولا يوجد عند (بنك) ما يوجد عنده من المال. وقد شـاهدتُه يعطي الفقراء بدون حسـاب؛ ولكنّه لنفسه بكل دقة يعمل الحساب.

فعسى أن يرى النـاس هذه القوة العجيبة التي ستبدد أنوارها ظلمات الجهل من  سماء بلادي.

 

 بیروت، ۲۳ شباط 1944

ماري حداد