info@daheshism.com
في الطائرات:

 

في الطائرة

 

أنا في الطائرة الذاهبة من نيويورك إلى المغرب المراكشي،

وأسمع أزيز المحركات، بينما الطائرةُ مُحلقةٌ بنا في الأعالي،

وقد مضى على سيرها حتى هذه اللحظة سبعُ ساعات متواصلة.

إني أرى الغيوم تحتنا، وتحت الغيوم المحيط اللامتناهي،

والشمس تُلوِّنُ زرقة السماء ونصاعه الغيوم السابحة،

فإذا بهما يستحيلان للون الذهب المتوهِّج.

والفضاءُ اللامتناهي تخوضُ طائرتنا عبابه،

وأنا أراها وكأنَّها مُسمَّرة بمكانها،

بينما سرعتها التي تطير بها ألف كيلومتر بالساعة.

ها إني ارى الغيوم وقد اتخذتْ أشكالاً عديدة،

فإحداها تُمثلُ جبارًا يستلُّ سيفًا ليحتزَّ به رؤوس أعدائه،

ومن بُعد بدت غيمة وكأنها جزيرة سِحريّة يقطنُ فيها الجنُّ والمردة،

وهم يرتدون حللاً بيضاء فضفاضة.

رسومٌ وتماثيل وهولات وفزاعات،

وجيوشٌ لجبة من جبال القطن الناصع،

تمرُّ أفواجًا فأفواجًا طوال ساعات هذه الرحلة البعيدة.

وفي الساعة الثامنة صباحًا، وبعد سيرٍ متواصلٍ سبع ساعاتٍ كاملة،

ظهر ساحلُ مدينة الدار البيضاء، وشاهدت أبنية المطار فيه.

واستمرت طائرتنا بسيرها البطيء كعادة الطائرات عندما تصل إلى مرفأها.

وكانت الرياح تدفعُ الغيوم أمامها بجبروتٍ عاصف.

وما لبثتُ أن شاهدتُ الأرضَ المنبسطة وهي ممتدةٌ إلى ما لا نهاية،

ثمَّ تراءتِ الطريق آنًا مستقيمة وحينًا ملتوية،

والسيارات تمرُّ عليها مسرعة.

وابتدأتِ الطائرةُ تهبطُ شيئًا فشيئًا،

وقد صمتَتْ محركاتها عن الضجيج.

وفي تمام الثامنة حطت عجلاتُها على أرض المطار،

فحمدتُ الله على وصولنا بالسلامة.

                                                   مطار الدار البيضاء

                                                   الساعة 8 صباحًا

                                                   22-8-1976