info@daheshism.com
الصلاة والصيام:

 

                              زيارَتي لِثَلاثِ كَنَائِس

سِرْنَا أنا والأخُ توفيق في شوارعِ نيويورك، مشياً على الأقدامِ، وذرعنَاها طولاً وعرْضاً. ومضَتْ ساعاتٌ ونحنُ نمشي، وأنا أطلبُ المزيد. وإذا بالأخِ توفيق يقولُ لي: أرجوك، أريدُ أنْ أجلسَ على مقعدٍ ما لأنَّني وأيمُ الحقِّ، لا أقولُ تعبتُ بل أكادُ أهلك.

وإذا نحنُ بجوارِ كنيسةٍ، فقالَ لي الأخ توفيق: بإمكانِنَا الدخولُ إليها، والإستراحةُ إلى مقعدٍ من مقاعدِهَا. وكانتْ كنيسةُ بوتستانتيّةٌ تقعُ في الجادَّةِ الخامسة FIFTH AVENUE .

دخلنَاها فإذا قاعتُها تتَّسعُ لنحوِ ألفِ شخصٍ في صحنِها الأرضيِّ والعُلويّ؛ وهي مرتَّبةٌ ونظيفة؛ ويرى الداخلُ، عندما يلِجُها، أُرغناً كبيراً موضوعاً في صدرِها. وكان هذا الأرغنُ يعزفُ لحناً كنسيّاً، وفي الكنيسةِ أربعُ نساءٍ ورجُل.

غادرنَا هذه الكنيسةَ بعدَما استرحنَا فيها نحو عشر دقائق. وما كدنَا نسيرُ قليلاً حتى رأينَا كنيسةً بروتستانتيَّةً أُخرى، فدخلناها.

وإذا هي أكبرُ من الأولى وأرحبُ قاعة، ولكنْ لم يكُنْ فيها سوى شخصٌ واحد.

وبعدَ استراحةٍ قصيرةٍ أُخرى، خرجْنَا وسرْنَا حوالى مئتي متر. وإذا بنَا، وجهاً لوجه، أمامَ كنيسةِ سانتْ باتريك الكاثوليكيَّة، أضخمُ كنائسِ نيويورك، وهي مزخرفةٌ من الخارج، كما أنَّ داخِلَها يزدان بشتَّى التماثيلِ الدينيَّةِ المصنوعةِ من المرمر.

وإذْ دخلناها، كان فيها من النساءِ والرجالِ ما لا يقلُّ عن الثلاثين شخصاً، وكان كاهنٌ جالساً على مقعدٍ وهو يقرأُ في الكتابِ المقدَّس، متصنِّعاً القداسة والطهارة، والله أعلمُ ما في القلوب، والله وحدهُ هو علاَّم الغُيوب. أمَّا أنَا فقد استهجنتُ وجودَ التماثيلِ الكثيرةِ توضَعُ في الكنيسةِ، وهذه عادةٌ وثنيَّةٌ قديمةٌ كانت مسيطرةً على الشعوبِ غير المتحضِّرَة. لكنَّ الآن وفي القرنِ العشرين فإنَّ بقاءَ هذه العادةِ لمِمَّا يدعو إلى الإستغرابِ والدهشةِ الكُبرى.

غادرْنَا الكنيسة، وقفلْنَا عائدين إلى الفُندقِ لأنَّ الأخَ توفيق كان مُرهقاً مِنْ طولِ المسير. وقد مكثَ معي ومع الدكتور خبصا حتى أزفتْ الساعةُ التاسعةُ والنصفِ ليلاً، فودَّعنَا عائداً إلى منزِلِهِ، على أنْ يأتي بصحبةِ زوجتِهِ وابنتِهِ ديانا صباحَ الغدِ كي يوصلانَا بسيَّارةِ ديانا إلى محطَّةِ كندي لنستقلَّ منها الطائرةَ الذاهبةَ إلى لُندن.