info@daheshism.com
شخصيات عالمية شهيرة:

 

زفرة

 

أشعرُ بمرارةٍ شديدة، وحزنٍ عميق!

ودموعي تتساقطُ على خدين ذابلينِ

جعدتهما نوائب الزمان وكوارثُ الحدثان!

ويا أيُّها المجدُ الباذخ

الذي كنتَ تحفُّ بعرش الملك فؤاد طوال السنين الماضيات،

لقد تلاشيتَ، وذَوَيْتَ، وتبدَّدت،

ثم تواريتَ عن الأنظار في لحظةٍ واحدة!

فواأسفاه على المجدِ الباذخ، يسمو ويسمقُ في أعوام،

فيندكُّ ويتحطمُ في لحظات!

إن أمجاد هذه الحياة خُرافةٌ وهميةٌ زائلة!

والتشبثُ بالوهميّ الزائل هو أغربُ ما تحويه هذه الحياةُ السخفية!

والطموحُ إلى هذه المناصبِ الرفيعة،

واجتراحُ كل رذيلةٍ في سبيل الوصول إلى هذا الهدف الحقير هو مما تنتحبُ له الروحُ الطاهرةُ العفيفة، المُنزهةُ عن المقاصد والأغراض!

وقد بتُّ أرى الأرض، وكل ما يُحيط بي، ضيقًا في ضيق، وشبحًا رهيبًا يهلعُ له القلب، وتهتزُّ له النفس،

ولا يرتاحُ إليه الضمير.

والآن، يا جلالةَ المليك، هاتِ أخبرني:

أين راح المجدُ الباذخُ الذي كنتَ تنعمُ به قبل لحظاتٍ معدودة؟!

أتراهُ تبدَّد كما يتبدد الحلم الجميل حين تفتحُ العينان على لا شيء، أو كما تتبدَّدُ الغيومُ حين تطلعُ عليها الشمسُ فتُلاشيها؟

لقد تركتَن أيها الملك،

كنوزك الثمينة،

وتُحفك النادرة،

ومسرّاتِك الماضية،

وميولَكَ التي كان يضطرمُ بها (فؤادُك)،

ثم رضختُ لحُكم الموتِ الجبّار

كما يرضَخُ له الفقيرُ

ساكنُ الكوخ الحقير!

واأَسفاه!

لقد ثُلّ العرش، وتحطم الصولجان!

فيا لشقاءِ البشر المساكين،

المغترين بزخارف هذه الحياة الزائفة الزائلة التي لا تدوم!

رحمَكَ الله، أيّها الملكُ الراحل،

وإلى اللقاء.

                                         القدس، 28 نيسان 1936