info@daheshism.com
في الإضطهاد:

 

رقدة الأبد

 

لا توقظوني أيها الأصدقاء والخُلان،

لأن نفسي قد تعبت من الحياة،

فطلبت الهدوء والسكينة،

بين ذراعي الموتِ الجبَّار!...

***

لن تروا جفني يفتحان، بعد الآن،

فلا تحزنوا لهذا،

يا رفاق صباي!...

 

***

دعوني متغلغلاً

بين طيات الكرى الغير المنظور،

يا أبناء جلدتي،

ولا توقظوني!...

***

وأَنتنَّ أيتها اللواتي أحبَّهن قلبي،

أنشدن حول مضجعي

أناشيدكن التي سبق وأنشدتنني إياها،

في أيام صباي وهنائي!

وانثرن الورود فوق جدثي!

***

ولكن، لا تدعن (لور) الخائنة

تقرب من مثواي الأخير.

بربكنَّ أبعدنها عني،

إذا سولت لها نفسها الاقتراب نحو نعشي

المضطجع أنا فيه إلى الأبد!

فقد تُعكِّر علي غفوتي الهانئة،

فأصحو من تأثير كُرهي البالغ لها...

فأستحلفكنَّ

بأن لا تدعنها تقترب مني،

في ضجعتي الأخيرة!...

***

 

وقعن على القيثارة أهازيجكنَّ المطربة!

لتسكر روحي من مكانها الحالة فيه!...

ودعو رناتها العذبة

تخترق أجواز الفضاء

حيث العلاء والبهاء،

لتسمعها الملائكة، فتنتشي،

كما أنتشي بدوري!...

***

                                                -3-

ضعن الأزهار الأرجة حولي،

وانثرن الورود المُصطبغة باللون الأرجوانيّ

  • كخدودكنّ أيتها العذارى الخفرات –

على قبري المُوغل في البُعدِ والوحدة.

فإنّ الورود والأزاهير،

سبق أن كُنتُ من عشاقِها،

ولم تكن غرفتي لتخلو يومًا

من باقةٍ جميلة

أُزينها بها.

                                            -4-

زُرنني في وحدتي القائمُ فيها جدثي’

ولتكن زيارتكن في الليالي المقمرة.

وعندما تصلن إلى مكاني

سِرْنَ فوق الأعشاب بهدوء،

حتى تصلنَ إلى الحفرة التي تحتوي جثماني،

وحيينني،

ثم اعزفن على القيثار ما كنا ننشدهُ معًا،

فإن روحي تشعرُ بكنَّ، ساعتذاك،

وتحنُّ إليكنَّ،

يا أيتها الجميلات،

رفيقات شبيبتي الفاتنات!

ولا تدعن الحزن يتغلب عليكنَّ،

فإنني أُشفقُ على أعينكنَّ النُجل،

عندما تذرفُ دموع الحزن عليَّ!

***

 

 

يا حبيباتي الساحرات!

بربكنَّ،

لا تحزنّ عليَّ،

ولا تنتحبنَ.

***

                                                -5-

وأنتِ يا ديانا المعبودة!

لتكن زيارتكِ لِرَمسي في أيام الربيع المزهرة

ذات الليالي المُقمرة،

كما كنا نفعل قديمًا،

عندما كنا نوغلُ في صميم الأحراج،

حيث انبسطت الغيطان العامرة بشتى الرياحين والأزهار،

واقطفي الأزهار بيدكِ اللطيفة، لتضعيها فوق رمسي،

ثم اجلسي بقرب الحفرة التي احتوتني،

وناجيني،

اذا كنت ما زلتُ لم أبرح من ذاكراتكِ

إلى تلك الساعة!

لئن فعلت،

فإن عظامي تهتزُّ طربًا،

وروحي تنتشي غبطةً وهناء،

فتحوم حولك،

مُشعرةً إياك بقربها من هيكلك المعبود!

يا أمنيتي الحبيبة!

***

واقطفي الأزهار التي تكلّل صدري،

واجعليها باقةً، يا ديانا!

وانشقيها ففيها عصير روحي،

وخلاصة جسدي

الذي كان يسعد بقربكِ!...

***

أوَّاه يا ديانا!

إنّني لا أطمع،

ولا أستحقُّ منك هذا الالتفات.

فهل تبقين مقيمةً على العهد،

أم تتلاشى (صورتي) من مُخيلتك؟!...

ديانا أيتها المعبودة!...

إن أكن أصبحتُ الآن سرًّا خفيًّا،

فأنتِ لي.

وحتى... ما بعد تلاشي عظامي وعفائها،

وبعد أن تمتزج بالرمال التي احتوتها،

فتصبح هباءً،

فإنك ستبقين لي أيضًا...

أنتِ لي، يا ديانا،

حتى تأتي ساعةُ انتهاء تمثيل دوركِ،

على أرضِ الشقاء هذه...

وعند ذاك،

تلتقي روحي بروحك!...
فأخلد بخلودك إلى ما لا انتهاء!...

                                                القدس 1933