
رحَلَ بعيدًا عنه وطار
أسفًا على طيرِ الصبا الذي توارى
رحلَ بعيدًا باسطًا جناحيه الشفافين وطارْ
تاركًا غصةً في صدر متشائم أيامُهُ أصبحت كالفارْ
لا يهمُّهُ، بعد أن رحلَ غريدُهُ، كواعبُ وأقمارْ
كان في فتوتِهِ أتونًا مُستعرًا، يتأجج بلهيبِ النارْ
فخبت تلك النيرانُ ناكصةً نحو الإدبارْ
كان همّهُ جمع كنوز من كافة المدنِ والأقطارْ
وتُحف رائعة أكثر من اقتنائها وأيّ إكثارْ
وعندما اكتملت وأرادَ التمتع فيها بافتخارْ
فرَّ كنارُ الفتوة، فما أروعه من كنارْ!
وإذا بالفتى يشيخُ، ومن ثم ينهارُ انهيارْ
لم يعدْ تُنشيه هينمةُ نسيم أو خريرُ أنهارْ
ولم يعد يستطيبُ طعامًا أو يشتهي أية أثمار
ولم تعد تغريه كاعبٌ أو تستويه روائعُ الأزهارْ
ولم تعد تبهره نجومٌ متالقةٌ أو سطوعُ أشعةِ أقمارْ
ولم يعد كأمسهِ بطلاً صِنديدًا مُجليًا وجبارْ
أين أيامُهُ تلك التي اشتهر فيها وأيّ اشتهارْ
أيامٌ ازدَهى بها وتُوجت بالفخرِ والازدهارْ
أراد الباغية تحطيمهُ فمُني بأشنع انكسارْ!
فقد حطم الطاغية، وتوج رأسه بأكاليل الغار!
بعد أن مرَّغ أنف الباغية وامتلك ناصية الانتصارْ
وحطم الشعبُ كرسيَّ المُغتصبِ فلاذ بأشنع فِرارْ
وانفضَّ عنه المدلِّسونَ من كلِّ نصابٍ ونفعي وحِمارْ
وهكذا ظهر المُختلسون وفُضحوا بوضحِ النهارْ
وانجلى الحقُّ وانكفأ الباطلُ وكُشِفَ حِجابُ الأسرارْ
ومات المُختلسُ الحقيرُ بقهره، فإذاه قد حُشر بجهنمهِ مع الفُجّارْ
ووُضِعٍ بزريبة قذرة تعافها حتى التيوسُ والأبقارْ
فشكرًا لربِ السماءِ وحمدًا لخالقِ الليلِ والنهار.
الولايات المتحدة الأمريكية
الساعة 11 والربع من ليل
10/5/1976