info@daheshism.com
التقمُّص "

 

ذلك عهد قد مضى وانقضى

 

وسلمني الصيرفي إلى ابنه الصائغ وطلب إليه أن يصوغني خاتماً لأبنته عائشة المخطوبة . وما عتم أن وضعني في بوتقته ، ثم أعمل آلاته في جسدي وكورني ، وبعدما طرقني بآلته الحديديّة وعجن مادتي بأوضاع وأشكال عجيبة خرجت من تحت يده خاتماً بديعاً قدمه لشقيقته الشابة ، فوضعتني في إصبعها وشكرت لشقيقها هديته .

ومنذ الدقيقة التي صهرت فيها واستحلت إلى شكل آخر فقدت جنسيتي البريطانيّة بعدما اختفى رسم القديس جرجس الذي ينازل التنين المخيف ورسم جلالته . فقلت في نفسي :

  • هذا ما يطلق عليه البشر اسم (الموت) . فعندما يقف قلبهم عن ضرباتهم ويلقونهم في أجداثهم تستحيل صورتهم المادية إلى شكل آخر مثلما حدث لي الآن سواء بسواء . فقد استحلت من دينار مستدير إلى خاتم يختلف بمنظره اختلافاً تاماً عما كنت عليه . ولو لم يحدث هذا التطوّر الهائل معي شخصياً لكان من المستحيل علي أن أصدّق أي إنسان هذا الأمر لو قال لي أن هذا الخاتم كان قبل ساعة ديناراً متألّقاً .

ولكن هذه هي الحقيقة التي وقعت . ففقدت بواسطتها شكلي المعروف وكياني الذي لازمني أعواماً طويلة .

ولست أعلم أيهما أفضل لي : هل ماضيّ الذي اضمحلّ أم مستقبلي الزاحف عليّ ؟

إن هذا الأمر معلق بكلمة يلقيها القدر من شفتيه في إذن الزمان .