info@daheshism.com
مكتبة الحبيب ، حبه للكتب ، كتب ذكرها الحبيب:

 

تجوالُنَا في ضواحي البحرين بسيَّارةِ أُجرة.

 

في تمامِ الساعةِ الثامنةِ إلاَّ رُبعاً مساءً، استقلَّينَا سيارةَ أُجرة، وطلبْنَا منْ سائقِهَا أنْ يتجوَّلَ بِنَا في ضواحي المدينةِ لمُدَّةِ ساعة، فطلبَ مِنَّا أجراً عن هذه الساعةِ دينارين ونصفاً.

وسارتْ بِنَا إلى الضواحي تطوي الأرضَ لسرعتِهَا، ونحنُ نُشاهدُ عن يمينِنَا ويسارِنَا أشجارَ النخيلِ المثمرة، وهي تُعَدُّ بعشراتِ الألوف، كما إنَّنا شاهدْنَا مسافاتٍ شاسعةٍ من الأراضي البكر التي لا يشغلُهَا بناءٌ ما.

وبعدَ مسيرةِ رُبعِ ساعةٍ وصلنَا إلى مدينةٍ بُنيَتْ حديثاً، اسمُها مدينةُ "عيسى" وهي مدينةٌ شعبيَّةٌ بَنَتْهَا السلطاتُ الرسميَّة؛ وهي تؤجّرُ كلَّ منزلٍ لعائلةٍ ما لقاءَ دفعِهَا إيجاراً شهريّاً رمزيّا؛ وبعدَ عشرين عاماً يُصبحُ المنزلُ مُلكَ المستأجر الحلال. والمدينةُ متَّسعةُ الأرجاءِ، تشقُّهَا شوارعٌ لا بأسَ بها، وفيها متاجرٌ عديدةٌ وحوانيتٌ لبيعِ الأطعمةِ والفواكه.

وقد شاهدتُ مكتبةً فترجَّلتُ من السيَّارة، ودخلتُها برفقةِ الأخ سليم، وابتعتُ منْهَا كُتُباً ثلاثة: أوَّلُهَا اسمه" البحرين وأهميتُها بين الإمارات العربية"، تأليف عبد الكريم محمد، وطبع دار العلم للملايين في بيروت؛ وثانيها" سخرياتٌ صغيرة" بقلم محمد قُطب؛ وثالثُهَا للأديب محمد قطب أيضاً، واسمه" دراسات في النفس الإنسانيَّة".

ثمَّ استقلَّيْنَا السيَّارةَ فعادتْ بِنَا. وفي طريقِنَا مررْنَا على قصرِ حاكم البحرين الشيخ عيسى بن سلمان، وهو قصرٌ منيفٌ كانتْ الأنوارُ تُشعُّ من نوافذِهِ فتملأُ الأرجاءَ نوراً. وقد قامتْ على جوانبهِ عدَّةُ أبنيةٍ فخمة يسكنُهَا رجالُ الحاشية والحرس.

ثمَّ مررْنَا على منازل، بل قُلْ (فيلاَّت) رائعةِ الهندسة، جميلةِ البُنيانِ، في كلٍّ منهَا حديقةٌ صغيرةٌ برزَ الإعتناءُ بأزهارِهَا وأشجارِهَا. وعرفْنَا منَ السائقِ أنَّ هذه المنازلَ هي لموظَّفي شركةِ البترول الإنكليز. وتابعْنَا سيرنَا حتَّى بلغْنَا الفندق، وكانتْ الساعةُ قدْ أدركتْ التاسعة. فتناولْنَا طعامَنَا في صالةِ الطعام، ودفعْنَا ثمنَ وجبةِ العشاءِ ديناراً ونصفاً، أي عشرَ ليراتٍ لبنانية. ومِنْ ثمَّ صعدْنَا إلى غُرفتِنَا، وقد بلغَتْ الساعةُ العاشرة، واعتزمْنَا أنْ ننامَ باكراً لننهضَ باكراً، ونستقلَّ الطائرةَ التي ستُقلُّنَا إلى الدوحة.