info@daheshism.com
حبه للنظافة وكرهه للوساخة والفقر:

 

تجوالي في شوارع أُوزاكا

 

حالَ وصولي إلى الفندق، اغتسلتُ وهرولتُ سيراً على الأقدامِ أجوبُ أرجاءَ المدينةِ، وأتفحّصُ معالمَهَا، وأدخلُ متاجرَهَا، وأتأمَّلُ سِلَعَهَا.

إنَّ متاجرَ هذه المدينةِ قد بُنيت في جوفِ الأرضِ، وهم ينزلونَ إليهَا بسلسلةِ أدراجٍ- أي إنَّ مدينةَ أوزاكا أخرى قد بُنيت تحتَ الأرض، فهي مدينتانِ بمدينةٍ واحدةٍ.

إنَّ نظافةَ المدينةِ الجوفيَّةِ تستلفتُ النظرَ، فهي برّاقةٌ كالمرآةِ، نظيفةٌ بكلِّ ما تعنيهِ هذهِ الكلمةُ. وهذا ما استرعى انتاهي منذُ اللحظةِ التي هبطتْ بها الطائرةُ في مطارِ أوزاكا، إذْ ما كدْنَا ندخلُ المبنى لنتمِّمَ معاملاتِ جوازاتِ السفر، حتى بَهَرتْنا روعةُ البناءِ المرصّعِ بأكملهِ بأفخرِ أنواعِ الرُخامِ، مثلما بهَرنا النظامُ السائدُ، والنظافةُ المثلى الباديةُ لكلِّ عيان.

وبأثناءِ تجوالنَا في هذهِ المتاجرِ، ابتعنَا بعضَ ما أثارَ اهتمامَنَا، ثمَّ قفلَ الدكتور خبصا عائداً إلى فندق (أوزاكا كراند أوتل)OZAKA GRAND HOTEL حيثُ نزلنَا. أمّا أنا فقلتُ له: أُريدُ أن أشبعَ نهمي مِنْ هذهِ المدينةِ.

سرتُ مدّةَ ساعةٍ ونصفٍ حتَّى أنهكني المسيرُ. وكنتُ أرى أفواجاً لا تُحصى مِنَ السيّداتِ والرجالِ وهم يجوبون الشوارعَ والمنعطفاتِ. وقد لاحظتُ أنّهم يتقيّدون تقيّداً تامّاً بإشاراتِ المرورِ، فهم نظاميّون بكلِّ ما تعنيهِ هذهِ الكلمةُ.

كما لاحظتُ، وأنا أُشاهدُ الألوفَ من المشاةِ، أنّ جمالَ النساءِ اليابانيّاتِ أقلُّ جدّاً من جمالِ النساءِ الصينيّاتِ اللواتي يملأنَ شوارعَ هونغ كونغ، فحسنُ هؤلاءِ ملحوظٌ، وقلّمَا تجدُ فيهِنَّ غيرَ جميلةٍ، أمّا اليابانيّاتُ فقلّمَا تجدُ فيهِنَّ الجميلةََ.

وهبطتُ درجاً تلاهُ آخرٌ ثمَّ آخرٌ، حتَّى بلغتُ متاجرَ في غايةِ الأناقةِ والذوقِ الرفيعِ، وقد رُتّبت السِّلعُ فيها بشكلٍ يُغري كلَّ من يراه. فابتعتُ منها ما أثارَ لُعَابي.

كما أنّي مررتُ بمتجرٍ مختصٍّ ببيعِ الفواكهِ، ولعجبي وجدتُ عندَهُ تيناً ضخمَ الحجمِ، إذْ تبلغُ الحبّةُ الواحدةُ منهُ مقدارَ ثلاثِ حبّاتٍ منَ التينِ اللبناني. وفي هذهِ المدينةِ، يُبَاعُ التينُ بالحبّةِ، إذ يبلغُ ثمنُهَا 70 قرشاً لبنانيّاً. وموزُهُم ضخمُ الحجمِ، تبلغُ الموزةُ منهُ حجمَ موزتين لبنانيتين، وثمنُ الواحدةِ 60 قرشاً لبنانيّاً.