info@daheshism.com
الصحة,   الأمراض,   الأطباء: 

 

بمُناسبة مرور 11 شهرًا

على سقطة الموت

                          

اليوم تاريخه 16 آذار 197. فقد مرَّ إذاً  على حادث سقوطي، سقطة الموت المزلزلة أحد عشر شهرًا، إذ بتاريخ 16 نيسان 1976، وفي الساعة العاشرة منه، سقطتُ سقطة الموت المفجعة، فحملتُ إلى المستشفى وكنتُ في حالةٍ يرثى لها: مغمىً، مُدّمَى، وثمة كدمة مؤلمة تحت عيني. وذقني التي اصطدمت بالأرض اصطدامًا مروّعًا ترضضت بعنفٍ شديد. وقد تمزقت عضلات فخذي الاثنين فعجزتُ عن السير تمامًا.

       وفور وصولي إلى المستشفى وضعوني في عربة المرضى ذات العجلات، وأدخلوني لغرفة التصوير، وكنت أشعر بألم فظيع في خنصر يدي اليُسرى. وقد صوروا يدي ثماني صور كهربائية بالأشعة فوق البنفسجية، وقال الطبيب: إن بأصبعكَ شُعرًا بدون كسر. وأكمل قائلاً: كنا نظنُّ أن حوضك قد تحطَّم، وذلك لعدم استطاعتك السير، ولكن تبين لنا أن عضلات فخذيك قد تمزقت لعنف السقطة التي منيتَ بها، ويظهر أن عظامك صلبة وقوية للغاية، أو أن العناية الإلهية قد حفظتك فلم يتحطم حوضك، ولهذا يمكن العودة إلى المنزل.

       وغادرتُ المستشفى بعدما صوروا كفّ يدي اليسرى وساقي الاثنتين، وأعلموني بالنتيجة. وكنتُ بحالة يُرثى لها حقًا، فآلامي هائلة للغاية. وكانت ليلتي ليلاء بآلامها، رهيبة بأوجاعها الفظيعة المتواصلة، والتي يعتجز قلمي عن وصفها.

كنت أئنُّ أنينًا متواصلاً، وأنا أجترُّ ىلامي اجترارًا. ومضتِ الايام تباعًا، وآلامي مستمرة. وكان ورمُ يدي مخيفًا للغاية. وقد عرضتُها في خلال شهرين على عشرة أطباء، وكل منهم يُدلي برأيه الذي يختلف عن رأي زميله. وقد كلفتني ستشاراتهم الطبية وعلاجها في المستشفى بالماء الساخن والبارد مبلغ الفين وستمئة دولار دون أن أحصل على أية نتيجة مُرضية.

       أما عضلات الفخذين الممزقين، فقد ألزمتني الفراش لا أستطيع السير مدة خمسة عشر يومًا. ثم ابتدأت أسير بتؤدة، ثم رويدًا رويدًا اصبح سيري عاديًا. أما يدي، هذه اليد المسكينة، بل التعيسة، وإصبعها الصغير المعطل، فقد استمر ألمها الشديد للغاية، هذا الألمُ الجهنمي، استمر ملازمًا لي حتى هذا اليوم، وذل بعد مرور أحد عشر شهرًا. فإنني حتى هذا اليوم لا استطيع أن أطبق أصابع يدي اليسرى على كفي وهو متورمٌ للغاية، وقد أصبح لعنةً عليَّ. فإنني أشعر كل دقيقة بحرارة الجحيم تجتاح يدي وتسري في كفي بأكمله.

       وقد اصبحت ثقتي بالأطباء مفقودة، وتبخر إيماني بعلمهم المزعوم تبخرًا شاملاً عامًا، ولم يبقَ لي من الأمل إلا بالله العلي العظيم، وإلا فالقبر سيواريني.

                                  الولايات المتحدة الأميركية

                           كتبت في القطار الذاهب إلى نيويورك

                           في الساعة 10 وثلث من صباح 16/3/1977