info@daheshism.com
عالم الجن:

 

ابنةُ ملكِ الجنّ

                                       

شقراءُ ذاتُ جمالٍ مُذهل،

شعرها مُنسدلٌ من قمة رأسها حتى أخمص قدميها.

هفهافة، قدُّها سمهري،

عنقها رهيفٌ، وذقنها آيةٌ في الإبداع.

عيناها تُخجلان المها،

تُعميان من ينظرهما،

وكأنهما سهمان مسدَّدان إلى القلوب المُتيمة بروعتهما.
عُمرُها ستة عشر ربيعًا.

كلُّ ما فيها يُغري،

فصدرها ناهض،

وخدُّها أسيل،

وخصرها نحيل،

وقوامها أملود.

وقفتْ هذه الغادةُ الساحرة بفتنتها الفردوسية

في الحديقة تحت نافذتي.

وكنتُ أُلقي إليها ببعض الأشياء:

بالونٌ مستطيل وقد امتلأ بالهواء،

قطعٌ من الورق،

رمزٌ ممزَّق،

سيارةٌ مما يلعبُ به الأطفال،

قلمٌ وورقةٌ صفراء،

زهرةُ فلٍّ ناصعة البياض،

قضيبُ نايلون يلعبُ به الصبية،

إذْ يضعون في أحد طرفيه قطعةً من الورق،

ثم يضغطون بها الأرض فتنفجر.

كانت هذه المليكة الفتانة

تتناولُ ما يُلقى لها بسرعةٍ خاطفة

وتحتفظُ به،

فهو كجوازِ مرور إلى مَن فُتنتْ به

قبل أن يُفتنَ بها.

فعندما تبلغُ هذه الأشياءُ العشرين،

إذ ذاك يمكنها بواسطة السيال العشرين

أن تتسلَّلُ إلى من استهواها في حندس الليل الدجوجي.

وإذ ذاك يُتاح لها أن تتمعَّن في أسارير من أحبته

وتتملَّى النظر المشوق الى من استولى على قلبها،

وفتنَ لبها،

وحرمها من عالم الجن البعيد عن عالم أرض البشر.

فقد غادرت عالمها الجميل،

واستقرت في الحديقة، تحت النافذة،

تنتظر بفارغ الصبر ما يُلقى لها،

فتحفظُ به كل الاحتفاظ،

إذْ عندما تبلُغُ تلك القطعُ عشرين قطعةً،

إذْ ذاك يُمكنها أن تتجسَّد لِمَنْ أحبتهُ بجوارحها،

قائلةً في نفسها:

  • ما يدريني، فربما، حين أتجسّدُ أمامه

ويُشاهدُ محاسني العجيبة،

حينئذ أفتنته، فيقترن بي،

وهذا غاية مُبتغاي.

                                            بيروت، الساعة 11 ليلاً

                                            في 24/7/1972