info@daheshism.com
كائنات الأرض:

 

أيتها النحلة

 

سعيدةٌ أنتِ أيتها الشَّفافة الجناحين.

سعيدةٌ بجوسكِ الحقولَ النضرة والمروج الباسمة،

حيث تتنقّلين بين أصناف الورود الفتّانة والرياحين العبقة الأريج.

أنتِ هانئةٌ عندما تمتصّين رحيق الأزهار المسكر فتنتشين،

ومبتهجةٌ عندما تتغنّين على أكمام شقائق النعمان القاني اللون،

وطروبةُ بدليل طنينكِ الموسيقيّ الأخّاد

عندما تحطّين على أقحوان الغاب الخلاّب.

أنت ضحوكةٌ عندما تنشرين جناحيكِ للنسيم العبق

وتحلّقين صعدًا نحو بروج السماء.

أنتِ تتفوّقين بأن

غامك العذبة على موسيقى موزاروشوبان وبيتوڤن،

فتلكَ خلقتها يد الصناعة، أما أنغامكِ فهي هبة السماء ومنحة الله،

أنتِ لا تشعرين بالتعب أيتها النحلة.
تدأبين على امتصاص مختلف الأزهار،

وتحيلينها إلى شهد لذيذ تشتهيه النفوس.

عظيمةٌ أنتِ يا نحلتي اللطيفة،

وأعظم منكِ من وهبكِ هذه المعرفة التي تعجز الافهام عن كنهها.

آه ليتني كنت نحلةً لطيفةً مثلكِ

كي أتمكَّن من العيش بين أحضان الغابات الكثيفة،

هناكَ حيث تحيا الطمأنينة التي فقدناها نحن معشر البشر اللؤماء.

                                                       بيروت،28 أيلول 1948